زيادة الإنتاج الزراعي تُقَرِّب الجزائر من تحقيق الأمن الغذائي

تعمل الحكومة الجزائرية منذ فترة على تعزيز القطاعات غير النفطية لتصحيح الخلل الواقع في إقتصاد البلاد المُعتمِد على الهيدروكربونات. لذا إستثمرت بشكل كبير في القطاع الزراعي الأمر الذي أوصل الجزائر إلى الإقتراب من تحقيق الأمن الغذائي.

الوزير عبد القادر بوعزقي: زاد الناتج المحلي الزراعي هذ العام 74% عن الموسم السابق

الجزائر – سلامة عبد الرحمن

دفعت زيادة الإنتاج الزراعي المحلي الجزائر إلى الإقتراب أخيراً من تحقيق هدفها المتمثل في الإكتفاء الذاتي من الغذاء، حيث توقع المسؤولون أن تتمكن البلاد من وقف استيراد المنتجات الزراعية في غضون ثلاث سنوات.
لقد أنتجت الجزائر رقماً قياسياً قدره 6.1 ملايين طن من الحبوب طوال الموسم الزراعي 2017 -2018، الذي استمر من تموز (يوليو) إلى نهاية حزيران (يونيو). ويشكل هذا الرقم زيادة بنسبة 74٪ عن حصاد الموسم السابق البالغ 3.5 ملايين طن، كما أعلن عبد القادر بوعزقي، وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، في أوائل أيلول (سبتمبر) الفائت.
ويشير الناتج الكبير إلى تحقيق مُبكر لبلوغ هدف البلد المتمثّل في إنتاج 5.3 ملايين طن من هذا المحصول بحلول العام 2022 واستكماله بموسم حصاد خضروات قوي. فقد بلغ إجمالي الإنتاج المحلي من الحمص 34,000 طن خلال الفترة 2017 – 2018، إرتفاعاً من 12,300 في العام 2001، بينما ارتفع الإنتاج السنوي من العدس من 458 طناً إلى 30,000 طن خلال هذه الفترة.
وانخفضت فاتورة إستيراد الأغذية في البلاد بشكل طفيف في الأشهر الثمانية الأولى من العام، من 5.90 مليارات دولار إلى 5.89 مليارات دولار، وفقاً للمركز الوطني لنقل المعلومات ونظام المعلومات الجمركية.
في كانون الثاني (يناير) 2018 قال الوزير بوعزقي أن الجزائر، في ذلك الوقت ، كانت تستوعب حوالي 70٪ من الطلب المحلي على المنتجات الغذائية. مضيفاً أنه إذا تم الحفاظ على هذا المستوى، يُمكن للبلاد أن توقف إستيراد المنتجات الزراعية في غضون ثلاث سنوات.
كما تزامنت الزيادة في الإنتاج مع قفزة في عائدات الصادرات الزراعية. وقال علي باي ناصري، رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين، في مؤتمر صناعي في أواخر أيلول (سبتمبر) الفائت، أن قيمة الصادرات الزراعية قد زادت بنسبة 50٪ على أساس سنوي في الأشهر السبعة الأولى من العام 2018. وتوقّع أن تبلغ الصادرات مع نهاية العام بين 75 و80 مليون دولار، مقابل 57 مليون دولار في العام 2017.

إستراتيجية الحكومة تستهدف النمو الزراعي المحلي

وتأتي الزيادة في الإنتاج وسط استثمار حكومي يُقدَّر بحوالي 2.5 تريليوني دينار جزائري (18.2 مليار يورو) خلال العقدين الماضيين، حيث ينظر المسؤولون إلى الزراعة كقطاع رئيسي في سعي البلاد إلى تعزيز الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.
وفقا للوزير بوعزقي، بحلول أوائل العام 2018، شكل القطاع حوالي 13٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وشغّل 10.8٪ من السكان العاملين. وفي إطار نموذج النمو الجديد للحكومة، الذي صدر في منتصف العام 2016، يهدف المسؤولون إلى تحقيق معدل نمو سنوي يبلغ 6.5٪ للقطاع بين 2020 و2030.
ولتحقيق هذه الأهداف، تمّ إطلاق حوافز لتشجيع المزارعين على زيادة الإنتاج، بما في ذلك منحهم قروض منخفضة الفائدة وتطعيمات مجانية للثروة الحيوانية. بالإضافة إلى ذلك، وافقت الدولة على تعويض المصدرين عن 50٪ من تكلفة الشحن والعبور وغيرها من الإجراءات الجمركية لتشجيع دور القطاع في موازنة العجز التجاري للبلاد.
كما يُعزى نجاح محصول الحبوب في العام الماضي جزئياً إلى جهود الحكومة في زراعة 3.4 ملايين هكتار من الحبوب، مما ساعد على زيادة الإنتاجية لكل هكتار من 1.5 طن في 2016 – 2017 إلى 1.9 طن.

برامج الري مفتاح لأمن المياه في المستقبل

ومن العوامل الأخرى التي كانت جزءاً لا يتجزأ من التوسع الأخير في الإنتاج الزراعي توافر المياه: إن الأراضي المروية في الجزائر تبلغ حالياً حوالي 1.3 مليون هكتار، وقد أعلنت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري عن خطط لزيادة هذا الرقم إلى 2 مليوني هكتار بحلول العام 2021.
وقال براقي أرزقي، المدير العام للوكالة الوطنية للسدود والتحويلات: “بدأت خمسة سدود جديدة عملياتها في العام 2017 من أجل دعم هذه الاستراتيجية”. وتمتلك السدود الخمسة، وجميعها في أقاليم مختلفة، قدرة إحتفاظ وتخزين مجتمعة تبلغ 500 مليون متر مكعب.
وأضاف: “لقد كانت إدارة الموارد المائية أولوية رئيسية للجزائر، ووصلت البلاد الآن إلى القدرة الكاملة على تحسين الري في ولايات أكثر”.
إعتباراً من أيلول (سبتمبر) 2018 كان هناك 80 سداً ضخماً تعمل في الجزائر، منها 36 تم بناؤها منذ العام 2000، وهناك خمسة سدود أخرى قيد الإنشاء، ومن المتوقع أن تكتمل في العام 2020. وفضلاً عن ذلك، تهدف الحكومة إلى الوصول إلى عدد إجمالي من السدود يبلغ 139 بحلول العام 2030، مما يزيد من سعة تخزين المياه مجتمعة في البلاد إلى ما يقرب من 12 مليار متر مكعب.

الإستثمار الأجنبي مفتاح النمو المستقبلي

في حين كان لدعم الدولة تأثير إيجابي على تحسين العائدات في الآونة الأخيرة، فإن بعض الشركات يعتبر أن أكثر الطرق فعالية لمعالجة بعض الحواجز التي تواجه المنتجين المحليين، مثل الوصول إلى التمويل والآلات والخبرات، هي من خلال تشجيع المزيد من المشاركة من جانب المستثمرين الأجانب.
قامت شركة البناء العامة “كوسيدار” (Cosider) ، رابع أكبر شركة في أفريقيا، بإطلاق فرعها “كوسيدار للزراعة” (Cosider Agrico) في أيار (مايو) 2017 للترويج والإستثمار في الزراعة الجزائرية. تقوم الشركة حالياً ببناء أربعة مشاريع زراعية ذات إنتاجية كبيرة وتنسيقها، حيث سيتم تشغيل أول مشروع منها بحلول بداية العام 2019.
وقال بن شيخ بلقاسمي، الرئيس التنفيذي لشركة “كوسيدار للزراعة”: “إن زراعة وإنتاج الزيتون والقمح القاسي وأعلاف الماشية تمثل قطاعات عالية محتملة ولكنها غير مُستغَلّة في الجزائر. إن الشركات بحاجة إلى مزيد من التأثير لتعزيز الإنتاج الوطني، وبالتالي، نحن منفتحون للعمل في شراكة مع المستثمرين الوطنيين والأجانب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى