المغرب يسجل فائضاً في ميزان تجارة المواد الغذائية

يُنتظر أن يُسجّل الإقتصاد المغربي فائضاً في الإنتاج الغذائي للمرة الأولى منذ العام 2008 مدفوعاً بمحصول زراعي جيد من الحبوب قد يتجاوز 11 مليون طن، وإرتفاع في صادرات الأسماك والخضار والفواكه والزيوت النباتية والأعشاب الطبية والتجميلية. ويُتوقع أن يزيد فائض القيمة في القطاع الزراعي نحو 13 في المئة من الإنتاج الإجمالي. وأظهرت دراسة أنجزها مكتب الصرف المشرف على التجارة الخارجية، أن واردات المغرب من القمح تراجعت نحو 62 في المئة في الربع الأول من السنة، في مقابل إرتفاع الصادرات الزراعية الأخرى، حيث سجّل الميزان التجاري الغذائي فائضاً بلغ مليار درهم خلال الشهرين الأولين من السنة. ويُرجح أن يرتفع الفائض إلى خمسة مليارات درهم (أكثر من نصف مليار دولار) في النصف الأول. وكانت واردات الرباط من الحبوب بلغت العام الماضي نحو 18 مليار درهم (ملياري دولار) منها 12.5 مليار درهم مشتريات القمح من أوروبا وروسيا والأرجنتين وأوكرانيا. وظل الميزان التجاري يسجل عجزاً يقدر في المتوسط بين 3 و4 مليارات درهم طيلة السنوات الأربع الأخيرة.
وأظهرت الدراسة أن المغرب هو ثاني منتج للصناعة الغذائية بعد تركيا في منطقة جنوب البحر المتوسط وشرقه، بمجموع إنتاج بلغ 142 مليار درهم في العام 2013، وتمثل الصادرات الغذائية المغربية إلى الأسواق الأوروبية نحو 20 في المئة من مجموع صادرات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأشارت الى ان المغرب يعتبر ثالث مصدّر للغذاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الأسواق الأوروبية بـ 2,002 ملياري يورو في العام 2013، بعد تركيا بإجمالي 9 مليارات يورو، والإمارات 3 مليارات يورو. وقدرت صادرات المنطقة إلى دول الإتحاد الأوروبي بنحو 27 مليار يورو أي 3.2 في المئة من مجموع صادرات الصناعات الغذائية العالمية المقدرة بـ830 مليار يورو.
في المقابل، حل المغرب سادساً يبن مستوردي الغذاء في أفريقيا بعد مصر والجزائر وجنوب أفريقيا ثم نيجيريا وأنغولا. ويصدّر المغرب أقل من 1 في المئة من مجموع واردات أفريقيا من الغذاء التي بلغت نحو 50 مليار دولار في 2013 وحازت فيها البرازيل على حصة الأسد بنحو 9.5 في المئة من المجموع.
وأشارت الدراسة إلى أن المغرب يواجه منافسة قوية في الصناعات الغذائية خصوصاً من تركيا ودول أوروبا الشرقية والإتحاد الأوروبي والصين والبرازيل. وتؤثر نسبة تساقط الأمطار إيجاباً أو سلباً في التجارة الغذائية للمغرب، فكلما توافر المطر إرتفعت الصادرات، وفي حال الجفاف تزيد الواردات.
وتُظهر الدراسة أن التجارة الغذائية كانت تبلغ 144 في المئة بين عامي 2000 و2005، ثم تراجعت إلى 99.5 في المئة عام 2010، وانخفضت إلى ما دون 65 في المئة عام 2011 وإستقرت عند 90 في المئة العام الماضي. أي أن المغرب، على رغم وضعه الزراعي، بقي يستورد أكثر مما يصدر من الغذاء.
في المقابل، تضاعفت قيمة صادرات المغرب من الصناعات الغذائية في السنين العشر الأخيرة، وتحسن الإستهلاك الداخلي وتنوع الإنتاج والجودة، حيث تقل نسبة النقص الغذائي عن 5 في المئة من مجموع السكان نتيجة حصيلة “المخطط الأخضر” الذي أنفق عليه نحو 10 مليارات دولار لزيادة الإنتاج وتحسين المردود وتطوير الأسواق.
وشرع المغرب في السنوات الأخيرة في تصدير أنواع جديدة من الصناعات الغذائية مثل الشوكولا والحلويات واللحوم المطبوخة والأطباق شبه الجاهزة للطهي. وتمثل صادرات الأسماك نصف الصادرات الغذائية تتبعها الخضار والفواكه والبقول والزيوت.
ولا يصدر المغرب سوى 14 في المئة من مجموع إنتاجه الغذائي للحفاظ على إعتدال الأسعار الداخلية، وتحسين معيشة السكان، حيث تعتبر كلفة الغذاء من بين الأدنى في مجموع المنطقة المتوسطية.
وكان البنك الدولي نبّه في تقرير أصدره الشهر الماضي، الى أن التحديات الزراعية والغذائية ستكون أكبر المشكلات التي ستواجه الإنسانية في العقود المقبلة، حيث يُتوقع أن يرتفع عدد سكان الأرض إلى تسعة مليارات في العام 2050 وسيحتاج العالم إلى إنتاج كمية من الغذاء تزيد بنسبة 50 في المئة عن الكمية المنتجة حالياً لإطعام مجموع السكان، وهو أمر صعب التحقيق وفقاً لمنظمات حماية البيئة التي تحمّل مشكلات الطعام والماء للتغير المناخي الذي كلف العالم 4 تريليونات دولار من الخسائر خلال السنوات الـ40 الأخيرة، ويعاني 1.1 مليار شخص من نقص في التغذية ومصادر المياه العذبة التي قد تكون سبباً لمزيد من الحروب والصراعات في العقود المقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى