السعودية تستثمر في صناعة الترفيه لتحفيز نمو القطاع
من المتوقع أن يدعم إشتراك المملكة العربية السعودية لأول مرة في مهرجان “كان” السينمائي، إلى جانب الخطوات الرامية إلى توسيع عدد دور السينما وتشجيع صناعة الأفلام المحلية، جهود الرياض لمضاعفة مساهمة قطاع الترفيه في الناتج المحلي الإجمالي.
الرياض – راغب الشيباني
حجز المجلس السعودي للأفلام، الذي تأسّس حديثاً بالتعاون مع الهيئة العامة للثقافة في المملكة العربية السعودية، جناحاً خاصاً له في مهرجان “كان” السينمائي الدولي لهذا العام والذي إنعقد في الفترة ما بين 8 و19 أيار (مايو) في جنوب فرنسا.
على الرغم من عدم مشاركة المملكة في أي فيلم في المسابقة الرئيسية، إلّا أن إشتراكها في المهرجان للمرة الأولى قدَّم لمسؤولي الأفلام السعوديين فرصة التعرف على الجماهير وشخصيات من مختلف أنحاء العالم، حيث عرضت المملكة سلسلة من الأفلام القصيرة من صنّاع الأفلام المحليين كجزء من ركن الأفلام القصيرة للمهرجان في 14 و15 أيار (مايو).
بالإضافة إلى ذلك، أتاحت فرص التواصل للبلد فرصة تطوير قطاعات جديدة محتملة من صناعة السينما، حسب وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد بن صالح العواد الذي قال: “إن المملكة العربية السعودية تشرع في تطوير صناعة مستدامة وديناميكية تدعم وتشجّع جميع مراحل الدورة السينمائية، وتُقدِّم مجموعة كبيرة من المواقع ليكتشفها صانعو الأفلام في العالم”.
تنمية الإنفاق الترفيهي
يأتي الحضور الأول للمملكة في مهرجان “كان” السينمائي في أعقاب سلسلة من التطورات في صناعة الترفيه.
في أعقاب السماح بعودة العروض السينمائية العامة في نيسان (إبريل) الفائت، تم منح الشركة السينمائية الأميركية “إي أم سي” (AMC Theatres)، بالشراكة مع “شركة الترفيه للتطوير والاستثمار”، وهي إحدى الشركات التابعة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، أول رخصة لتشغيل دور العرض السينمائية في المملكة. وتهدف الشراكة إلى فتح ما بين 30 و40 داراً سينمائية في 15 مدينة في غضون خمس سنوات، بالإضافة إلى 50 إلى 100 دار سينما بحلول العام 2030.
وقد أعقب الإعلان في 22 نيسان (إبريل) أنباء عن فوز شركة “فوكس سينما” (Vox Cinemas)، وهي شركة تابعة لشركة الترفيه الإماراتية التي يملكها ماجد الفطيم، بالرخصة الثانية لفتح دور سينما في المملكة.
تخطط الشركة الأولى لإستثمار ملياري ريال سعودي (533.3 مليون دولار) في 600 شاشة خلال السنوات الخمس المقبلة، والتي يقدر المسؤولون السعوديون بأنها ستجعل إجمالي عدد دور السينما 350 وعدد الشاشات 2500 بحلول العام 2030.
ومع عدد سكان يبلغ أكثر من 33.4 مليون نسمة، وفقاً للهيئة العامة للإحصاء، و58.4٪ من الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً، من المتوقع أن يشهد قطاع الترفيه نمواً كبيراً في السنوات المقبلة. ويتوقع المسؤولون الرسميون أن تبلغ مبيعات شباك التذاكر نحو مليار دولار بحلول العام 2030 ، في حين يتوقع أن تخلق صناعة العرض الأوسع نحو 30 ألف وظيفة دائمة.
زيادة التركيز على صناعة الأفلام المحلية
بينما من المرجح أن تعرض معظم دور السينما الجديدة منتجات عالمية في الغالب، فإنه من المتوقع أن يؤدي توسيع هذا القطاع إلى تعزيز النشاط في صناعة الأفلام المحلية.
كما يتّضح من عروض الأفلام القصيرة التي يدعمها المجلس السعودي للأفلام في “كان”، فقد زادت الدولة من تركيزها على تعزيز صناعة الأفلام المحلية.
بعد إطلاقه في 20 آذار (مارس) الفائت، تم تكليف المجلس السعودي للأفلام بتطوير مجموعة واسعة من المبادرات لتعزير وتنمية صناعة السينما، بما في ذلك تقديم الدعم والتدريب لصانعي الأفلام المحليين، وتحسين البنية التحتية ذات الصلة، ووضع إطار تنظيمي وإنشاء صندوق وطني لصانعي الأفلام.
وقال فيصل بالطيور، الرئيس التنفيذي للمجلس السعودي للأفلام، لدى إطلاق المجلس، “إن المملكة العربية السعودية في وضع فريد يُتيح لها تطوير قطاع أفلام ومحتوى ينبض بالحيوية والنجاح التجاري ويحكي القصص السعودية للداخل ولبقية العالم”.
توسيع مرافق الترفيه والثقافة مفتاح لخطط التنويع
زيادة الإستثمار والتركيز على علامات الفيلم خطوة أخرى في الجهود الأوسع لتنويع الإقتصاد بعيداً من عائدات الطاقة.
يتمثل أحد أهداف رؤية 2030، وهو المخطط العام للمملكة للإصلاح الاجتماعي والاقتصادي، في رفع الإنفاق الأسري على الثقافة والترفيه إلى 6٪ من الناتج المحلي الإجمالي، صعوداً من المستوى الحالي البالغ 2.9٪.
ومع وجود بيانات رسمية تشير إلى أن السعوديين ينفقون حوالي 30 مليار ريال سعودي (8 مليارات دولار) سنوياً على الترفيه والاستجمام في الخارج، فإن توفير الفرص لتلبية طلب المستهلك الأقرب في الوطن سيكون المفتاح لتحقيق هذه الأهداف.
لقد شهد 3 أيار (مايو) إطلاق برنامج “جودة الحياة 2020” الذي يهدف إلى دعم تنويع عروض القطاع الترفيهي وتوليد فرص العمل ودعم النمو في الصناعات ذات الصلة مثل الأغذية والمشروبات والبناء والمدخلات.
وتشمل أهداف البرنامج زيادة عدد أماكن الترفيه خارج المنزل من 154 إلى 260 بحلول العام 2020، ورفع مساحة التجزئة المتاحة في مراكز التسوق من 0.15 إلى 0.19 متر مربع للفرد الواحد.
في أواخر نيسان (إبريل) بدأ البناء في مشروع القدّية، وهو مركز ترفيهي ورياضي وثقافي يقع على بعد 40 كلم جنوب غرب الرياض. ويضم الموقع الذي تبلغ مساحته 334 كيلومتراً مربعاً ستة مجمعات ترفيهية بما فيها مدينة ملاهي وساحات رياضية ومسارات للسيارات ومرافق للرياضات المائية والثلجية ومنازل لقضاء العطلات وأماكن لاستضافة الأنشطة الثقافية.
ومن المقرر الانتهاء من المرحلة الأولى للمشروع في العام 2022، وبحلول العام 2030، من المتوقع أن يولد المشروع حوالي 57,000 وظيفة ويسهم بـ 17 مليار ريال سعودي (4.5 مليارات دولار) في الناتج المحلي الإجمالي.
ووفقاً لصندوق الإستثمارات العامة السعودي، يهدف مشروع القدّية إلى جذب 17 مليون زائر للترفيه و12 مليون زائر للتسوّق و2 مليوني زائر في قطاع الضيافة بحلول العام 2030. وبالمقارنة، فإن حديقة الملاهي الأكثر شهرة في العالم، “ماجيك بارك” في “عالم والت ديزني” في فلوريدا، إجتذبت 20.4 مليون زائر في العام 2016 تليها “ديزني لاند” في كاليفورنيا بـ 17.9 مليوناً و”طوكيو ديزني لاند” في اليابان بـ16.5 مليون زائر.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.