“نَبيذُ كَرَم” اللبناني يَفوزُ بأفضَلِ كَرمِ عِنَبٍ في آسيا

“كَرمُ كَرَم”: الأفضل في آسيا

فَرَح نصّور*

في عزّ الأزمة المستفحِلة في لبنان يَسطَعُ إنجازٌ ثقافي صناعي سياحي يرفع اسم لبنان عالياً. قصة الفوز هذه، ليست فقط مدعاةَ فخرٍ للبنان وأبنائه فحسب، إنّما أيضاً ضوء وأمل وإيجابية في هذه الظروف الصعبة.

“أفضل كرم عنب في آسيا”، هي الجائزة التي فازت بها خمّارة كَرَم اللبنانية “نبيذ كَرَم” (Karam Wines)، لصاحبها الكابتن حبيب كرم، إلى جانب جائزة أخرى صنّفت الخمارة في المرتبة الـ 14 من بين أفضل 50 خمارة عالمية كبرى، في مسابقةٍ نافسَ فيها كرم أسماءَ خمّارات كبيرة ومشهورة في عالم النبيذ وإنتاجه.

“لم أكن أتوقّع أن أفوز بهاتين الجائزتين، لكن كنت أتوقّع أن أبرز في المسابقة وأن أصل إلى مراكز متقدّمة”، هذا ما يؤكّده حبيب كرم.

لا يخفي كرم فرحته، “هذه الجائزة تُميّزنا بشكل كبير عن غيرنا، وليست سهلة المنال، وأحياناً لا أُصدّق أنّنا فزنا بها، فهي جائزة لمسابقة عالمية يُصوِّتُ فيها حوالي 400 خبير بالنبيذ والكروم من حول العالم”.

ودخلت خمّارة كرم  منذ ستة أشهر في المسابقة التي أقامتها “وورلد باست فينياردز” (World’s Best Vineyards) المُتخَصّصة بتصنيف أفضل وجهات سياحة النبيذ في العالم. وطيلة هذه الفترة، كان المتبارون يمرّون بتصفياتٍ، إلى أن وصلت خمّارة كَرَم أخيراً إلى نَيل الجائزة: “وجدنا نفسنا في منافسةِ أسماءٍ كُبرى، والأمرُ ليس سهلاً أبداً”.

ويرى كرم في هذه الجائزة، أنّ “أهمّ ما فيها وفي بيعنا لنبيذنا، هو تسويق لبنان كبلدٍ مُنتِجٍ للنبيذ، وكانت هذه مهمتي الأساسية من لحظة دخولي عالم إنتاج النبيذ. وهذه الجائزة شكّلت صدمة إيجابية جميلة جداً في هذا الإطار، وجعلت الدول عالمياً تُفكّر بلبنان كبلَدٍ مُنتِجٍ للنبيذ”. ويُشيرُ إلى أنّ “نحنُ في خمّارة كَرَم، لا نبيع النبيذ كمشروبٍ سائل، إنّما الأرض التي نزرع فيها، وهي أرضٌ غنيّة، وهذا أمرٌ فائقُ الأهمّية بالنسبة إلي”.

ويستشهد كرم بتقريرٍ أعدّته مجلة “إنترناشونال واين تشالنج” (International Wine Challenge) بالتعاون مع مؤشّر “كانوبي” (Canopy) لمُنتِجي النبيذ في العالم، بعنوان “الدرس الكبير من لبنان”، حيث تمّت محاورة خمسة مُنتجي نبيذ في لبنان، من بينهم كَرَم.

ويقول الكابتن أنّ :”لا يُمكن أن أُزايد على ما استنبطه التقرير بالسؤال: ما الذي يُمكن أن نتعلّمه من نجاحِ البلد المُضطرب؟ والذي خلُص إلى أنّه رُغم كلّ الأزمات، ورُغم شبه الانهيار الذي يعيشه اللبنانيون، هناك شيءٌ يُمكن أن نتعلّمه منهم، وهذا بحدّ ذاته مدعاة فخرٍ كبير لنا”.

ويتابع كرم أنّ خلاصة التقرير هذا هي تأكيدٌ على شيء أساسي، وهو أنّ “رأس المال المادي وحده لا يكفي، إنّما رأس المال البشري والطاقات والتفكير الصائب والمعرفة هي الأساس، ولبنان معروف بإبداعه في مجالات عديدة بفضلِ رأس ماله البشري”.

فوزُ كرم بهذه الجائزة لم يأتِ في ظروف عادية. ورُغمَ التحدّيات والصعوبات الكبرى التي مرّ بها، كما غيره من اللبنانيين خلال هذين العامين، “لم تكن فكرة التنازل عن نوعيةِ وجَودَة النبيذ واردة، إذ أُفَضِّل ألّا أنتج النبيذ على أن أنتجه بجودةٍ رديئة”، يوضّح كرم.

ويذكر أنّ تحديات إنتاج النبيذ في هذه الأزمة  تكمن في نقص الوقود الذي يحول دون تشغيل الآلات اللازمة للزراعة، إلى جانب النقص في اليد العاملة لزراعة الكروم وحصادها، فضلاً عن انقطاع الكهرباء الذي فرض أوقاتاً مُعيّنة وصعبة لقطف العنب. وأكبر التحديات تجلّى بمنع التحويلات الخارجية لاستيرادِ مُستلزمات الإنتاج والتغليف وغيرها من المستلزمات.

لذلك، لم يكن الفوز بهذه الجائزة سهلاً فقط لناحية منافسة خمّارات كبرى، إنّما القيمة الكبرى كانت بالتحليق دولياً رُغمَ الأزمة الصعبة والتحدّيات كافة.

وقد ساهمت عائلة كرم كلّها بهذا النجاح، لا سيما كريمته ثُرَيّا التي “أشكرها بشكل خاص”، فهي المديرة الإدارية في خمّارة كرم، ونجله جان، مهندس نبيذ في مدينة بوردو، لذلك يشدّد كرم على أنّ “هذا النجاح لهم جميعاً ولجميع العاملين في كرومنا”.

والجدير بالذكر أنّ خمّارة كرم قد فازت بجوائز عديدة سابقاً، أبرزها جائزة “سومالّوري دو فرانس” (Sommellerie de France) في مدينة بوردو الفرنسية والتي تفرّدت بها الخمارة في لبنان، حيث اختير نبيذ كرم الأبيض من بين حوالي 25 ألف صنف نبيذ آخر من بين الدول المطلّة على البحر الأبيض المتوسط وشمال أفريقيا في العام 2015.

وتأسّست خمّارة كَرم في العام 2002 في مسقط رأس حبيب كرم في جزين – جنوب لبنان، ليكون أوّل مَن زَرَعَ عِنَب النبيذ في الجنوب، ومَصنعُه اليوم هو مصنع النبيذ الوحيد الموجود في هذه المنطقة من لبنان.

  • صحافية لبنانية.
  • يَصدُرُ هذا النص في “أسواق العرب” (لندن) توازياً مع صدوره على موقع صحيفة “النهار” (بيروت)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى