إعادةُ تنظيمِ العلاقاتِ الأميركية-السعودية لعصرِ الذكاءِ الاصطناعي

يمكن للولايات المتحدة أن تُنشئ نموذجًا قابلًا للتكرار للتعاون الرقمي في منطقة الخليج ودول الجنوب العالمي الأوسع -وفتح آفاق أوسع أمام الشركات الأميركية للوصول إلى الأسواق- من خلال التفاوض على شراكة شاملة في مجال الذكاء الاصطناعي مع المملكة العربية السعودية.

دونالد ترامب والذكاء الاصطناعي: إنَّ شراكةً تُركّزُ على الابتكارِ والتقدُّم التكنولوجي المُشتَرَك يُمكِنُ أن تُعيدَ تعريفَ العلاقات الأميركية-السعودية في العصر الرقمي.

محمّد سليمان*

مع تَسارُعِ وتيرة تحوُّل المملكة العربية السعودية إلى قوّةٍ تكنولوجية عالمية، تُتاحُ للولايات المتحدة فرصةً محورية لإعادة صياغة شراكتها مع الرياض. وبعيدًا من إطار النفط مقابل الأمن التقليدي، يُمكنُ لشراكةٍ جديدة تُركّزُ على الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية أن تُرسِّخَ العلاقات الأميركية-السعودية في القرن الحادي والعشرين. تهدفُ رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى تنويع اقتصاد المملكة وترسيخ مكانتها كدولةٍ رائدة في الابتكار التكنولوجي. وقد تمَّ استثمارُ مبالغ طائلة لتطوير القدرات المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، بما في ذلك إطلاق المركز الوطني لأشباه الموصلات وشراكات مع شركات تقنية عالمية مثل “غوغل”. وقد أبرزت فعالياتٌ مثل مؤتمر “ليب 2025” (LEAP 2025)، وهو مؤتمرٌ سنوي للتكنولوجيا يُعقَدُ في الرياض، التزام المملكة، حيث استقطبت استثماراتٍ بمليارات الدولارات، وركّزت على مكانة المملكة العربية السعودية كمركزٍ إقليمي للتكنولوجيا.

إنَّ الموارد المالية الهائلة للمملكة، واستثماراتها الاستراتيجية في الذكاء الاصطناعي، واحتياطاتها الفائضة من الطاقة، تجعلها منافسًا قويًا في السباق العالمي نحو الهيمنة الحاسوبية، ومحورًا أساسيًا في منظومة الذكاء الاصطناعي الناشئة. بالنسبة إلى الولايات المتحدة، يُمثّلُ هذا الوضع فرصةً استراتيجية لتوطيد العلاقات مع حليفٍ رئيس. يمكن للولايات المتحدة دعمَ جهود التحديث في السعودية من خلال التعاون في المبادرات التكنولوجية، مع ضمانِ مصالحها في منطقةٍ تتأثّرُ بشكلٍ متزايد بالمنافسة التكنولوجية العالمية. إنَّ شراكةً تُركّزُ على الابتكارِ والتقدُّم التكنولوجي المُشتَرَك يُمكِنُ أن تُعيدَ تعريفَ العلاقات الأميركية-السعودية في العصر الرقمي.

طموحاتُ السعودية في مجالِ الذكاء الاصطناعي

تبرز المملكة العربية السعودية بسرعة كقوة مؤثّرة في المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي. وفي إطار رؤية 2030 الطموحة، تُسخّر مواردها المالية الضخمة واستثماراتها الاستراتيجية واحتياطاتها الوفيرة من الطاقة لترسيخ مكانتها كمركزٍ محوري في منظومة الذكاء الاصطناعي العالمية. وتتصدّرُ الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) هذا التحوُّل، حيث وضعت استراتيجية وطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي تهدفُ إلى وضع المملكة بين أفضل الدول في هذا المجال بحلول العام 2030. وقد عُرضت هذه الرؤية بشكلٍ بارز في مؤتمر “ليب 2025” (LEAP 2025) للتكنولوجيا في الرياض، حيث أعلنت السعودية عن استثماراتٍ في مجال الذكاء الاصطناعي تتجاوز 14.9 مليار دولار. وتؤكّدُ هذه الاستثمارات التزامَ المملكة بأن تصبحَ مركزًا إقليميًا وعالميًا للذكاء الاصطناعي، مع تخصيص مليارات الدولارات للبنية التحتية والذكاء الاصطناعي وجولات التمويل للشركات الناشئة. والجدير بالذكر أن شركة “غروك” (Groq) الأميركية الناشئة في مجال رقائق الذكاء الاصطناعي حصلت على التزامٍ بقيمة 1.5 مليار دولار من المملكة لتوسيع نطاق توفير رقائق الذكاء الاصطناعي وإنشاء مركز بيانات في الدمام. ومن المقرّر أن يُسهمَ التعاون بين “غروك” و”أرامكو الرقمية” (Aramco Digital) في بناء أكبر مركزِ بياناتٍ لاستنتاج الذكاء الاصطناعي في العالم، مما يجعل المملكة العربية السعودية مركزًا حيويًا لخدمات الذكاء الاصطناعي في أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا. سيُخَصَّص هذا المرفق الحاسوبي الضخم لتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي آنيًا، مع التركيز بشكل خاص على مرحلة الاستدلال في معالجة الذكاء الاصطناعي – وهي المرحلة التي يُطبَّقُ فيها نموذجُ الذكاء الاصطناعي المُدرَّب معرفته على بياناتٍ جديدة وغير مرئية لتوليد تنبؤات أو قرارات آنية، مما يُتيح نشرًا سريعًا وقابلًا للتوسع للذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات.

الجغرافيا والطاقة والاتصال

تقع المملكة العربية السعودية عند تقاطع آسيا وأفريقيا وأوروبا، مما يجعلها مركزًا حيويًا في الشبكة العالمية الناشئة للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي والاتصال الرقمي. يوفّر هذا الموقع الاستراتيجي مزايا لوجستية لا مثيلَ لها لتوجيه البيانات، وخدمات الحوسبة السحابية منخفضة الكمون، وتوزيع قدرات الذكاء الاصطناعي عبر ثلاث قارات. ومع تحوُّلِ تدفقات البيانات العالمية إلى بُعدٍ حاسم للقوة الوطنية، فإنَّ دور المملكة كبوابة جغرافية يُمكّنها من العمل كعمودٍ فقري إقليمي للذكاء الاصطناعي، يربط الأسواق الشرقية والغربية بسلاسة.

ويَحظى فائضُ الطاقة في السعودية بالقدر نفسه من الأهمية. فمع تزايد اعتماد العالم على أنظمة الذكاء الاصطناعي كثيفة الحوسبة، تتزايدُ متطلّبات الطاقة لتدريب ونشر نماذج لغوية كبيرة وتشغيل أحمال عمل الاستدلال المتقدّمة بشكلٍ كبير. وتمتلك المملكة القدرة على تلبية هذا الطلب على نطاقٍ واسع. إنها واحدة من الدول القليلة القادرة على توفير الطاقة المتجددة والقائمة على الهيدروكربونات بكميات صناعية وبتكاليف منخفضة نسبيًا – وهي ظروف حاسمة لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، والتي غالبًا ما تستهلك عشرات الميغاواط من الطاقة المستمرة. اعتبارًا من العام 2025، تستضيف السعودية 33 مركزَ بيانات قائمًا ولديها 42 منشأة إضافية قيد التطوير، ومن المتوقع أن تضيفَ مجتمعةً ما يقرب من 2.2 جيغاواط من سعة تحميل تكنولوجيا المعلومات – أي ما يقرب من سبعة أضعاف زيادة عن المستويات الحالية. وتُعزّزُ البنية التحتية للطاقة في المملكة طموحاتها في مجال الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، من المقرر أن يوفر مشروع “مراكز بيانات ديزرت دراغون” (Desert Dragon Data Centers) 187 ميغاواط من السعة عبر مواقع متعددة، بما في ذلك الرياض وجدة والدمام ونيوم.

وإلى جانب الطاقة والموقع، تستثمر السعودية بكثافة في البنية التحتية الرقمية -الكابلات البحرية ومراكز البيانات فائقة السرعة وشبكات الألياف عبر الحدود- مما يُعزّزُ بشكلٍ أكبر من ملف اتصالها العالمي ويشير إلى طموحها في أن تصبح مركزًا للنقل الرقمي. ستكون هذه البنية التحتية المتوسّعة للنطاق التردّدي ضرورية لنقل مجموعات البيانات الضخمة التي تتطلّبها أنظمة الذكاء الاصطناعي، ولتمكين الخدمات السحابية الفورية.

وبالنظر إلى هذه المزايا الجغرافية، ومزايا الطاقة، ومزايا الاتصال، فإنها لا تجعل المملكة مجرّد لاعبٍ إقليمي، بل قوة صاعدة في مجال البنية التحتية في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي. بالنسبة إلى الولايات المتحدة، يجعل هذا المملكة شريكًا استراتيجيًا مفضَّلًا – شريكًا قادرًا على استضافة ودعم وتوسيع نطاق عمليات نشر الذكاء الاصطناعي الأميركية، مع توفير نفوذ جيوستراتيجي على ممرات التكنولوجيا المتنافسة التي تبنيها الصين، لا سيما من خلال مبادرة طريق الحرير الرقمي. في عالمٍ تُعاد فيه رسم خريطة القوة في مجال الحوسبة والكابلات والكيلوواط، تُصبح الجغرافيا الطبيعية والرقمية للمملكة العربية السعودية رصيدًا أساسيًا.

الاستثمار في مستقبل التكنولوجيا في أميركا

وسّع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وهو صندوق الثروة السيادية للمملكة، حضوره بشكلٍ كبير في قطاع التكنولوجيا الأميركي، معزِّزًا دور الرياض في منظومة الذكاء الاصطناعي العالمية. واعتبارًا من الربع الثالث من العام 2024، زاد صندوق الاستثمارات العامة استثماراته في الأسهم الأميركية إلى 26.7 مليار دولار، مقارنة بـ 20.7 مليار دولار في الربع السابق، وفقًا لبياناتٍ صادرة عن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC). ويعكس هذا النمو استثماراتٍ استراتيجية في شركات التكنولوجيا الرائدة، بما فيها “مجموعة لوسيد” (Lucid Group)، و”أوبر” (Uber)، و”إلكترونيك آرتس” (Electronic Arts).

تتجاوز استثمارات صندوق الاستثمارات العامة مجال الذكاء الاصطناعي. إذ يمتلك الصندوق حصةً في شركة “لوسيد موتورز”، وهي شركة أميركية لتصنيع السيارات الكهربائية، وقد التزم بشراء ما يصل إلى 100,000 سيارة كهربائية خلال العقد المقبل. بالإضافة إلى ذلك، استثمر صندوق الاستثمارات العامة، من خلال شركته التابعة للألعاب، “مجموعة سافي غايمز” (Savvy Games Group)، أكثر من 37.8 مليار دولار في صناعة الألعاب، بما في ذلك استحواذه على شركة “سكوبيلي” (Scopely) الأميركية لتطوير ألعاب الهواتف المحمولة بقيمة 4.9 مليارات دولار. إنَّ هذه الاستثمارات لا توفّرُ رأس مالٍ حيوي للشركات الناشئة الأميركية فحسب، بل تُبرزُ أيضًا تحوُّلًا أوسع نطاقًا في العلاقات الأميركية-السعودية، وهو تحوُّلٌ يرتكز بشكلٍ متزايد على التقدّم التكنولوجي المشترك إلى جانب الركائز التقليدية للطاقة والأمن. ويُعَدّ حجم وتركيز الاستثمارات التقنية السعودية دليلًا واضحًا على أنَّ الشراكة الثنائية قد دخلت مرحلةً جديدة، حيث أصبح الابتكار والبنية التحتية الرقمية الآن محورًا أساسيًا للتعاون الاستراتيجي.

نحو إطارِ عملٍ استراتيجي للذكاء الاصطناعي

يُهدّدُ الهيكلُ الحالي لضوابط التصدير الأميركية -لا سيما في ما يتعلق بشرائح الذكاء الاصطناعي المتقدّمة- بإضعاف المكانة الاستراتيجية الأميركية في المناطق التي تسعى إلى استقرارها. يُصنّف إطارُ عملِ إدارة جو بايدن لنشر الذكاء الاصطناعي الدول إلى ثلاث فئات لتنظيم الوصول إلى شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدّمة. تشمل الفئة الأولى الولايات المتحدة و18 من حلفائها الرئيسيين مع وصولٍ غير مُقَيَّد. تغطي الفئة الثانية معظم الدول الأخرى، بما في ذلك الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، التي تواجه قيودًا على الوصول من خلال متطلبات ترخيص وحدود قصوى لواردات شرائح الذكاء الاصطناعي. تضم الفئة الثالثة منافسين وخصومًا مثل الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وهي دولٌ ممنوعة فعليًا من استيراد شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدّمة وأوزان النماذج. تُصنّف المملكة العربية السعودية كدولةٍ من الفئة الثانية، وهو تصنيفٌ يُقَيِّدُ وصولها إلى أشباه الموصلات المتطوّرة من خلال قيودٍ على الشرائح وترخيص كل حالة على حدة. تقوم فلسفة قاعدة انتشار الذكاء الاصطناعي على اعتبار الحوسبة سلعة استراتيجية، ينبغي على الولايات المتحدة التحكُّم فيها من خلال تحديد مَن يحقُّ له الوصول إليها وبأيِّ كميات. في هذا الإطار، لم تَعُد الحوسبة مجرّد موردٍ تقني؛ بل أصبحت رافعة أساسية للقوة الجيوسياسية.

في حين أنَّ هذا الإطار مُتعدِّد المستويات يهدف إلى منعِ تسرُّب التقنيات ذات الاستخدام المزدوج إلى خصومٍ مثل الصين، إلّا أنه يُعاقِب بشكلٍ متزايد شركاء الولايات المتحدة الرئيسيين ويُعيقُ التوافق التكنولوجي الأعمق والأطول أمدًا. كما إنه يرتكزُ على افتراضٍ خاطئ بأنَّ احتكارَ أميركا للحوسبة أمرٌ مُسلّم به، وأنَّ الصين ستتبع مسارًا خطيًا ومُقيّدًا نحو التفوّق في الحوسبة، مُقيّدًا بنقاط الاختناق التي تسيطر عليها الولايات المتحدة عبر سلسلة القيمة العالمية للحوسبة. إلّا أنَّ هذا الافتراض لم يَعُد صحيحًا.

تُؤكد التطوّرات الأخيرة لشركة “هواوي” هذا التحوُّل. تستعدُّ الشركة لاختبار معالج ذكاء اصطناعي من الجيل التالي مُصمَّم لمنافسة العروض العالمية الرائدة. وعلى الرُغم من العقوبات الأميركية التي تُقيّد الوصول إلى تقنيات تصنيع الرقائق الأساسية، فقد أثبتت “هواوي” مرونتها من خلال استخدام تقنيات تغليف متقدّمة لدمج مكوِّنات متعددة لتحسين الأداء. رُغم أنَّ هذه الشريحة لا تزال في مراحلها الأولى من التطوير، إلّا أنها تعكُس القدرات الصينية المتسارعة في مجال أجهزة الذكاء الاصطناعي. إنَّ هذه التطورات تُشكّكُ في افتراض مسارٍ خطيٍّ ومتأخرٍ لصعود الصين في مجال الذكاء الاصطناعي. كما تُشير إلى أنَّ نقاط الاختناق وحدها -سواءً في تصميم الشريحة أو تصنيعها أو سياسات التصدير- لن تكفي لإبطاء تقدُّم الصين في مجال الذكاء الاصطناعي المُتقدّم بشكلٍ ملموس.

لهذا السبب، فإنَّ النهجَ الحالي لضوابط التصدير ليس فقط غير مُجدٍ ديبلوماسيًا، بل هو أيضًا مُدمّر اقتصاديًا. فهو يُقوّض القدرة التنافسية للشركات الأميركية من خلال تآكل حصتها في السوق العالمية وربحيتها، ويضعها في وضعٍ غير مؤاتٍ أمام منافسيها الأقل تقييدًا، وخصوصًاً مُزوّدي البنية التحتية الرقمية الصينيين مثل “هواوي” وألي بابا كلاود”. تتوسع هذه الشركات بسرعة في جميع أنحاء الجنوب العالمي، مُقدِّمةً أنظمةً بيئية جاهزة للذكاء الاصطناعي خالية من الحواجز الاستراتيجية التي تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيزها. إذا فشلت واشنطن في تقديم بدائل موثوقة وقابلة للتطوير، فإنها تُخاطر بفقدان نفوذها على هندسة وهيكل البنية التحتية العالمية للذكاء الاصطناعي.

يتمثّل المسار الأكثر استراتيجيةً للمضي قدمًا في التخلي عن نظام التصنيف المتدرّج تمامًا واستبداله بنظامِ ترخيصٍ عالمي مُوَحَّد قائم على اتفاقيات مُلزِمة بين الحكومات في مجال الذكاء الاصطناعي. من شأن مثل هذه الاتفاقية مع الرياض -على غرار الضمانات الثنائية المُضَمَّنة في صفقة “مايكروسوفت-جي42” (G42-Microsoft) لعام 2024- أن تُرسي نموذجًا جديدًا للتعاون الآمن في مجال الذكاء الاصطناعي. بموجب هذا النموذج، ستلتزم المملكة العربية السعودية بضوابط تصدير صارمة، ومعايير معتمدة للمستخدم النهائي، وبنية تحتية خاضعة لحُكمٍ مشترك، مقابل وصولٍ أوسع إلى أجهزة الذكاء الاصطناعي الأميركية والنماذج التأسيسية. والأهم من ذلك، سيوفّر هذا مرونةً في السياسات لمراعاة الثقة الاستراتيجية وقدرة الحوكمة المشتركة، بدلًا من فرض قرار ثنائي “المستوى الأول أو المستوى الثاني”.

يمكن للولايات المتحدة أن تُنشئ نموذجًا قابلًا للتكرار للتعاون الرقمي في منطقة الخليج ودول الجنوب العالمي الأوسع -وفتح آفاق أوسع أمام الشركات الأميركية للوصول إلى الأسواق- من خلال التفاوض على شراكةٍ شاملة في مجال الذكاء الاصطناعي مع المملكة العربية السعودية. في عالم أصبحت فيه القدرة الحاسوبية، وتوطين البيانات، وسيادة السحابة روافع قوة استراتيجية، ستوفّر هذه الشراكة مخططًا لمواءمة المعايير الأمنية والاقتصادية والتكنولوجية. يجب أن يعكسَ مستقبل ضوابط التصدير واقع الترابط وبناء التحالفات، بدلًا من الاعتماد على تسلسلات ثقة جامدة. من خلال تمكين المملكة العربية السعودية من تسريع تحوّلها إلى اقتصاد متنوّع قائم على المعرفة، يمكن للولايات المتحدة في الوقت نفسه تعزيز نفوذها الاستراتيجي في الشرق الأوسط من خلال تبنّي هذا الإطار الاستشرافي.

  • محمد سليمان هو زميل أول في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، حيث يستكشف تحديات السياسات المرتبطة بتقاطع التكنولوجيا والجغرافيا السياسية والتجارة في الشرق الأوسط والأسواق الناشئة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى