ماذا لو أَبدَلنا المرأَة بالرجل؟

بقلم هنري زغيب*

مع إِطلالة آذار (مارس)، شهر المرأَة، تهلُّ في العالم أَنشطةٌ تثبِّت وضعها وتَستذكر تاريخًا طويلًا جدًّا للنضال النسَوي، منذ الإِيطالية “كريستينا دو ﭘـيزان” (De Pizan) ( 1364 – 1430) وكتابها “مدينة السيِّدات” (1405) أَول كتاب في العالم عن قضية المرأَة، إِلى الفرنسية “أُولمپ دوغوج” (Olympe de Gouges) (1748 – 1793) وعبارتها الشهيرة “المرأَة المرصودة على المقصلة مرصودَةٌ لها المنابر أَيضًا”، إِلى الأَلمانية “كلارا زِتْكين” (Zetkin)  (1857 – 1933)  صاحبة فكرة “يوم المرأَة العالمي” والمساواة بين الجنسَين (1910 أَي قبل 11 سنة من قرار لينين سنة 1921 إِعلان 8 آذار (مارس) “يومًا عالميًّا للمرأَة”، وقبل 67 سنة من قرار الأُمم المتحدة سنة 1977 تبَنِّي هذا التاريخ “يومًا عالميًّا”)، بلوغًا إِلى سيمونّْ دوبوﭬْـوار (1908 – 1986)، إِلى المصرية عائشة عبد الرحمن “بنت الشاطئ” (1913 – 1998) واختراقها محظورات عصرها بجوهر الإِسلام لا خروجًا على تعاليمه، إِلى اللبنانية عنبرة سلام الخالدي (1897 – 1986) واختراقها تقاليدَ بيئتها دون جحود بيئتها، وُصولًا إِلى الـﭙـاكستانية مَلالا يوسف زاي ونيلِها سنة 2014 “نوبل السلام” وهي في السابعة عشرة.

هذا النضال النسَوي الطويل تطوَّر إِلى تثبيت حق المرأَة في الإقتراع والعمل والزواج العادي والمُختلِط، ودخولها مجالاتٍ جديدةً خارج نمطية ذكورية تُشَرنِقُها، حتى باتت سيدة رائدة في العلوم والتربية والفنون الجميلة، واقتنصت الإعتراف بها “كيانًا مستقلًّا” فاعلًا في بيتها وبيئتها الأَقرب ومحيطها الأَوسع، فنالت تشريعات تحرِّرُها من الزواج المبكِّر أَو المدبَّر والعنف المنزلي وحرمانها من الطلاق، وتساندها في حالات التحرُّش والإِجهاض والحضانة والتنَمُّر والإِكراه من زوجٍ أَو قريب أَو نسيب، وحالات أُخرى كانت قبلًا من “التابو” المتشدِّد.

المرأَة اليوم كسرَت طوق الحصر والخنق والقهر بالإِرغام فإِذا كيانها، في مجالات عدة وظروف متعددة، بات مستقلَّ القرار والتصميم والتنفيذ، وحقَّقت ذاتَها بذاتِها دون سنَدٍ “إِكراميٍّ” من الرجل الذي كم أَصابت مي زيادة تسلُّطيَّته يوم كتبَت: “لو أَبدلنا المرأَة بالرجل، وعاملناه بمثْل ما عامَلَها فحرمناه دهورًا من حقّه في النور والحرية، أَيُّ صورةٍ هزليةٍ تبقى لنا من ذياك الصنديد المغوار؟”.

إستطرادًا: مع دخول المرأَة الميدانَ السياسي، لم تعُد مجرَّد “مزهرية” جميلة لطيفة بين مقاعد مجلس النواب أَو حقائب الحكومة، بل أَثبتَت حضورها رائدةً في الحُكْم والأَحكام والتحكيم، وبعدما كانت لها رائدات معدودات في مطالع الحركات النَسَوية، باتت لها أَصوات عدَّة في ميادين عدَّة لكلٍّ منها رائداتُه.

ولن يكون بعيدًا يومٌ تتولى فيه المرأَة قيادةَ البلاد (في لبنان)، بدون أَن يكون وصولُها مِنَّةً من الرجل وبدون أَن تكون “زوجةَ” أَحدهم أَو “أَرملةَ” أَحدهم أَو “ابنةَ” أَحدهم أَو “مدعومةً” من أَحدهم، بل تبلُغ الحكْم بموهبتها وقدرتها وجدارتها، ولا جدارةَ أَكبر من أَن تكون الطبيعة حَبَتْها نعمةَ الأُنوثة التي هي البدايةُ أَجملُها وأَسطَعُها وأَنقاها.

 

  • هنري زغيب هو شاعر، أديب وكاتب صحافي لبناني مخضرم. يُمكن التواصل معه عبر بريده الإلكتروني: email@henrizoghaib.com أو متابعته على موقعه: henrizoghaib.com
  • يَصدُر هذا الـمقال في أَسواق العرَب تَوَازيًا مع صُدُورِه في صحيفة النهار” – بيروت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى