أَمين هاشم “تينور” لبناني في نيويورك

هنري زغيب*
“هذا تينور قادر أَن يؤَدي أَيَّ أُغنية مهما صعُبَت، وبذلك هو أَحد أَهمِّ مغني الأُوبرا في عصرنا”. بهذه الشهادة من “موقع برودواي” العالَمي الرصين، يمكن الدخول إِلى مسيرة الشاب اللبناني أَمين جان الهاشم الذي يسجِّل على أَكبر المسارح الأَميركية والأُوروبية حضورًا أُوبراليًّا غيرَ عادي. وتضاف إِليها شهادة من “النهار” جاء فيها: “يؤَدي بشكل ساحر يجعل الجمهور يقف ويصفق طويلًا”.
فماذا عن هذه الموهبة اللبنانية العالمية؟

الموهبة الباكرة
باكرًا، منذ كان في السادسة، لاحظ والداه جان وفادية أَن لديه ميلًا إِلى الموسيقى، حتى إِذا بلغ الثامنة سجَّلاه في الكونسرفاتوار اللبناني يدرس العزف على البيانو نحوًا من عشر سنوات. ومن بيروت راح يشق طريقه إِلى النجاح، فنال سنة 2009 شهادة في الأَداء الأُوبرالي من “الأَكاديميا الأَلمانية للموسيقى والمسرح” في ميونيخ، وكان قبلًا نال البكالوريوس في إِدارة الأَعمال من جامعة سيدة اللويزة (زوق مصبح – لبنان).

بداية العالمية
لأَنه أَتقن خمس لغات (الإِيطالية والفرنسية والإِنكليزية والإِسبانية والعربية) تمكَّن بسهولة من دخول العالَمين الأَميركي والأُوروبي، فاستقبلَتْهُ مسارح “الكارنغي هول” (نيويورك)، ومركز كيندي (واشنطن)، ومركز لينكولن (نيويورك)، ومركز كوفمان (مدينة كانساس- ولاية ميسوري)، ومركز الفنون (مونتريال – كندا)، وقاعة الأُمم المتحدة (نيويورك)، ومتحف هنري فورد (ديترويت – ميشيغان)، وكاتدرائية “سانت باتريك” (نيويورك)، و”كازينو مترو غولدن ماير” (لاس فيغاس)، ومسرح برودواي (نيويورك)، وصالة والدورف أَستوريا (نيويورك)، وصالة “غوتام” (نيويورك)، ومسرح “غرين مِلّ” (شيكاغو)، وقصر المؤتمرات (مونتريال – كندا)، و”أُوديتوريوم أَندرو ميلون” (واشنطن)، ومسرح “إِيلباخ” (نيويورك)، و”نادي المتروبوليتان” (نيويورك)، وقاعة “ميركين” (نيويورك)، ومدرج البحر الميت (عَمَّان)، وكازينو لبنان.

لبنان في وجدانه
كلُّ هذا النجاح العالَمي ولم ينْسَ لبنانَه: “نعمةٌ لي أَن أَكون في عالم الموسيقى. فوطني الحبيب لبنان في قلب المتوسط، ويغْنم من تعدُّد الحضارات فيه، وهو ما رفَدَني بثقافة واسعة”، كما قال في وثائقي من إِخراج شقيقه إندرو تم تصويره في لبنان، ويَظهر فيه والده جان يعزف على الأَكورديون.
قبل دخوله فضاء الأُوبرا، عاش أَمين تسع سنوات في فضاء “البوب ميوزيك”، وسطع متأَلقًا في برنامج “هذه هي الأُغنية” على شاشة “المؤَسسة اللبنانية للإِرسال إِنترتاشيونال (LBCI) ما حمله يومها إِلى نحو 15 مليون مشاهد، فتوسَّعَت حلقة ميدانه، وراح يقطف شهرته كمغنٍّ لبناني عالَمي توسُّعًا إِلى أَبرز وأَشهر مسارح العالم، مرسِّخًا حضوره الأُوبرالي كـ”تينور” في أَشهر الأَعمال الأُوبرالية الرومانسية الفرنسية والإِيطالية. هكذا نفذ مثلًا أَعمالًا من دونيزيتي وفيردي، من بوتشيني وبيزيه، من الأُغنيات الرائجة الشعبية الإِسبانية والفرنسية والبرازيلية والروسية والأَميركية والجاز والعربية الكلاسيكية وأُغنيات من أَجواء برودواي وهوليوود، وجميعها في توزيع أُوركسترالي جديد.
مؤديًا روائع العالم الموسيقي
تخصُّصًا في الأُوبرا، أَدى التينور أَمين هاشم “لاترافياتا”، “التوسكا”، “كارمن”، سمفونيا ماهلر الثامنة، سمفونيا بيتهوفن التاسعة، رائعة رافيل “الساعة الإِسبانية”، “العسس” لراخامنينوف، رائعة إِندرو لويد “شبح الأُوبرا” وسواها مما أَدَّاه مع أُوركسترات مكرَّسة مثل الأُوركسترا الفيلارمونية اللبنانية، والأُوركسترا السمفونية الأُوكرانية، والأُوركسترا السمفونية اليونانية وسواها.
وإِلى أَدائه الفني، ساهم أَمين في تشجيع المنظمات العالَمية ذات الأَهداف الإِنسانية مثل “سانت جود”، و”قرى الأَطفال”، وجمعية “كاريتاس”، و”الصليب الأَحمر”، جمعية “الروتاري”، وجمعية “الليونز”، ونال من البحرية اللبنانية وسامًا سنة 2011 على مساهمته في تشجيعها، وتكريمًا آخر من وزارة الخارجية اللبنانية على خدماته الفنية والإِنسانية.
التينور المتأَلِّق رحبانيًّا
ولم يَغِب عنه التراث الموسيقي والغنائي اللبناني، فأَدَّى على مسارح عالمية أَعمالًا لبنانية، منها “نسَّم علينا الهوى”، “لبيروت”، “إِيماني ساطع”، وسواها.
مرةً أُخرى يتأَلَّق لبنان في العالم بأَصوات مبدعيه كتابةً ورسمًا وغناءً ومسرحًا وطبًّا وعلومًا واكتشافات واختراعات، حتى لهو الوطن الذي يُنبِتُ سنابلَ إِبداع ويوزِّعها على العالم.
وهوذا أَمين الهاشم يأْخذ من بَرَكة والدته الصحافية فادية، ومن توجيهات والده جان، زادًا لرحلةٍ فنيةٍ ناجحةٍ بدأَتْ من بيروت وراحت تَبذُر سنابلها على أَكبر مسارح العالم.
- هنري زغيب هو شاعر، أديب وكاتب صحافي لبناني، مدير مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأميركية، مدير “صالون فيلوُكَاليَّا الأدبي”، ورئيس “اللجنة الوطنية اللبنانية لنشر الإبداع اللبناني”. يُمكن التواصل معه عبر بريده الإلكتروني: email@henrizoghaib.com أو متابعته على موقعه الإلكتروني: www.henrizoghaib.com أو عبر منصة (X): @HenriZoghaib
- يَصدُر هذا النص في “أَسواق العرب” (لندن) تَوَازيًا مع صُدُوره في “النهار العربي” (بيروت).
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.