مرتا مرتا تعدّدَت الأسبابُ والمطلوبُ … واحدٌ؟

عرفان نظام الدين*

منذ سنوات ونحن نسأل مع الملايين عن أسباب تدهور الأوضاع العربية ووصولها الى حافة الإنهيار، كما نستمع الى آلاف التحليلات وتبادل الإتهامات ونفي كل طرفٍ مسؤوليته وقذفها تجاه الآخر.

أسئلة كثيرة ومختلفة تدور في مخيلتنا وتُدمي قلوبنا و تُحيِّرُ عقولَنا وتُطرَحُ كل لحظة ونَحار في إيجاد الأجوبة عنها إلّا القناعة، إن لم نقل الاتفاق، على ان المطلوبَ واحدٌ والكفّ عن الاستهتار والنفي والإنكار والعناد، والإعتراف بالواقع، ووضع اليد على مواطن العلل، ومن ثم الانتقال الى مرحلةِ البحث عن مخارج، وايجاد حلول ووصف الادوية الناجعة لها.

وأعرض هنا بعض الأسئلة :

  • لماذا أصاب الأمة العربية هذا الضعف والخمول والاستسلام من دون أن نجد مُبادرة جدّية واحدة لرأبِ الصدع وتوحيد الصف؟
  • أين صارت جهود ونظريات الوحدة العربية والوحدة الوطنية والتضامن العربي وقصة التضامن الوطني ولو في الحدود الدنيا؟
  • أين ضاعت الثروات العربية؟ ولماذا لم يتم توزيعٍ عادلٍ يضع حدّاً للتباين وازدياد حالة الفقر ووصولها في بعض الأحيان الى ما دون الصفر، وانتشار البطالة؟
  • لماذا تراجعت معدلات النمو وانهار الاقتصاد وغابت خطط التنمية والمشاريع الانتاجية ونامت في مجالس الوحدة الاقتصادية ومشروع السوق العربية المشتركة؟
  • مَن المسؤول عن تلاشي العمل من أجل تحرير فلسطين وتمكين إسرائيل من مواصلة تعنّتها وعربدتها وتهويد الأراضي المحتلة وضم القدس العربية، ورفض أي مشروع سلام في غياب الضغط العربي وتصاعد خطوات التطبيع؟
  • لماذا تم تشجيع هجرة الأدمغة والأيدي العاملة الماهرة وتفريغ البلاد من الطاقات والثروات البشرية تزامناً مع تبديد الثروات العربية؟
  • مَن المسؤول عن تراجع مُقوّمات الثقافة العربية من فنٍّ وأدب وعلوم ومناهج دراسية وانهيار مؤسسات الإعلام ومعها مستواها ودورها الوطني والعربي؟
  • مَن المسؤول عن انتشار ظاهرة العنف بشتّى أشكاله ووصوله الى حالة الإرهاب مع تزايد أشكال العنصرية؟

هذه الأسئلة وغيرها أكثر منها ينطبق عليها ما جاء على لسان السيد المسيح: “مرتا مرتا إنك تهتمّين بأمورٍ كثيرة وتضطربين إنما المطلوبُ واحدٌ” .

نعم المطلوبُ واحدٌ وهو الحرية ومنها تنطلق متفرعاتها من ديموقراطية ومشاركة وتضامن ووطنية وتوحيد الجهود لمواجهة الواقع والبحث عن حلول.

  • عرفان نظام الدين هو كاتب، صحافي ومُحَلِّل سياسي عربي مُقيم في لندن. كان رئيساً لتحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى