جائزة “فخر العرب الدولية” لفيليب سالم

جائزة فخر العرب الدولية: كانت من نصيب الدكتور فيليب سالم هذا العام.

منحت هيئة منح الجوائز العلمية – دبي البروفسور فيليب سالم جائزة “فخر العرب الدولية” في مجال الأبحاث السرطانية وتمَّ تتويجه كشخصية العام 2022، وذلك في احتفالٍ كبير أُقيمَ في فندق “موفمبيك غراند”. كما أطلقت الهيئة “جائزة فيليب سالم للأبحاث العلمية السرطانية” لتأكيد أهمية الأبحاث العلمية وضرورة القيام بها في منطقة الخليج والعالم العربي. وألقى البروفسور سالم كلمة في المناسبة جاء فيها:

“أوّلًا. أريُدُ أن أتقدَّمَ بالشكر الجزيل إلى اللجنة التي نظّمت هذا المؤتمر، ولدَعوَتي للمشاركة فيه ولمنحي جائزة فخر العرب الدولية في مجال الأبحاث السرطانية.

ثانيًا. كانت مسيرتي في معالجة الأمراض السرطانية والأبحاث فيها طويلة إذ أنها امتدّت إلى أربع وخمسين سنة. الشكر لله الذي منحني هذه الفرصة الذهبية لخدمة المريض المُصاب بهذه الأمراض. في هذه المسيرة كان هناك النجاح كما كان هناك الفشل. كان الفشل مُعلّمي الأكبر. لقد تعلّمتُ منه الكثير، ولكن أهم ما تعلمت منه هو التواضع. لذا جئت اليوم أنحني أمام هيبة المعرفة وأتكلم بكل تواضع عن انجازين قدمتهما للطب:

  • الأول يعود الى السبعينات حين اكتشفنا ان الالتهابات الجرثومية التقليدية المتكررة في المعدة والأمعاء والجهاز الهضمي قد تتطور إلى سرطانات إنْ لم تُعالَج وهي في مراحلها الأولى بالمضادات الحيوية، وإن لم نمنع الإصابة بها بواسطة اللقاحات. وتمددت هذه النظرية الجديدة الى الالتهابات التي قد تصيب أعضاءً أخرى في الجسم كتلك التي تصيب الكبد والمثانة. وقد مُنحت جائزة نوبل في الطب سنة 2005 لهذه النظرية فأصبحت اليوم من أهم دعائم البحث العلمي ومعالجة الامراض السرطانية. وأعظم مثال على ذلك هو الالتهاب الجرثومي الذي يصيب عنق الرحم؛ بجرثومة”هربيس” وإنْ لم يعالج هذا الالتهاب يؤدي الى الإصابة بسرطان عنق الرحم. إلّا أننا اليوم نمتلك لقاحًا ضد هذه الالتهابات الجرثومية، وبالتالي نحن قادرون اليوم على منع حدوث الإصابة بسرطان عنق الرحم بنسبة 85%. لذلك يجب على كل النساء ما بين عمر 10 سنين و30 سنة أخذ لقاح “Human papillomavirus vaccines”. إنَّ ثلث الإصابات بالسرطان سببها الالتهابات الجرثومية، وإن تمكنّا من معالجة هذه الالتهابات أو منعها فبالتالي نتمكن من منع حصول ثلث الإصابات بالسرطان في العالم.
  • أما الإنجاز الثاني فهو تطوير استراتيجية جديدة لمعالجة مرضى السرطان وهم في الحالات المتقدمة من المرض. في السنوات السبع الأخيرة طوّرنا علاجًا يمزج العلاج المناعي مع العلاج الكيميائي التقليدي مع العلاج المستهدف. في هذه الاستراتيجية يعالج كل مريض بالعلاجات الثلاثة. ولكن علاج المريض يقاس على شخصه وعلى نوع مرضه. ولذا فكل مريض يُعطى علاجًا يختلف عن المريض الآخر. هذه الاستراتيجية تمنحنا القدرة على استعمال كل الأسلحة المتوافرة لدينا لمعالجة المريض، كما تسمح لنا بإعطاء كل مريض علاجًا خاصًا به. في أبحاثنا حول هذه الاستراتيجية كانت النتيجة أنَّ حوالى 90% من المرضى يحصلون على استجابةٍ ما، ولكن 50% منهم يحصلون على استجابةٍ كاملة. وهنا يجب أن نتذكر ان الاستجابة الكاملة في العلاج التقليدي لهذه الحالات تقرب الى الصفر. لذلك تشكل هذه الاستراتيجية تقدّمًا كبيرًا ويجب ان تُعتبر الخيار الأفضل لكل المرضى المصابين بالسرطان الذين استهلكوا العلاجات التقليدية. ولذا ننصح جميع الأطباء باستعمال هذه الاستراتيجية عندما يشعر الطبيب انه أمام حائط مسدود.

ثالثًا. لا بدَّ لي من أن أتقدَّمَ بالشكر ثانية الى هيئة منح الجوائز العلمية في دبي لإطلاق جائزة تحمل اسمي في الأبحاث السرطانية. هذه الجائزة تعني لي الكثير إذ تعلَّمتُ من مسيرتي أهمية البحث العلمي. لقد تعلمت ان البحث هو الطريق إلى صنع المعرفة، وتعلمتُ ما هو أهم بأن البحث العلمي هو أهم وسيلة لتدريب العقل وصنع عقل جديد. إنَّ القيام بالأبحاث العلمية هو حاجة ملحّة ونحن لا يمكننا أن نبني ثقافة المعرفة من دون الانخراط في الابحاث العلمية.

رابعًا. تعلمتُ أيضًا من مسيرتي العلمية أهمية الحياة وعظمة الانسان، كما تعلمتُ أهمية الامل وأهمية الصبر والمثابرة الشُّجاعة الديناميكية للوصول الى الهدف. وتعلمتُ أن ليس هناك شيء مستحيل، وأننا قادرون على أن نجعلَ مما هو غير ممكن الآن مُمكِنًا في المستقبل. إنَّ العطاء هو عملٌ كبير ونبيل، ولكن ليس هناك عملٌ أكبر وأنبل من إعطاء الحياة. كان شعاري دائمًا أنَّ أعظمَ وسامٍ أعلّقه على صدري هو شفاءُ مريضٍ واحد. أقول لكم وبكل صدق أن خدمتي للمريض كانت شرفًا كبيرًا لي. لقد جاء في القرآن الكريم إن “مَن أحيا نفْسًا فكأنما أحيا الناس جميعا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى