ريما طويل: صلاة بالموسيقى لأَولاد الحرب

… وتقود الأُوركسترا

تحت شعار “صراخ السُكوت – ميلوديات وسمفونيات ضحايا الحروب”، قدَّمَت السوبرانو اللبنانية وقائدة الأُوركسترا ريما طويل أُمسية موسيقية غنَّت فيها أُوبراليًّا، وقادت أُوركسترا سمفونية بين الأَعمدة الاثنين والخمسين، في كنيسة “لا مادلين” لجمهور كثيف ضاقت به الكنيسة التاريخية الكبيرة التي أُنشئَت سنة 1764 بإِيعاز من الملك لويس الخامس عشر، وفيها تقام عادةً احتفالاتٌ موسيقية عادية، وأُخرى طقوسيةٌ استثنائية كما مأْتم فردريك شوبان وجاك أُوفنباخ وشارل غونو وكميل سان سانس وكوكو شانيل وجوزفين بايكر وسواهم من الكبار الخالدين.

صلاة في موسيقى

بعد الأُمسية كانت وقفة مع ريما طويل فاعتبرَت أَن الأُمسية لم تكن مجرَّد تعبير فني في “ريسيتال” موسيقيّ، بل شاءَتْه “صلاةً جَماعيةً عبر الموسيقى، مرفوعةً على اسم الأَطفال ضحايا الحرب، على نية براءَتهم المسروقة، والأَمل الذي يولد من بين اللحظات الصعبة”. وهذه الأُمسية التي يعود ريعها لمساعدة أَطفال الحرب، أَرادتْها ريما “مناسبةً للالتقاء على وحدة الشعور بالالتزام من أَجل السلام وحماية الأَطفال الذين هم الأَكثر عرضة للخطر”.

وتضيف ريما طويل بأَن “الحدث ضَمَّ كلَّ من جاؤُوا يشجِّعون قضية نبيلة، سواء كانوا من عشاق الموسيقى أَو من المشتغلين لأَجل السلام، أَو مَن مسَّهم شعور التضامن مع الأَطفال ضحايا الحرب”.

“أَنا ابنةُ الحرب في لبنان”

وعن دافِعِها إِلى إِعداد هذه الأُمسية، تجيب ريما: “أَنا ابنةُ الحرب في لبنان، الأَرض التي انفجرَت فيها أَصوات الأَسلحة فخنقَت أَصواتَ الأَحلام والضحكات. أَبناء الحرب ينشأُون في ظل الخوف داخلَ أَمكنة ضئيلة يهرب المستقبل فيها من تحت أَقدامهم، ويشهَد الكبار على تفتُّت البراءة والآمال أَمامهم فيُشيحون بنظَرهم عجزًا وقهرًا. وكي لا يُحرَم أَولاد الحرب من الحماسة ولا يروا أَحلامهم تنطفئُ في ضجيج الصراعات، أَقمتُ لمساعدتهم ماديًّا هذه الأَمسيةَ صلاةً على نية الأَولاد الذين يرَون براءتهم تتكسَّر بضربات العنف. نحن هنا لنؤكِّد أَن الأَمل، حتى في الظلُمات، يمكن أَن يُزْهر. ولأَن الموسيقى لغةُ السلام، أَقمْتُ هذه الأُمسية كي أَحمل شعلة الحياة والبراءَة والأَمل الآتي”.

البرنامج

تَشَكَّلَ برنامج الأُمسية من مؤَلَّفات: جورج بيزيه “افتتاحية كارمن”، فرنسيس بولنك “غلوريا”، شارل غونو “التوبة”، آرام خاتشاتوريان “فالس”، آلان الحلو “يا ربي”، هكتور برليوز “لعنة فوست-المسيرة الهنغارية”، رانية عواضة “النهضة”، جول ماسينيه “الهيروديادا”، مارين غويلوميان “هايستان”، آرام خاتشاتوريان “رقصة السيف”، وإِروس بابيلون “مسيرة الغُزاة”.

وختمَت ريما طويل: “الموسيقى جوابٌ عن العنف. لذا أَردتُ عنوان الأُمسية “صراخ السكوت” للدلالة على سكوت الآلام والأَصوات المخنوقة تصدر متقطِّعةً من ضحايا الصراعات والحروب… هذه رسالتي: أَن أُعبِّر بالأُوبرا عن صلاتي إِلى أَطفال بلادي وكلِّ ما في لبنان من صعوبة يمرُّ بها، وأَنا واثقةٌ بأَنه سيعود إِلى سابق إِشراقه على محيطه والعالَم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى