الأردن يستهدف تنمية الأعمال التجارية الصغيرة ليُنعِش الإقتصاد

تزداد وتيرة القيادة الوطنية لتعزيز الدعم المُقدَّم للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الأردن، وتتصدرها زيادة فرص الوصول إلى، والحصول على، التمويل والخطط الرامية إلى خلق بيئة عمل صديقة وأكثر ملاءمة للأعمال.

الشركة الأردنية لضمان القروض: مهمتها تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة وخلق صندوق لتسهيل عملية الإئتمان

عمّان – ليلى الشامي

في حزيران (يونيو) الفائت أعلن البنك الدولي والبنك المركزي الأردني عن إطلاق مشروع بقيمة 99 مليون دولار الذي يوفّر ويُقدّم دعماً مالياً مُبكراً إلى أكثر من 200 شركة ناشئة في جميع أنحاء البالد. وسيستثمر البنك الدولي 50 مليون دولار في هذه المبادرة، مع توفير مبلغ 49 مليون دولار المُتبقي من البنك المركزي. كما سيتم توفير حوالي 3.5 ملايين دولار كدعم مالي لمستثمرين شركاء.
وكجزء من عملية التنفيذ، سيتم إنشاء صندوقٍ لشركات الإبتكار المبتدئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم لمساعدة الشركات الصغيرة الحجم. ويهدف هذا الصندوق دعم رواد الأعمال من مرحلة ما قبل الاستثمار وحتى تطوير المنتجات، حيث سيقوم بالتركيز بشكل أساسي على الشركات القائمة في قطاعات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات والأعمال الزراعية والأدوية والمياه والطاقة الخضراء. وقد كُلِّفت الشركة الأردنية لضمان القروض بإنشاء شركة جديدة لإدارة الصندوق، ومن المتوقع أن يتم تسجيلها في نهاية العام.

الأولوية لتعزيز الإئتمان

تهدف هذه المبادرة إلى تسهيل حصول الشركات الصغيرة والمتوسطة على القروض، التي طالما شكّلت تحدّياً كبيراً للشركات الصغيرة في المملكة الهاشمية.
وقد ذكر البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في العام 2015 أن ما يقرب من 70٪ من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تمّ مسحها في الأردن يمكن تصنيفها على أنها مُقيَّدة بالإئتمان، مقابل 19.7٪ فقط من الشركات الكبيرة. وتدعم النتائج التي توصل إليها البنك الأوروبي نتائج دراسة إستقصائية أجراها البنك الدولي في العام 2013، التي حدّد فيها بأن ما يقرب من نصف الشركات الصغيرة في الأردن (48.7٪) تعاني من عدم إمكانية الحصول على التمويل كقيد رئيسي، مقابل 33.1٪ من الشركات المتوسطة الحجم و 18.7٪ من الشركات الكبيرة.
ووفقاً لما ذكره محمد الجعفري، المدير العام للشركة الأردنية لضمان القروض، فإن الشركات الصغيرة تواجه عقبات عدة محددة عند محاولة الحصول على إئتمانات من المقرضين التقليديين. وقال: “إن فرص التمويل ليست كلها نفسها بالنسبة إلى الشركات الكبيرة والشركات الناشئة. إن الشركات الكبرى لديها فرص أفضل لأنها يمكن أن توفّر المعلومات المطلوبة خصوصاً المالية، في حين أن الشركات الصغيرة والشركات المبتدئة عادة ليست لديها أي معلومات أو ضمانات لدعم طلب للحصول على قرض”.
وتترتب على الإفتقار إلى السيولة آثار في كلٍّ من المشاريع الصغيرة والإقتصاد الأوسع في البلد. وتمثّل الشركات الصغيرة والمتوسطة ما يقرب من 40٪ من إجمالي الناتج المحلي الإسمي في الأردن، وتشكل الشركات الصغيرة 98٪ من جميع الشركات العاملة في المملكة. كما توفر العمالة لحوالي 71٪ من العاملين في القطاع الخاص، وفقاً لأرقام منظمة التعاون والتنمية في الميدان الإقتصادي.

التغييرات التنظيمية قيد الإعداد

بالإضافة إلى تخفيف القيود على الإئتمان، تعمل الحكومة أيضاً على مبادرة تنظيمية تهدف إلى تعزيز ظروف الأعمال التجارية للمشاريع الصغيرة.
في أواخر نيسان (إبريل) الفائت، أطلقت المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الإقتصادية ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الإقتصادي مشروعاً بقيمة 1.3 مليون دولار لتحسين المشهد التجاري للمُشغّلين الصغار. وتحت عنوان “دعم الأردن في تحسين سياسات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم”، تشمل أهداف المبادرة إلى وضع سياسات أكثر ملاءمة للأعمال التجارية لأصحاب المشاريع وتسهيل المزيد من التعاون بين المؤسسات العامة والخاصة.
وتماشياً مع إستراتيجية المشروع، تم تخصيص 200 مليون دينار (282.2 مليون دولار) من الأموال للبنوك المرخصة لتوزيعها على الشركات الصغيرة والمتوسطة على وجه التحديد. وسيدعم هذا الدعم المالي بأسعار فائدة تنافسية وفترات سماح داعمة للسداد.
وأكدت ريم قسوس، المديرة العامة لفرع “إنديفور” في الأردن (Endeavor Jordan)، المنظمة غير الهادفة للربح التي تقدم الدعم للأعمال التجارية وتقديم المساعدة لرواد الأعمال الأردنيين، أهمية إتخاذ تدابير تلبي الإحتياجات الفريدة للشركات الصغيرة. وقالت: “يجب على واضعي السياسات في الأردن أن يبدوا إهتماماً خاصاً بالنسبة إلى القطاعات السريعة النمو من الشركات داخل قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة. فهذه هي الشركات التي تولّد وظائف جيدة، وتحسّن الإنتاجية، وتعزّز المكانة التنافسية، وتدفع النمو الاقتصادي. وتختلف إحتياجاتها عن إحتياجات الشركات التقليدية، بما في ذلك الحصول على التمويل، ومن ثم ينبغي إيلاء إهتمام خاص لصياغة السياسات بسبب تأثيرها المضاعف”.
وفي الوقت نفسه، قُدِّمت توصيات إضافية لتحسين الإطار القانوني المحيط بصناديق الإستثمار في محاولة لتعزيز الدعم المالي والتقني واللوجستي المتاح للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم.
ووفقاً لوسائل الإعلام المحلية، فإن دراسة أصدرها منتدى الإستراتيجيات الأردني في منتصف أيار (مايو) حدّدت صناديق الاستثمار، مثل صناديق رأس المال الإستثماري والأسهم الخاصة، بإعتبارها المؤسسات الأفضل لدعم المشاريع الصغيرة. ودعت أيضاً إلى إصلاح القوانين القائمة للمساعدة على تعزيز الإقراض. وأفادت دراسة المنتدى بان العلاقة بين مؤسسات الدولة والمستثمرين في القطاع الخاص يجب توضيحها لضمان حماية الجانبين عند الإستثمار فى الشركات الصغيرة والمتوسطة.
كما تم تسليط الضوء على كيانات التأجير والتمويل الأصغر كمصدر محتمل لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم. ومع ذلك، يرى أحمد عمودي، المدير العام ل”كريف” في الأردن، وهو مكتب الإئتمان التشغيلي الوحيد في البلاد، أن التغيير الهيكلي ضروري إذا ما أريد تحقيق الفوائد المحتملة لهذه الأشكال من التمويل.
وقال: “تمثل هيئات التأجير والتمويل الأصغر مصادر تمويل كبيرة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وتكلفة الاقتراض من هذه المصادر أعلى بكثير من البنوك”. مضيقاً: “ان مكتب الائتمان سيساعد المقترضين من الخريجين ويقدمهم إلى القطاع المصرفي الرسمي من اجل تحسين شروط الإقتراض”.

البيروقراطية ما زالت تشكل تحدياً

وأخيراً تعززت المخاوف بشأن البيئة التنظيمية في الأردن من خلال مؤشرات دولية أظهرت نتائج متباينة.
وفي الوقت الذي إرتفع الترتيب العام للمملكة في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال الذي وضعه البنك الدولي في العام 2017 إلى 118 من أصل 190 سوقاً شملها الإستطلاع، فقد تراجعت البلاد في فئات فرعية تتطلب تعاوناً كبيراً بين الشركات والحكومة. ففي فئة الأعمال التجارية المبتدئة، إنخفض الأردن ثماني مراتب إلى 106. كما إنخفض أيضاً 13 نقطة إلى 109 في التعامل مع قسم تصاريح البناء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى