هل تستطيع القيادة المركزية الأميركية تحمّل إسرائيل؟

القيادة المركزية الأميركية: هل تستطيع تحمّل إسرائيل؟

 

بقلم بلال صعب ومايكل مولروي*

كان أحد قرارات إدارة دونالد ترامب الأخيرة في الشؤون الخارجية هو إدراج إسرائيل في المنطقة التي تغطيها القيادة المركزية الأميركية (Centcom)، وهي القيادة القتالية الجغرافية المسؤولة عن الشرق الأوسط الكبير.

ستُسهّل هذه الخطوة على قوات القيادة المركزية، التي تتعاون بشكل متكرر مع الدول العربية، توسيع هذا التعاون ليشمل إسرائيل. بالنسبة إلى الولايات المتحدة، إنه قرارٌ حساس، نظراً إلى أن إسرائيل جزءٌ من المنطقة وتتشارك في العديد من المخاوف الأمنية للقيادة المركزية. لكنها تمُثّل تحديات مُحتمَلة لأهم أولويات السياسة الخارجية الأميركية، وهي البقاء في الطليعة في منافسة القوى العظمى.

لعقود خلت، كانت إسرائيل تحت مسؤولية القيادة الأوروبية الأميركية (EUCom) وليس منطقة القيادة المركزية، ويرجع ذلك أساساً إلى السياسات المُعقَّدة للصراع العربي الإسرائيلي. بعد أن وقّعت مصر والأردن اتفاقات سلام مع إسرائيل في العامين 1979 و1994، على التوالي، تم طرح فكرة إقامة علاقات أوثق بين إسرائيل والقيادة المركزية مرات عدة، لكنها كانت تصل إلى حائط مسدود في كل منعطف بسبب مخاوف الدول العربية الأخرى .

اليوم، هذه المخاوف هدأت إلى حدٍّ كبير.

مع توقيع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب اتفاقات تطبيع مع إسرائيل في العام الفائت، تم تمهيد الطريق أمام اندماج إسرائيل في القيادة المركزية.

ستتمتّع إسرائيل بالعديد من الفوائد من القيادة المركزية – قيادة كبيرة جمعت ثروة من الخبرة في العمليات العسكرية والتحليل الاستراتيجي والتخطيط للطوارئ، ومعظمها يتركّز حول إيران. وتشمل هذه طبقة إضافية من الردع ضد العدوان الإيراني، وعملية أكثر انسيابية لتبادل المعلومات الاستخباراتية وتعاون أمني أوسع.

بالإضافة إلى ذلك، ستُتاح لإسرائيل الفرصة لتعزيز علاقاتها الدفاعية مع الدول العربية، حيث من المحتمل أن تلعب القيادة المركزية دور التمكين والمُيَسِّر العملي.

لذا، بشكلٍ عام، هذه نتيجة لا تعكس فقط الحقائق الاستراتيجية المُتغيّرة في الشرق الأوسط ولكنها تخدم أيضاً المصالح الأمنية لجميع الأطراف الثلاثة – الإسرائيليون والشركاء العرب والولايات المتحدة.

لكن لا يزال هناك بعض التحديات الكبيرة. أوّلاً من المُحتَمَل ألّا يتم نقل الموارد التي استخدمتها القيادة الأوروبية الأميركية مع إسرائيل سابقاً إلى القيادة المركزية. في القيادة الأوروبية، كان لدى عشرات الضباط مسؤوليات إشرافية لمعالجة المبيعات العسكرية الأميركية لإسرائيل، التي تُعدّ واحدة من أكبر المتلقّين للأسلحة الأميركية في العالم.

إذا لم تتلقّ القيادة المركزية هذا التدفق من دعم الموظفين والخبرة والأموال والأصول العسكرية، فسيتعيّن عليها زيادة القوة البشرية والقدرات العسكرية لديها، وكل ذلك سيُكلّف المال. لكن هذا لن يكون عملية بيع سهلة.

ستكون لدى القيادة الأوروبية حجّة مُقنعة للحفاظ على كل هذه الموارد لديها.

تُعطي استراتيجية الدفاع الوطني الأميركية لعام 2018  الأولوية لمنافسة القوى العظمى في المقام الأول في أوروبا ومنطقة المُحيطَين الهندي والهادئ، وتعتقد واشنطن أن التهديد الروسي للحلفاء والشركاء الأوروبيين قد ازداد في السنوات الأخيرة. ستحتاج القيادة الأميركية إلى كل قرش للتركيز على التحديات من موسكو، والإنخراط في بعض الإصلاحات الجادّة للعلاقات الأمنية الرئيسة في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتي كانت تُدار بشكل سيئ من قبل الإدارة الأميركية السابقة.

ثانياً، من غير الواضح كيف سيؤثّر انضمام إسرائيل إلى القيادة المركزية على دور التكامل العالمي لرئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية. يستلزم هذا الدور إيجاد فُرص تكامل بين جميع الأوامر المُوحّدة لتنفيذ استراتيجية الدفاع الوطني الأميركية بشكل أكثر فعالية. سيكون تحويل الرئيس للموارد بين قيادات المقاتلين بناءً على التهديد والأحداث الجارية أمراً بالغ الأهمية لجميع أهداف إدارة الأمن القومي.

كل هذا يؤدي إلى قضية أوسع تتعلق بمستقبل البصمة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط. سواء كان ذلك بسبب إعادة ترتيب أولويات السياسة الخارجية أو ما يسمى بـ”إرهاق الشرق الأوسط”، كانت الولايات المتحدة تحاول منذ بعض الوقت تقليص حجمها في المنطقة، وإن كان ذلك دون جدوى. يحظى هذا المسعى بدعمٍ من الحزبين في أميركا.

لكن مع إضافة إسرائيل إلى مزيج القيادة المركزية، ماذا يحدث لهذا الهدف؟ هذا سؤالٌ للإدارة الجديدة، التي سيتعيَّن عليها الموازنة بين تحويل انتباه واشنطن إلى المنافسين شبه النظراء ومنح القيادة المركزية المزيد من الموارد للتعامل مع مسؤولياتها الجديدة المتمركزة حول إسرائيل.

يبدو أنه في كل مرة يحاول المسؤولون الأميركيون تقليص الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، تندلع أزمة تجبرهم على زيادة قوات القيادة المركزية. هذه المرة، ليست أزمة بل هي فرصة، ومن المرجح أن تزيد الأهمية الاستراتيجية للقيادة المركزية في عصر تنافس القوى العظمى.

  • بلال صعب هو مدير برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط في واشنطن ومستشار أول سابق لشؤون الشرق الأوسط في البنتاغون. ومايكل بي مولروي هو زميل كبير في معهد الشرق الأوسط ونائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لسياسة الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى