“بِلَيلِه بردانِه” قبل 47 سنة
هنري زغيب*
كان ذلك سنة 1978، في جلسة عائلية لدى ماجدة الرومي وزَوجِها. وكنَّا على مقرُبةٍ من زمن الميلاد، بعد أَسابيعَ قليلةٍ من ليلة عنَّايا (28 حزيران/يونيو 1978)، ذاتَ أَنشَدَتْ ماجدة، أَمام محبسة شربل، أَولَ قصيدةٍ كتَبْتُها لها ولَحَّنَها جوزف خليفة: “يا غافي وعيونَك لَعينَيْنا نُور… زَهَّرِتْ عَ جفونَك حبِّة البخور”.
خلال تلك السهرة في بيتها، وكنَّا في حديث الميلاد، سأَلَتْني ماجدة أَن أَكتُبَ لها قصيدةً ميلاديةً تُلامس مشاعرَ الناس كما لامسَت مشاعرَهم القصيدةُ السابقة عن شربل.
فكَّرتُ طويلًا بـِما يُـمكنُ أَن أَكتب عن الميلاد ولا أُكرِّر ما سبقَت كتَابتُه، خصوصًا ما أَبدَعَهُ عاصي ومنصور الرحباني وملأَت به فيروز ذاكرةَ الناس ووجدانَهم. وبعدَ يومين، ومعظَمُ تراتيل الميلاد تَذْكُرُ نجمةَ العيدِ الناظرةَ إِليهم من فوق، وفي جميع الأَغاني تبقى جامدةً فوقُ في الفضاء، فكَّرْتُ أَن أُحرِّكَ نجمةَ العيد، وأُؤَنْسِنَها، وأَدعُوَها لتنزلَ إِلى بيتها بيننا، وتعيشَ سهرة الميلاد معنا على الأَرض.
وإِذ كنَّا فترتَها في جَوِّ الحرب، نَنْشُدُ السَلام ونُنْشِدُ له، فكّرتُ لختام القصيدة بمقطعٍ يُخاطب يَسوع أَن يحمِلَ لنا السلام مُشْرقًا من عينَي طفلٍ مُمَدَّدٍ على مِذْودٍ من قش.
كتبْتُ القصيدة، وعَنْوَنْتُها “نجمة السلام”. لَـحَّنها الأَب منصور لبكي، وأَدَّتْها ماجدة بانخطافٍ وجدانيٍّ عميقٍ، فخرَجَتْ القصيدةُ بصوتها أُعذوبةً إِيمانيةً عشيةَ الميلاد 1978. وها هي بعد 47 سنة على ولادتها، لا تزال، كما سابقَتُها قصيدتي عن شربل، حتى اليوم تُشْرق بصوت ماجدة، وتَبقى بين أَحبِّ قصائدي إِلَيّ.
وهذه هي القصيدة:
بِلَيْلِه بردانِه
ما فيها نْواطير
فيه نجمِه سهْرانِه
وسَرَّبتْ بكِّير
لِقْيِتْ على بابا
عجْقِةْ صمْت جْديد
والدني عمتُوعى
والتلج مْواعيد
أَبيض متل الأَمل
واسع للمحبِّه
كان العتْم عابس
صار العتْم حلو
وْ عَ بَيْتا الكواكبْ
صاروا ينزلوا
وبالزوايا
صارت الأَجراس قْناديل
قربت لَحدَّا سِمْعِتْ تْراتيل
يا يسوع… يا يسوع
*
ومن يومَا السلام
توزَّع بالدني
وكبْرِتْ السعادِه
فَرحَه مْلَوَنِه
كرمال البراءَه تَعا
كرمال الطفولِه تَعا
لَلِّي مشرَّدين
لا رغيفْ ولا بيتْ
وناطرين العيد… تَعا
تَعا على بيوتنا
بْــتِــتْــبارَك البْيُوت
يا فرح البعيد يا يسوع
*
يا طفل الـمَغارَه
وَسِّع الـمَغارَه
وطني بردانْ
رجِّعلو الطهارَه
تَ يرجَع منارَه
بِــعَــتْم الزَمان
من دَفا عينيك
امشحو بالإِيمان
وبَشِّر أَهالينا
بِـميلاد الأَمان
يا يسوع
يا يسوع…
- هنري زغيب هو شاعر، أديب وكاتب صحافي لبناني، مدير مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأميركية، مدير “صالون فيلوُكَاليَّا الأدبي”، ورئيس “اللجنة الوطنية اللبنانية لنشر الإبداع اللبناني”. يُمكن التواصل معه عبر بريده الإلكتروني: email@henrizoghaib.com أو متابعته على موقعه الإلكتروني: www.henrizoghaib.com أو عبر منصة (X): @HenriZoghaib



