أوروبا تتخذ تدابير جديدة للشفافية الضريبية

طرحت المفوضية الأوروبية في ستراسبور تدابير جديدة لمكافحة إنعدام الشفافية في الممارسات الضريبية للشركات المتعددة الجنسية، وسط عاصفة “أوراق بناما” التي شددت الضغط على الحكومات شرقاً وغرباً لمكافحة التهرب الضريبي.
وجاء عرض الخطة التي وضعها المفوض الأوروبي للمسائل الضريبية الفرنسي بيار موسكوفيسي والمفوض المكلف الاستقرار المالي البريطاني جوناثان هيل، على البرلمان الأوروبي بعد مشاورات عامة ودراسة تقويمية، وهي كانت متوقعة حتى قبل انكشاف فضيحة “أوراق بناما”.
وقال موسكوفيسي: “أنا غاضب ومستاء مما كُشف عنه. الاحتيال والتهرب الضريبي والتوافق الضريبي المسبق آفة حقيقية”.
وتطالب المذكرة بلدان الاتحاد، “دولة بدولة”، كشف البيانات الحسابية والضريبية للشركات المتعددة الجنسية، بما يشمل حجم وارداتها وأرباحها، إلى القاعدة الضريبية وقيمة الضرائب التي دفعت في مختلف الدول الأعضاء.
ونقلت صحيفة “لو باريزيان” عن موسكوفيسي أنه “بمجرد أن يكون لها فرع في الاتحاد الأوروبي وواردات لا تقل عن 750 مليون يورو، ستكون الشركات ملزمة نشر تلك العناصر، أياً تكن جنسياتها، سواء أوروبية أو أميركية وأوسترالية وصينية”. وقال إنه “بالنسبة إلى الشركات التي لا تملك فروعاً في الاتحاد الاوروبي، سنطلب المعلومات ذاتها، ولكن في ما يتعلق بنشاطاتها الشاملة في العالم بأسره، مع طلب مزيد من التفاصيل عن نشاطاتها في الدول المدرجة على قائمة الجنات الضريبية”.
لكن هذا الاقتراح لا يذهب بعيداً لكون الشركات الكبرى التي يفوق مجمل وارداتها 750 مليون يورو، وحدها معنية بوجوب الإفصاح عن بياناتها الاساسية.
وثمة ثغرة أخرى تُبقي نشاطات الشركات خارج الاتحاد الأوروبي طي الكتمان، اذ يقتصر إلزام الدول الافصاح عن البيانات على بلدان الكتلة الاوروبية.
وأمس اقترحت المفوضية “وضع لائحة أوروبية سوداء بالجنات الضريبية في مهلة ستة أشهر”. وأشار موسكوفيسي إلى أن بناما لا تُعتبر جنة ضريبية إلا في ثمانٍ من دول الاتحاد الأوروبي، و”هذا غير جدير بالصدقية. نحن في حاجة ماسة إلى لائحة مشتركة حقيقية، مع معايير متماثلة وتهديدات بفرض عقوبات شديدة”.
وأوردت صحيفة “سود دويتشه تسايتونغ” أن عملاء أجهزة استخبارات عدة بينها وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إي” الاميركية استعانوا بخدمات مكتب “موساك فونسيكا” لإخفاء نشاطاتهم. وكشفت أن “عملاء استخبارات فتحوا شركات وهمية لإخفاء عملياتهم، وبين هؤلاء وسطاء مقربون من وكالة الاستخبارات المركزية”، بينهم “عدد من أطراف” فضيحة “إيران كونترا” التي تتعلق بتسهيل مسؤولين أميركيين عمليات بيع سرية لأسلحة لإيران في الثمانينات من القرن الماضي من أجل الافراج عن رهائن أميركية ومساعدة متمردي “الكونترا” في نيكاراغوا.
وكشفت منظمة “أوكسفام” البريطانية أن ثلاثة أرباع الشركات التي تلقت قروضاً من البنك الدولي مخصصة لتمويل مشاريع تنمية في افريقيا، مررت تلك الأموال عبر جنات ضريبية أبرزها جزيرة موريشيوس.
ورأت مستشارة السياسة الضريبية لدى “أوكسفام” سوزانا رويز أنه “لا معنى لإنفاق البنك الدولي المال لحض الشركات على الاستثمار في “التنمية” إذا كان يغض الطرف عن واقع أن تلك الشركات يمكن ان تغش في البلدان الفقيرة في شأن العائدات الضريبية الضرورية لمكافحة الفقر وعدم المساواة”.
وقصد محققون بناميون مكتب شركة “موساك فونسيكا للاستشارات القانونية” للنظر في الشكوى التي كانت قدمتها عن قرصنة سجلاتها واختراقها في تسريب وثائق الأعمال التي أدتها لحساب مجموعة من الزبائن. قال رامون فونسيكا، أحد مؤسسي الشركة: “أخيراً صار المجرمون الحقيقيون يخضعون للتحقيق”. وتوقع أن يكون المسؤولون عن التسريب خارج بناما، “ربما في أوروبا”.
وتعهدت السلطات البنامية التعاون مع أي مسار قضائي قد ينتج من التحقيق.
ودهمت هيئة الضرائب في البيرو المكتب المحلي لشركة “موساك فونسيكا” للاستشارات القانونية، وصادرت وثائق تتعلق بالحسابات في إطار تحقيق في تهرب محتمل من الضرائب واحتيال، للتحقق مما إذا كانت الشركة ساهمت في إقامة ملاذات ضريبية لارتكاب جرائم في البيرو.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى