أبوظبي تستثمر داخلياً وخارجياً لضمان أمنها الغذائي

تتطلع أبو ظبي إلى أساليب بديلة محلياً وخارجياً لتأمين وضمان إمدادات الغذاء لإطعام سكانها الذين يتزايد عددهم. في الواقع يشكّل الأمن الغذائي والقطاع الزراعي المستدام واحدة من الركائز الأساسية في الخطة الخمسية الجديدة للحكومة في مجال التنمية، والمعروفة بإسم خطة أبوظبي، والتي تم الكشف عنها في حزيران (يونيو) الفائت.
مع القيود المفروضة على التوسع في الإنتاج المحلي بسبب المناخ في الإمارة، فإن الحكومة تزيد شراكتها مع القطاع الخاص لزيادة الواردات الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي. ومن المتوقع أن يكون تنسيق هذه الجهود حاسماً للحفاظ على سلسلة التوريد المتنوعة والمستدامة في السنوات المقبلة.

جلب الشركات الخاصة إلى الحظيرة

كجزء من إستراتيجية الحكومة، يجري تشجيع القطاع الخاص على الإستثمار في الأعمال التجارية الزراعية، ولا سيما من خلال المشاريع الدولية. وتحقيقاً لهذه الغاية، وقّع جهاز أبو ظبي للرقابة الغذائية في العام الفائت عقوداً مع عدد من الشركات التي تتركّز في الإمارة، بما فيها “الظاهرة الزراعية” و”جنان للإستثمار”، وهي شركة خاصة تستثمر في المشاريع الزراعية المتنوعة، لضمان توفير العلف لخمس سنوات مقبلة من خلال زيادة الإستثمار في عدد من البلدان.
“الظاهرة الزراعية” ً، المتخصصة بعلف الحيوانات والسلع الغذائية، تدير محفظة أراض تبلغ حوالي 81,000 هكتار مع عمليات في أكثر من 20 بلداً. وفي الوقت عينه، تعمل “جنان للإستثمار” في السودان ومصر وإسبانيا والولايات المتحدة، وفي العام 2013 إستثمرت الشركة 400 مليار دولار في ثماني شركات زراعية صربية لزراعة وتصدير المحاصيل الغذائية والأعلاف.
وعلى الرغم من إستمرار الإستثمار، مع ذلك، فإن الشركات الزراعية في بعض الأحيان تواجه تحديات في الخارج، لا سيما في البلدان النامية. في كثير من الحالات، يكون الإطار التنظيمي المحلي متخلّفاً والبنية التحتية في وضع سيىء، كما أن العديد من الدول الغنية بالموارد الزراعية أيضاً تكون عرضة لمخاطر سياسية وإقتصادية، وفقاً لتقرير مؤسسة “تشاتام هاوس” البريطانية البحثية عن الأمن الغذائي في 2013.

تحوّل الأولويات

ويأتي التركيز على زيادة الإستثمار الزراعي في أعقاب إرتفاع أسعار المواد الغذائية.
يمكن أن يُنظَر إلى إرتفاع أسعار المواد الغذائية الدولية في 2007-2008 بإعتبارها المحرك الرئيسي للتغيير في إستراتيجيات الأمن الغذائي بينما كان العديد من البلدان في الشرق الأوسط يكافح لضمان إمدادات السلع الغذائية الأساسية، وفقاً لخليفة العلي، المدير العام لمركز الأمن الغذائي في أبو ظبي، الذي تأسس في العام 2010 للحفاظ على إستمرارية إمدادات الغذاء مع رؤيةٍ تكمن في تمكين جميع المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة من الحصول على غذاء صحي ومغذٍّ وآمن في جميع الظروف، بما في ذلك حالات الطوارئ والأزمات .
“لقد أصبحت الأعلاف لقطاع الثروة الحيوانية من الإهتمامات الرئيسية لتحقيق الأمن الغذائي، مع وصول مجموع عدد الحيوانات إلى أكثر من 3.5 ملايين رأس في أبوظبي وحدها. إن علف الحيوانات، وخصوصاً عشب رودس، الذي عادة كان يُزرع في أبو ظبي بآلاف الأطنان، كان يستهلك كمية ضخمة من المياه الجوفية المحلية. لهذا السبب، أصدرت الحكومة تشريعاً لوقف الإنتاج المحلي من الأعلاف الحيوانية والبدء في إستيراد وتشجيع الإستثمار العمودي في الخارج”، قال.
“في الوقت الراهن، حوالي 1.5 مليون طن من العلف يتم إستيراده في 90,000 حاوية سنوياً. أنه من الأعمال التجارية الكبيرة، وإلى حد كبير جزء من الأمن الغذائي للبلاد على الرغم من أنه يُنتَج في الخارج”، أضاف العلي.
ووفقاً لمؤسسة “تشاتام هاوس”، فإن الزراعة المُستدامة ذاتياً غير ممكنة في دول مجلس التعاون الخليجي إذ أن “الإنتاج المحلي لا يكفي سوى نسبة صغيرة من الإحتياجات، ولكنه يستهلك موارد إقتصادية كبيرة ويحتكر تقريباً إستخدام المياه”.
وقال وزير الإقتصاد سلطان بن سعيد المنصوري لوسائل الاعلام المحلية في العام الفائت بأن دولة الإمارات العربية المتحدة تستورد 85٪ من إحتياجاتها الغذائية، مع توقع إرتفاع إجمالي الإنفاق على الغذاء أربعة أضعاف إلى 400 مليار دولار على مدى السنين العشر المقبلة.

الإنتاج والموارد المَحلِّيان

من أجل زيادة تسهيل تحقيق الأمن الغذائي، فإن المشاريع الضرورية للحفاظ على المستويات الحالية من الإنتاج المحلي هي قيد التنفيذ.
ويمتص القطاع الزراعي في دولة الإمارات 34٪ من إمدادات المياه الجوفية في البلاد، وفقاً لدراسة أجرتها جامعة الإمارات العربية المتحدة. وتُشكّل نسبة المياه الجوفية حوالي 51٪ من إحتياجات البلاد، فيما تساهم مياه الصرف الصحي المُعالَجة بنسبة 12٪.
من ناحية أخرى، مع إستنفاد إحتياطات المياه الجوفية، فإن معالجة المياه العادمة تُعتَبَر فرصة كبيرة لإعتمادها في مجال الري.
في وقت سابق من هذا العام أعلن محمد داوود، مستشار للموارد المائية في هيئة البيئة في أبو ظبي، عن خطط لبناء خط أنابيب لنقل 140 مليون متر مكعب من المياه من محطة تحلية المياه في المصفح إلى مناطق أخرى من الإمارة، وذلك بمضاعفة كمية مياه الصرف الصحي المُعالَجة المُتاحة للمزارع بحلول العام 2020، وفقاً لتقارير صحافية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى