العدالة قلب
رشيد درباس*
للراحل الكبير يوسف جبران محاضرة عنوانها: الدعوى حرب ومسرح، صاغها بأناقة لغوية مدهشة مصحوبة بخفّة ظلٍّ كاد يطير الحبر بها؛ استمعتُ إلى تلك المحاضرة عندما كنتُ مُتدرِّجًا في قاعة نقابة محامي طرابلس عام 1967، وما زالت عالقة في ذهني لما حَوَت من قواعد وتوجيهات؛ يومها فهمتُ أنَّ القضاء هو قلبٌ كبير مُفعَمٌ بالحكمة والعلم والرصانة والنزاهة والشجاعة.
لم أجد تحيّة أليَق مما ذكرت أوجّهها للقاضي الشجاع النبيل اللبيب صاحب القلب الكبير الرئيس منير سليمان (رئيس محكمة التمييز العسكرية) والمستشارين العمداء الأربعة الذين وقفوا معه كأعمدة الهيكل.
إنَّ الدعوى مسرحٌ راقٍ، لا يجوزُ أن يَظهرَ على خشبته الأدعياء الذين يُنصِّبون أنفسهم حكّامًا، وولاةً للوطنية في حين أننا نعرف مَن هُمُ ولمَن همُ ولمَن تُمثَّلُ هذه الأدوار كما يقول الجواهري.
لقد هاتفتُ حضرة القاضي السامي الاحترام من باب الشكر، فأجابني بجملةٍ هي نبراسٌ لكلِّ مَن يوالي العدالة، قال: “لقد كتبتُ حُكمي مع زملائي المستشارين، بكلِّ دقةٍ وحرفية، لأنأى بنفسي عن شكر الشاكرين ولوم اللائمين”.
إنَّ الأحكامَ علنية، فليقرأها أهل الخبرة، ويُعلّقوا عليها، فهذا مُباحٌ ومُتاحٌ للمعنيين، أما أن يكونَ التعليقُ عليها بالتحريض والإثارة، فهذا ما يقع تحت طائلة الملاحقة.
- رشيد درباس هو وزير لبناني سابق يعمل بالمحاماة، كان سابقًا نقيبًا لمحامي شمال لبنان.