“أَهل القلم” اللبناني: تكريمُ المُبدِعات العَرَبِيّات
هنري زغيب*
الدكتورة سلوى الخليل الأَمين لا تزال منذ ربع قرن حاملةً شُعلة العمل الثقافي في لبنان، منذ بادرت وزوجها الدكتور عماد الأَمين إِلى تأْسيسهما “ديوان أَهل القلم” (1999)، ترأَّسَتْه وأَخذَت تنْشط على منبره ومنبرها الآخر “ندوة الإِبداع”، لتكريم أَعلام من لبنان في لبنان والعالَم، تكريسًا إِبداعَ لبنان في الحقول المعرفية الغنية.
أَحدثُ نشاطها المتواصل الغزير: تنظيمُها في سَلطنة عُمان الدورةَ الثالثة من “ملتقى المبدعات العربيات”. فماذا عنه؟
“الملتقى” ومُكَرَّمَاته
يهدف هذا “الملتقى” إِلى “تسليط الضوء على المرأَة العربية المبدعة من مختلف المجالات، في وطنها أَو خارجه. لذا كان التصميم أَن تنتقل ندوات “الملتقى” تباعًا إِلى كل دولة عربية. وهو انطلق من لبنان، فكانت فيه دورته الأُولى (بيروت: 5 آذار /مارس 2019)، والدورة الثانية كانت في مصر (القاهرة: 8 كانون الأَول/ديسمبر 2019). وكانت الدورة الثالثة جاهزةً حين هاجَمَت لبنان جائحةُ الكورونا، فتوقف التنفيذ. وحين عاد “ديوان أَهل القلم” إِلى نشاطه المحلي والعربي، نظَّمَت رئيستُه الدورة الثالثة في سَلطنة عُمان تنسيقًا وتعاوُنًا مع وزارة التنمية الاجتماعية في السلطنة، بدعم ومشاركة من وزيرتها الدكتورة ليلى بنت أَحمد النجار، ورعايةً من وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار الدكتورة رحمة بنت ابراهيم المحروقية، والمديرة العامة التنفيذية للتنمية الأُسرية في وزارة التنمية الاجتماعية الدكتورة معاني بنت عبد الله البوسعيدية. وهكذا شهدت العاصمة مسْقَط تظاهرةً ثقافية كبرى، حضرها سفير لبنان لدى السلطنة أَلبر سماحة، واستقطبَت شخصيات عُمَانية رسمية واجتماعية وجامعية وعلمية وإِعلامية. وحضرت السيِّدات المكرَّمات، من السلطنة ودول عربية أُخرى، كانت أَبلَغَتْهُنَّ التكريمَ من بيروت رئيسةُ “ديوان أَهل القلم” الدكتورة سلوى الخليل الأَمين لتكريمهنَّ في مسْقَط.
في مداخلات الحوار
شهد المؤْتمر جلستَين حول الإِبداع العربي والابتكار.
في الجلسة الأُولى (“الإِبداع العربي”) تحدثَت العالِمة اللبنانية الدكتورة لينا أَسعد عويدات عن إِسهامات المرأَة العربية في مواكبة الثورة الصناعية الرابعة والأَمن السيبيراني ومكافحة الإِرهاب. تلتْها عضو الجمعية العمانية للمُلْكية الفكرية الدكتورة غالية بنت عامر المقرشية عن دور المرأَة ومستقبل الإِبداع البشري في مجال الذكاء الاصطناعي. ومن وزارة الثقافة والرياضة والشباب في سلطنة عُمان تحدثَت الدكتورة ثريا بنت حمد المعولية عن حضور المرأَة في الإِبداع والثقافة، ومن “مركز نائلة للفنون الشعبية” تحدثتْ السيدة نائلة بنت حمد المعمرية عارضةً مسيرتها الناجحة. وكانت تعقيبات قيِّمة من الوزيرة الدكتورة فايزة الخرافي عن إِيجابيات الذكاء الاصطناعي ومَثَالبه، ومن الوزيرة الكويتية معصومة المبارك.
في الجلسة الثانية (“الابتكار”) تحدثَتْ من مصر الدكتورة غادة همَّام عن إِسهامات المرأَة العربية في الابتكار، ومن جامعة السلطان قابوس تحدثَت الدكتورة فاطمة بنت طالب الرئيسية، تلتْها المهندسة المبدعة رزان بنت حمد الكلبانية ساردةً مسيرة نجاحها، هي التي في مطلع فُتُوتها وحققت اختراعاتٍ في شركة تنمية نفط عُمان. وفي التعقيبات كانت مداخلة من السيد مروان بن جمعة الشيدي الاختصاصي حامل براءَة اختراع في وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار.
التكريم
ثمرة اللقاء كانت بادرة تكريم المبدعات العربيات، تولَّتْها الدكتورة سلوى الأَمين، وهنَّ: الشاعرة العُمانية الدكتورة سعيدة بنت خاطر الفارسي، الروائية البحرينية فوزية رشيد، المهندسة رشا عماد الأَمين (المديرة التنفيذية لـ”ديوان أَهل القلم”)، الدكتورة لينا عويدات (لبنان)، الدكتورة الريم الفلاسي والدكتورة مريم الرميثي (الإِمارات العربية المتحدة)، الدكتورة نعيمة القصير (مملكة البحرين)، الوزيرة الدكتورة معصومة المبارك والدكتورة فائزة الخرافي (الكويت)، الدكتورة أَمل المالكي (قطر)، الدكتورة غادة همام (مصر)، ومن سلطنة عمان الدكاترة: ريا بنت أَحمد البلوشية، خالصة بنت حمد البحرية، آمنة الربيع، أَمل بنت سالم الإِسماعيلية. واعتذرَت للتغيُّب بأَعذار صحية أَو مهنية: الوزيرة علياء بوران (الأُردن)، الوزيرة الدكتورة بسيمة الحقاوي (المغرب)، الوزيرة الدكتورة نزيهة العبيدي (تونس)، الدكتورة المهندسة مشاعل الشميمري (المملكة العربية السعودية)، والقبطانة دانييلا رزق (سوريا).
وكان ختام اللقاء إِعلان رئيسة “ديوان أَهل القلم” الدكتورة سلوى الأَمين تصميم “الديوان” على تهيئة مؤْتمر مقْبل لـ”الطفل العربي المبدع”، وهو اقتراح عرضتْهُ الدكتورة الريم الفلاسي الأَمينة العامة لـ”المجلس الأَعلى للأُمومة والطفولة” في دولة الإِمارات العربية المتحدة.
واستكمالًا لاكتشاف الكنوز في السلطنة، كانت غداةَ المؤْتمر جولةٌ سياحية ثقافية على “متحف عُمان عبر الزمان” (أَنشأَه السلطان قابوس بن سعيد)، وعلى ولاية نزوى المسمَّاة “بيضة الإسلام” لنشاطها الفكري والعلْمي، والمعروفة بـ”مدينة العلم والعلماء” لكونها مركزًا مهمًّا للعلْم والحضارة، وختامًا كانت زيارة “حارة العقر” التاريخية العريقة القِدم.
من لبنان إِلى مسْقَط
هكذا نسَجَ “ديوان أَهل القلم” خارطةً ثقافية امتدَّت من بيروت إِلى مسقط، جامعةً في معالِمها كوكبةَ مبدعات من الدول العربية، كما ليَثْبُتَ عمَلانيًّا أَن لبنان الإِبداع حاضر في كل حين، في كل مرحلة، في كل ظرف، مهما تفاقمَت في سمائه الغيوم السُود، ومهما تجرَّحَت أَرضه بالمآسي، ليبقى لبنانُ الحضارة والفكر والثقافة أَقوى من صروف الدهر عليه، وأَبقى من الأَحداث العارضة، ويظَلَّ يفتح جناحيه إِلى إخوانه في كل صقْع عربي، زائرًا إِياهم، مكّرِّمًا إِبداعاتهم حيثما هم، أَو داعيًا إِياهم إِليه كي يحتضن إِبداعاتهم، حتى ليقال إِن لبنان الحقيقي منارةٌ لا تنطفئُ مهما حاصرتْها أَشباح العتمة.
شكرًا “ديوان أَهل القلم”.
- هنري زغيب هو شاعر، أديب وكاتب صحافي لبناني. وهو مدير مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأميركية. يُمكن التواصل معه عبر بريده الإلكتروني: email@henrizoghaib.com أو متابعته على موقعه الإلكتروني: www.henrizoghaib.com أو عبر تويتر: @HenriZoghaib
- يَصدُر هذا النص في “أَسواق العرب” (لندن) تَوَازيًا مع صُدُوره في “النهار العربي” (بيروت).
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.