نحنُ بحاجة إلى سماعِ المَزيدِ من الأصواتِ الفلسطينية في الإعلام الغربي

سارة غيرتلر*

مثل الكثيرين، كنتُ ملتصقةً بالتغطية الإعلامية لأعمال العنف الرهيبة الجارية بين إسرائيل وغزة.

لقد صدمتني بشدة عمليات القتل الوحشية التي راح ضحيتها أكثر من ألف إسرائيلي في السابع من تشرين الأول (أكتوبر). إن عائلات الإسرائيليين الذين قُتلوا واحتُجِزوا كرهائن يستحقّون العدالة على هذه الجرائم. لكن بدلًا من العدالة، كلُّ ما رأيته من الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة هو المزيد من الموت والدمار.

لقد عانى الفلسطينيون أصلًا من 75 عامًا من التهجير والقمع. يعيش 2.2 مليوني فلسطيني في قطاع غزة المكتظ، الذي لا تتعدّى مساحته 345 كيلومترًا مربعًا، منذ 16 عامًا تحت الحصار الإسرائيلي الذي يخنق حصولهم على الغذاء والماء والكهرباء والحركة.

الآن تمَّ قطعُ ومنعُ وصول سكان غزة إلى هذه الضروريات بشكلٍ كامل. وقد تضرّر أو دُمِّر ما يقرب من نصف منازل السكان بسبب القصف الإسرائيلي، وقُتِلَ أكثر من 8,000 مدني. وكل ذلك بدون نهاية في الأفق.

باعتباري يهوديةً أميركية، لا أشعر بأمان أكبر عندما تنتهك الحكومة الإسرائيلية القانون الدولي بقصفِ العائلات التي تلجأ إلى مخيمات اللاجئين أو بقطع الكهرباء عن الأطفال في المستشفيات. لا أشعر بالأمان بشكلٍ خاص عندما أعلم أن أموال الضرائب الأميركية تُموِّل هذه الجرائم.

وأنا لست وحدي. لقد انضممت أخيرًا إلى مسيرةٍ في فيلادلفيا للمطالبة بوضعِ حدٍّ للعنف والحرية للشعب الفلسطيني. وقد حضر ما يقدر بنحو 10,000 شخص منّا – بما في ذلك الآباء الذين يدفعون عربات الأطفال، والأصدقاء الذين يحملون اللافتات معًا، والأزواج المسنين متعانقين. لقد تظاهرنا ضد ما حذّر منه مئات العلماء والخبراء من أنه إبادة جماعية.

لقد كانت دعوةً مُجتَمَعية تاريخية للسلام. ومع ذلك، فقد كانت غائبة بشكلٍ ملحوظ عن التغطية الإخبارية المحلية. وبعد أيام، كان الدليل الوحيد على حدوث ذلك هو مقطع إخباري صغير يشير إلى أنَّ “العشرات تجمّعوا” – وهو تحريفٌ هزلي.

وقال نور قوتيان، مُنَظِّم المظاهرة في فيلادلفيا، والذي ساعد على تجميع المتظاهرين: “هذا ليس قمعًا إعلاميًا فحسب، بل إنه محوٌ للتاريخ”.

وفي الأسبوع السابق فقط، تمت تغطية مسيرة أصغر لدعم الحكومة الإسرائيلية من قبل مجموعة كبيرة من وسائل الإعلام المحلية. يعكس هذا المعيار المزدوج المذهل إسكاتًا أوسع بكثير للفلسطينيين ومناصريهم في وسائل الإعلام.

خلال هذه الأسابيع من حملة القصف الإسرائيلي، تم قطع أو إلغاء ظهور كبار المعلقين الفلسطينيين، بمن فيهم نورا عريقات، وعمر بدار، ويوسف منير. قام الكاتب الأميركي اليهودي ناثان ثرال بنشر إعلانات لكتاب جديد عن الفلسطينيين، تم سحبها ومنعها من الإذاعة الوطنية العامة (NPR) وبي بي سي.

والجدير بالملاحظة بالقدر عينه تعامل وسائل الإعلام الأميركية السلبي مع الوفيات الفلسطينية. وبينما تشير العناوين الرئيسة إلى متى وأينَ وكم “يُقتل” إسرائيليون، فإنها كثيرًا ما تقول ببساطة إن الفلسطينيين “يموتون”، بدون أن تذكر كيف واين وكم.

وفقًا لدراسةٍ أُجرِيت في العام 2019 حول 50 عامًا من التغطية الإعلامية، فإن العناوين الرئيسة في الولايات المتحدة من المرجح أن تستشهد بمصادر إسرائيلية -بما في ذلك المعلومات المضللة الموثقة- بأكثر من الضعف مقارنةً بالمصادر الفلسطينية.

هذا التحيّز ليس غير عادل فحسب، بل إنه ضارٌ أيضًا.

تُظهِرُ استطلاعاتُ الرأي أن الغالبية العظمى من الأميركيين عبر الخطوط الحزبية متفقة على أن حكومتنا يجب أن تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة. وفي إسرائيل، حتى أشقاء الأشخاص الذين قتلتهم أو خطفتهم  “حماس” يدعون إلى السلام، وليس الحرب. وبدلًا من رفع هذه الأصوات، يُحرّضُ العديد من وسائل الإعلام على المزيد من العنف.

من خلالِ “إسكاتِ أيِّ انتقادات لإسرائيل”، يُحذّر قُتيان من أنَّ “المحررين والصحافيين الذين من المُفترَض أن يدعموا النزاهة الصحافية والحقيقة وما يسمى بأخلاقيات وسائل الإعلام الإخبارية”، هم بدلاً من ذلك “يشاركون في التوقيع على الإبادة الجماعية” في غزة.

في الأسابيع المقبلة، سأظل مُلتصقة بتغطية أعمال العنف التي تموّلها أموال الضرائب التي أأشارك في دفع بعضها. باعتباري يهودية أميركية، أطالب بالحياة والحرية للفلسطينيين – وبتغطيةٍ تعكسُ ذلك.

  • سارة غيرتلر هي خبيرة إستراتيجيات في وسائل التواصل الاجتماعي ومصممة غرافيك، وتعمل في مجال التصميم الغرافيكي ووسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات في معهد دراسة السياسات.
  • كُتِبَ هذا المقال بالإنكليزية وعرّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى