دولُ الخليج العربية تَسرُقُ الأضواءَ من لاس فيغاس في رياضات القتال

من استحواذ المملكة العربية السعودية على رياضة الملاكمة إلى استثمارات البحرين والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان في فنون القتال المختلطة، تُعيد صناديق الثروة السيادية المدعومة من الدول الغنية بالنفط تشكيل مجال رياضات القتال كمنصّات جديدة لتعزيز هوية الدول واستعراض قوتها الناعمة.

الشيخ تركي آل الشيخ: وضع السعودية على خريطة العالم الرياضية.

كريم زيدان*

في 28 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، توافدَ نخبةٌ من أشهر نجوم العالم -بمن فيهم نجم كرة القدم كريستيانو رونالدو ومغنِّيا الراب إمينيم وكانييه ويست- إلى ميناء جدة على البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية لحضور مباراة الملاكمة الأكثر ترقُّبًا لذلك الموسم.

وُصِفت هذه المباراة بـ”معركة الأشرس”، حيث تنافَسَ فيها بطل منظمة الملاكمة العالمية للوزن الثقيل تايسون فيوري وبطل منظمة القتال النهائي (UFC) السابق للوزن الثقيل فرانسيس نغانو كحدثٍ رئيس. مثّلت هذه المباراة الافتتاح الكبير لموسم الرياض، الحدث الشتوي الضخم الذي تشهده المملكة، والذي يُشكّل جُزءًا من رؤية 2030.

وشكّل الحدث أيضًا فرصةً للمملكة العربية السعودية لتسخير ثروتها اللامحدودة لإظهار تَمَيُّزِها في تنظيم فعالياتها الرياضية. من الساحات المُصمّمة خصيصًا، والغرف الفاخرة لكبار الشخصيات، إلى حفل الافتتاح المُتقَن، وصولًا إلى الظهور المُثير لحلبة الملاكمة من تحت أرضيةِ المسرح، لم يكن هناك شُحّ في الفرص أمام المملكة لتقديم نفسها كمستقبلٍ للملاكمة.

حققت “معركة الأشرس” نجاحًا باهرًا. نجانو، وهو ملاكم مبتدئ، فاجأ فيوري بلكمةٍ يسارية قوية أسقطت البطل المخضرم أرضًا. ورُغمَ أنَّ فيوري نهض في النهاية، إلّا أنه عانى طوال بقية النزال، ونجا بصعوبةٍ بالغة بفوزٍ مُثيرٍ للجدل بقرارٍ مُنقَسِم.

لقد غيّرَ هذا النزال الجديد، المليء بالمنعطفات والتقلّبات الدرامية، مَشهَدَ الملاكمة الحديثة تمامًا، قالبًا كفة الميزان من لاس فيغاس، الموطن التاريخي لأكبر نزالات الملاكمة، إلى الرياض. كما رفعت من مكانة تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية، وشخصية بارزة في الدائرة المقربة لولي العهد السعودي والحاكم الفعلي الأمير محمد بن سلمان.

كما لفت الانتباه مُجدَّدًا إلى مراكز صناديق الثروة السيادية المملوكة لدول عربية في الخليج العربي، والتي تؤثر في بعض أكثر الرياضات شعبية وعنفًا في العالم – وهو اتجاه يوفر للحكام هناك منصّةً جديدة لتعزيز هوية دولهم واستعراض قوتهم الناعمة.

 

“صاحب السعادة”

يُعدّ تركي آل الشيخ محور هذا التطور. بدأ صعوده في كانون الأول (ديسمبر) 2018، عندما أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز عددًا من المراسيم الملكية التي تضمّنت أوامر بإعادة تشكيل مجلس الوزراء. وشمل ذلك تعيين آل الشيخ، الرئيس السابق للهيئة الرياضية، رئيسًا للهيئة العامة للترفيه في السعودية.

في ذلك الوقت، أسفرت فترة تولي آل الشيخ رئاسة الهيئة الرياضية عن العديد من الفضائح التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، أبرزها في العام 2017 عندما حاول من طريق تصريحات وادعاءات مثيرة التأثير على النادي الأهلي، النادي الأكثر شعبية في مصر.

عاد إلى المملكة العربية السعودية وركز جلّ طاقته على إدارة قطاع الترفيه في البلاد، بينما شكلت المملكة وزارة رسمية للرياضة للتعامل مع استراتيجيتها الرياضية الطموحة – وهي استراتيجية متجذّرة في مبادرة رؤية المملكة 2030، التي وضعت مُخَطَّطًا للإصلاحات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في البلاد.

بحلول العام 2018، بدأت ثمار جهود السعودية تنضج. أبرمت المملكة اتفاقياتٍ لاستضافة كأس السوبر الإيطالي وكأس السوبر الإسباني حتى العام 2029. وأعلنت منظمة المصارعة العالمية الترفيهية (WWE) عن اتفاقيةٍ مدتها عشر سنين لاستضافة فعالياتٍ نصف سنوية في المملكة، بينما استضافت السعودية أيضًا أول حدثٍ للملاكمة الاحترافية في ذلك العام، وهو نزالٌ على لقب الوزن المتوسط ​​بين كالوم سميث وجورج غروفز، والذي كان بمثابة نهائي سلسلة السوبر العالمية للملاكمة في 28 أيلول (سبتمبر) 2018.

بعد أربعة أيام، اغتيل الصحافي في صحيفة “واشنطن بوست”، جمال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، تركيا. وقد دفعت التداعيات اللاحقة، حيثُ زعم المسؤولون الأميركيون أن بن سلمان أذن بعملية الاغتيال، الدوريات الرياضية والرياضيين إلى إعادة النظر مؤقتًا في ارتباطهم بالمملكة.

لم يدم الأمرُ طويلًا

بعد توليه منصب قيصر الترفيه في المملكة، أصبح آل الشيخ مسؤولًا عن بعض أكبر العروض في المملكة، بما في ذلك مباريات منظمة المصارعة العالمية الترفيهية (WWE)، التي استضافت ثاني عرضٍ رئيسي لها في السعودية بعد أسابيع قليلة من اغتيال خاشقجي – وهو قرارٌ ساعد على تطبيع العلاقات مع المملكة بعد ذلك.

في العام 2019، وسّع آل الشيخ نفوذه في عالم الرياضة بشراء نادي ألميريا الإسباني لكرة القدم. كما أطلق موسم الرياض، وهو مهرجان ترفيهي يُدار بالتعاون مع هيئة السياحة في البلاد.

ومع ذلك، يُمكن القول إنَّ إنجازَ آل الشيخ الأبرز يتمثل في قدرته على استضافة بعض أكبر عروض الملاكمة للوزن الثقيل في الذاكرة الحديثة، مما عزّزَ مكانة المملكة كمركزٍ عالمي للرياضات القتالية ينافس لاس فيغاس وأبو ظبي.

وبالإضافة إلى تأمين مباراة فيوري ضد نجانو في افتتاح موسم الرياض، لعب آل الشيخ أيضًا دورًا فعّالًا في التفاوض على مباراة بطولة الوزن الثقيل بلا منازع بين فيوري وأولكسندر أوسيك، الملاكم الأوكراني الذي يحمل الأحزمة الثلاثة الأخرى للوزن الثقيل التي تنتمي إلى هيئات اعتماد “IBF” و”WBA” و”WBO”.

في سياقٍ آخر، ساهم آل الشيخ أيضًا في إقامة أول بطولة قتال نهائي (UFC) في المملكة العربية السعودية، والتي أقيمت في حزيران (يونيو) 2024.

بعد بعض العثرات خلال فترة رئاسته للهيئة الرياضية السعودية، استعاد آل الشيخ زخمه كقيصر الترفيه في المملكة، مُستَغِلًا موارد المملكة الهائلة لإنشاء أحد أكبر المهرجانات في العالم. كما استخدم منصة الترفيه هذه لدمج بعض أكثر المعارك ترقُّبًا في الذاكرة الحديثة، مما عزز طموحات السعودية الرياضية.

منذ “معركة الأشرس” في تشرين الأول (أكتوبر) 2023، نظم آل الشيخ حدثَين آخرين للملاكمة يضمّان بعضًا من أكبر الأسماء في ملاكمة الوزن الثقيل. في كانون الأول (ديسمبر) 2023، جمع على عجل حدث “يوم الحساب” الذي ضمَّ أنتوني جوشوا وديونتاي وايلدر في أحداثٍ رئيسة مشتركة. في آذار (مارس) 2024، أقام آل الشيخ نزالًا ضخمًا بعنوان “فوضى الضربة القاضية” شهد الحدث الرئيس بين جوشوا ونغانو.

ومنذ ذلك الحين، أعلن آل الشيخ عن سلسلة من عروض الملاكمة المذهلة، بما في ذلك نزال بلا منازع في وزن خفيف الثقيل بين آرتور بيتربييف وديمتري بيفول، بالإضافة إلى نزالٍ على لقب الوزن الثقيل بلا منازع بين فيوري وأولكسندر أوسيك. حتى أنه نجح في إقناع منظمي النزالات إيدي هيرن وفرانك وارن -وهما خصمان لدودان في عالم الملاكمة البريطانية- بالموافقة على إقامة نزال 5 ضد 5 بمشاركة مواهب من صفوفهما.

لقد ساهم نجاح آل الشيخ الأخير في الملاكمة -وهي رياضة تشتهر بالوصول إلى طريق مسدود في مفاوضات النزالات الكبرى- في ترسيخ مكانته كواحد من أكثر الشخصيات تأثيرًا في هذا المجال. ويُطلِقُ عليه مشجعو الملاكمة ووسائل الإعلام لقب “صاحب السعادة”، مما يُؤكد تنامي مكانته المرموقة.

ومع ذلك، ورُغمَ أنَّ آل الشيخ قد يكون من أشهر الشخصيات في الرياضات القتالية، إلّا أنه ليس أول مسؤول خليجي يخوض غمار هذا المجال.

الشيخ خالد بن حمد آل خليفة: يشجع فنون القتال المختلطة.

نادي الأمير للقتال

في البحرين، لطالما اعتادت عائلة آل خليفة الحاكمة استخدام الرياضة كأداة للقوة الناعمة. فقد استضافت المملكة الصغيرة سباق جائزة البحرين الكبرى للفورمولا 1 منذ العام 2004 -وهو الأول من نوعه في الشرق الأوسط- واستغلّت الحدث للترويج للسياحة ولصورة السلام والازدهار.

اتهم ناشطون بحرينيون البحرين باستخدام سباق الجائزة الكبرى لتلميع سمعتها في الخارج – وهو موضوعٌ نوقش أخيرًا خلال أول نقاش على الإطلاق في مجلس اللوردات البريطاني حول تلميع صورة المملكة الصغيرة الخليجية الرياضية.

في حين أنَّ سباق جائزة البحرين الكبرى لا يزال مثيرًا للجدل، فإنَّ مشروع العائلة المالكة في مجال فنون القتال المختلطة لا يزال يمر بدون أن يلاحظه أحد على الرُغم من استخدامه لأغراضٍ مماثلة.

في العام 2015، مَوّلَ الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، الابن الخامس لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، تطوير أول نادٍ قتالي ومنشأة تدريب متكاملة لفنون القتال المختلطة في مملكة البحرين، والمعروف باسم “نادي خالد بن حمد آل خليفة للفنون القتالية المختلطة”. كما أسّس أول اتحاد بحريني لفنون القتال المختلطة، وهو “إتحاد القتال الشجاع”، الذي برز منذ ذلك الحين كأبرز منظمة لفنون القتال المختلطة في العالم العربي.

بصفته الراعي الرئيس لنادي “خالد بن حمد آل خليفة للفنون القتالية المختلطة”، قدم الشيخ خالد حوافز كبيرة لكل مَن ينضم إلى الفريق. مُنح أعضاء هذا النادي إمكانية الوصول إلى موارد النخبة مجانًا، بما في ذلك التغطية الطبية، بالإضافة إلى رواتب شهرية عالية بما يكفي لتغطية نفقات معيشتهم. من بين الأعضاء الأوائل في النادي الرياضي بطل الوزن الخفيف في بطولة منضمة القتال النهائي (UFC) إسلام ماخاتشيف، وبطل منظمة القتال النهائي السابق خبيب نورمحمدوف، بالإضافة إلى مدرب نجم بطولة منظمة القتال النهائي كونور مكغريغور، جون كافانو.

كان الشيخ خالد، وهو في الأصل رجلٌ عسكري، مفتونًا بفنون القتال، وأخذ على عاتقه رعاية تطويرها في بلاده. إلى جانب كونه رئيسًا للجنة الأولمبية البحرينية، شارك شخصيًا في نزالَين للهواة في فنون القتال المختلطة، ويتدرّب بانتظام في مركز “خالد بن حمد آل خليفة للفنون القتالية المختلطة”.

مع أنَّ الشيخ خالد لم يُتَّهَم شخصيًا بأيِّ مخالفة، إلّا أنه ينتمي إلى نظامٍ ملكي ذي سجلٍّ مُوثَّق من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك تقييد حرية التعبير، وترهيب المعارضين، وإساءة معاملة المعارضين السياسيين.

إلى جانب استثماراته في سوق فنون القتال المختلطة المحلية، دخلت منظمة “بريف” التابعة للشيخ خالد أيضًا في شراكة طويلة الأمد مع الاتحاد الدولي لفنون القتال المختلطة، الهيئة الدولية الحاكمة لفنون القتال المختلطة للهواة. استضافت البحرين ثلاث نسخ متتالية من بطولة العالم لفنون القتال المختلطة، وساعدت على تنمية المقاتلين في مجال الهواة.

وكان الكثير من هذه الجهود يهدف في نهاية المطاف إلى تسهيل إدراج فنون القتال المختلطة في الألعاب الأولمبية – وهو إنجازٌ لم تحققه حتى منظمة القتال النهائي (UFC) بعد.

ومن غير المؤكد ما إذا كان الشيخ خالد سينجح في تأمين مكانة فنون القتال المختلطة في الألعاب الأولمبية. ومع ذلك، فإنَّ نفوذه المتزايد في مجال فنون القتال المختلطة يشير إلى أنَّ مشاركته في هذه الرياضة تتجاوز مجرّد إبراز القوة الناعمة، وهو الهدف الأساسي من جائزة البحرين الكبرى. كما يدل على هدفه في تغيير المشهد الكامل لفنون القتال المختلطة.

ولي العهد في سلطنة عُمان السيد ذي يزن بن هيثم: إهتمامُ ملحوظ بالشؤون الثقافية والرياضية والقضايا الشبابية.

وزارة الثقافة والرياضة والشباب في عُمان

وفي عُمان، أبدى السلطان هيثم بن طارق منذ تسلّمه مقاليد الحكم في السلطنة اهتمامًا كبيرًا وملحوظًا في الشؤون الثقافية والرياضية والقضايا التي تهمُّ الشباب، لذا أوكل المهمة لنجله البكر وولي عهده السيد ذي يزن بن هيثم (34 عامًا) حيث عيّنه وزيرًا للثقافة والرياضة والشباب في أول حكومة شكّلها في عهده وذلك في 18 آب (أغسطس) 2020.

والسيد ذي يزن حاصلٌ على درجة بكالوريوس في العلوم السياسية وماجستير في التاريخ من جامعة أكسفورد في بريطانيا. كما درس وتخرّج عسكريًّا أيضًا من أكاديمية ساندهيرست المشهورة.

عمل ذي يزن أوّلًا كديبلوماسي في السفارة العُمانية في لندن. وعُرِف عنه اهتمامه بالشباب، حيث كان راعيًا للعديد من المناسبات والفعاليات الشبابية، وقد رعى كأس السلطان لكرة القدم في العام 2019.

لذا عندما عُيِّنَ في منصبه الوزاري كانت لديه طموحاتٌ ثقافية ورياضية كبيرة يريد تحقيقها عبر خطة واضحة وربطها باستراتيجية عُمان 2040. فشكل لجانًا عدة تهتمُّ كل واحدة في مجالٍ معيّن، ثقافي، أو رياضي، أو شبابي، كانت إحداها اللجنة العُمانية للرياضات القتالية المختلطة والدفاع عن النفس التي منح رئاستها للدكتور عادل بن سعيد الشنفري.

وعلى الفور بدأت اللجنة أعمالها، حيث ركزت على أربعة قطاعات رياضية: كيك بوكسنغ (تعتمد على ركل القدم واستخدام الأيدي)، والملاكمة، و”مواتاي” (لعبة تايلندية تعتمد على ركلات تحت الخصر والكوع)، وأم. أم. آي.: (اللعبة القتالية المختلطة).

وقد أحيت اللجنة أحداثًا رياضية محلية عدة في المجالات الأربعة لاقت نجاحًا كبيرًا في السلطنة، وبدأت بعدها تتطلّع لإقامة مباريات دولية. لذا توافقت مع شركةٍ إيرلندية-بريطانية (ُElite Sports Promotions) يرأسها باري والش، وهو أحد المخضرمين في حقل الملاكمة الدولية. واتفقت معه مبدئيًا على إقامة مباريات دولية في الملاكمة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2025 حيث سيُطلَق خلالها لأول مرة نوعٌ جديدٌ في فنِّ المُلاكمة يدعى “PRO 3”.

وهذا النظام المُبتَكَر يدمج قواعد “كوينزبري” الكلاسيكية مع هيكلٍ ديناميكي 3 ضد 3، محوِّلًا مباراة الملاكمة التقليدية إلى مواجهة تكتيكية بين الفرق.

يُمثّلُ نزال “PRO 3” اندماجًا فريدًا بين استراتيجية التدريب والمهارة الفردية والحركة غير المُتَوَقَّعة – حيث تُقدّمُ كل جولة تحديات جديدة، ولكل لكمة القدرة على تغيير زخم القتال. والنتيجة هي عرضٌ لا يُنسى للجماهير، يقدم ضربات قاضية مثيرة، وعودة رائعة، وقتالًا متواصلًا.

وقد اتفقت (Elite Sports Promotions) مع شركات تلفزيونية وإعلامية عالمية عدة لنقل الحدث مباشرة بينها: تلفزيون “أبل”، و”نيوز سبورت”، و”نيتفليكس” والقناة السابعة الأوسترالية …

وحفل الملاكمة هذا لن يكون بلا ترفيه إذا ستحيي خلاله الفنانة المغربية نورا فتحي، التي افتتحت نهائيات كأس العالم في قطر، حفلة كبرى مع مجموعة من الفنانين الأجانب.

وكانت اللجنة العُمانية للرياضات القتالية المختلطة والدفاع عن النفس رعت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2024 بطولة “فيت بوكس ​​فايت” (FitBox Fight) التي أُقيمت في مجمع السلطان قابوس الرياضي في مسقط،، وهي أول فعالية ملاكمة ضخمة في عُمان، نظمها “نادي فيت بوكس” العُماني بمشاركة المجلس العالمي للملاكمة (WBC).

شهدت البطولة عشر مباريات قوية شارك فيها 20 مُنازِلًا -من بينهم متنافسون دوليون وأربعة ملاكمين عُمانيين- وشهدت مباريات للمحترفين والهواة. كانت مباريات المحترفين عبارة عن أربع جولات مدة كل منها ثلاث دقائق بدون واقٍ للرأس، بينما تألفت مباريات الهواة من ثلاث جولات مدة كل منها ثلاث دقائق مع واقٍ للرأس.

كامارو عثمان يركل حمزات شيمايف في نزال للوزن المتوسط خلال حدث UFC 294 في تشرين الأول/أكتوبر 2023 في أبو ظبي.

دول الخليج تتوق للرياضات القتالية

أدى نجاحُ مشروع الشيخ خالد في البحرين ومشروع السيد ذي يزن في عُمان في مجال فنون القتال المختلطة إلى سلسلةٍ من الاستثمارات المُماثلة في جميع أنحاء المنطقة.

في العام 2019، وقّعت منظمة القتال النهائي (UFC) اتفاقية لمدة خمس سنوات مع دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، وهي اتفاقية أفادت التقارير أنها شهدت حصول المنظمة على ما يقارب 25 مليون دولار أميركي لكل عرض. وازدهرت علاقتهما بشكلٍ أكبر خلال الجائحة عندما شيّدت حكومة أبوظبي ساحة مخصصة في جزيرة ياس -أُطلق عليها اسم “جزيرة القتال”- مما سمح لـ”منظمة القتال النهائي” مواصلة العمل.

في العام 2023، مدّدت منظمة القتال النهائي شراكتها مع أبوظبي حتى العام 2028، مما يضمن بقاء الإمارة الوجهة الأولى لفعاليات هذه المنظمة في المنطقة.

كما انضمّت قطر إلى ساحة فنون القتال المختلطة في العام الفائت بشراكتها مع “ONE Championship”، أكبر منظمة ترويجية للرياضات القتالية في آسيا. أقامت منظمة فنون القتال المختلطة، ومقرها سنغافورة، أول حدث لها في قطر في آذار (مارس) 2024، والذي بُثّ على شبكة “beIN Sports” المملوكة لقطر كجُزءٍ من شراكة بثّ متعددة السنوات.

كما أنشأت اللجنة الأولمبية القطرية رابطة للفنون القتالية المختلطة والتي تتلقى المشورة من اتحاد “غاما” (GAMMA)، وهو الهيئة الحاكمة الدولية الأخرى للفنون القتالية المختلطة للهواة.

في الوقت نفسه، قامت المملكة العربية السعودية باستثمارها الافتتاحي في عالم فنون القتال المختلطة بضخ 100 مليون دولار في رابطة المقاتلين المحترفين الأميركية.

على الرُغم من أن منظمة القتال النهائي (UFC) لا تزال تتبوأ الصدارة في عالم فنون القتال المختلطة، وتستحوذ على حصة الأسد من سوق هذه الرياضة ومواهبها المتميّزة، إلّا أنَّ إمكانات نمو فنون القتال المختلطة، إلى جانب توافقها مع المفهوم التقليدي للرجولة، تجعلها وسيلة مثالية لدول الخليج لتشكيل قيمها وعرضها. كما إنها أداةٌ قَيّمة للقوة الناعمة والسياحة الرياضية وإبراز القوة على الساحة الدولية.

مع استمرار هذه الدول في الاستثمار في مشهد فنون القتال المختلطة والتأثير فيه، فإنَّ مشاركتها الاستراتيجية تؤكد دور هذه الرياضة كمنصّة متعددة الأوجه للديبلوماسية الثقافية والرسائل الاجتماعية والسياسية في العالم الحديث.

  • كريم زيدان هو صحافي متخصص في الشؤون الرياضية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى