فُرَصٌ لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات فيما تواجه سلطنة عُمان جائحة “كوفيد-19”

حتى 13 نيسان (إبريل)، بلغ عدد الحالات التي تم تسجيلها لفيروس كورونا في سلطنة عُمان 727، مع 4 وفيات، فيما تماثلت 124 حالة للشفاء.

 

قطاع تكنولوجيا المعلومات والإتصالات: فرص كبيرة أمامه للتوسع في السلطنة

مسقط – سمير الحسيني

إستجابت سلطنة عُمان بشكل حاسم لوباء “كوفيد-19”. في 24 شباط (فبراير)، سجّل مواطنان عائدان من إيران أول حالتين مصابتين بالوباء على الأراضي العُمانية، وكان ذلك كافياً لكي تتخذ الحكومة قراراً بوقف فوري للرحلات الجوية مِن وإلى الجمهورية الإسلامية.

في غضون ذلك، في 15 آذار (مارس)، عندما بلغ العدد الإجمالي للحالات المُسجّلة 22 حالة، إتّخذ المسؤولون إجراءات واسعة النطاق حدّت من دخول البلاد وتنقّل المواطنين داخل السلطنة.

“لقد ردّت عُمان بسرعة على جائحة كورونا بوقف دخول السفن السياحية بالكامل وفرض حظر على التأشيرات السياحية، على الرغم من التأثير الإقتصادي الفوري على قطاع السياحة. ومع ذلك، كان القصد من الإستجابة هو ضمان حماية السكان من الوباء”، قالت لجينة محسن درويش، نائبة رئيس شركة محسن حيدر درويش وعضو في مجلس الدولة.

في 10 نيسان (إبريل)، نفّذت الحكومة إغلاقاً لمدة 12 يوماً في محافظة مسقط بأكملها، والتي كانت الأكثر تضرّراً من الفيروس. تمّ إيقاف السفر من وإلى المحافظة، في حين سُمح للناس أن يغادروا منازلهم فقط لشراء البقالة وفي حالة الطوارئ. والمؤسسات التعليمية، التي أُغلِقت مبدئياً لمدة شهر واحد في 15 آذار (مارس)، ستظل مُغلقة حتى إشعار آخر.

التحوّل الرقمي

من جهتهم حدّد بعض رواد الأعمال الفرص الناشئة من المصاعب الحالية.

“نظراً إلى أن المزيد من الشركات تتكيّف مع الإجتماعات الإفتراضية، فإن الشركات تشهد فوائد العمل عن بُعد وخفض تكاليف السفر”، قال ريشي خيمجي، المدير الإداري لمجموعة أجيت خيمجي. مضيفاً أنه “من المرجح أن تستمر هذه الكفاءات حتى بعد حل الوضع الحالي”.

قد تؤدي ضرورة إجراء معظم الأعمال التجارية عبر الإنترنت إلى تسريع الرقمنة وجذب الإستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات والإتصالات. وسيتماشى هذا التحوّل مع الاستراتيجيات الحالية لدعم تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهي ركيزة أساسية ل”رؤية 2040″، خطة التنمية الطويلة المدى للبلاد.

على خلفية إستثمار الصندوق العُماني للتكنولوجيا، شهد الشهر الفائت إطلاق شركة بحار المحلية الناشئة، وهي منصة مزادات على الإنترنت لأسواق بيع الأسماك بالجملة. وستسمح منصة “بحار بلاس” “Behar Plus”، المتفرعة عن المنصة الأولى، للبيع بالتجزئة عبر الإنترنت، وهي مخصصة لبائعي الأسماك والمتاجر لبيع المنتجات مباشرة للعملاء الفرديين، بما يتماشى مع إرشادات “البقاء في المنزل”.

من ناحية أخرى، يجب أن يساعد الإغلاق أيضاً على تسريع الإتجاه نحو عمليات الشراء عبر الإنترنت في قطاع التأمين.

في العام الفائت، إرتفع عدد وثائق التأمين التي تم شراؤها عبر الإنترنت بنسبة 59%، وفقاً للهيئة العامة لسوق المال، التي أشارت إلى أن غالبية شركات التأمين العاملة في الدولة تُقدّم الآن قنوات توزيع إلكترونية. وتعمل الهيئة راهناً على تعزيز التوجه نحو المعاملات الإلكترونية، والتي من المتوقع أن ترتفع بشكل أكثر حدة في ضوء هذا الوباء.

تأتي هذه التطورات وسط جهود كبيرة في الأشهر الأخيرة لتحديث البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في البلاد، مع توقع المزيد من التحسينات بعد أن ينحسر فيروس “كوفيد-19”.

“بالنظر إلى ثروة المواهب التقنية داخل البلد، سيكون التقدم الطبيعي لنا بعد الوباء هو التركيز الأكثر حدة على قطاع التكنولوجيا العالية المتنامي في عُمان، وهو مجالٌ يولد بالفعل اهتماماً واستثماراً أجنبيين،. وبناءً على ذلك، أعتقد أننا سنشهد زيادة ملحوظة في وجود منتجات وخدمات تقنية من صنع عُماني في الأسواق الدولية”، قال عزّان البوسعيدي، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات (إثراء).

تأثيرٌ اقتصادي أوسع

في حين أن هناك فُرَصاً للتوسّع في تكنولوجيا المعلومات والإتصالات، فإن الإقتصاد الأوسع يواجه سلسلة من التحديات المُتعلّقة بالفيروس. نتيجة لانخفاض الطلب وخلاف الإنتاج بين روسيا والمملكة العربية السعودية، إنخفضت أسعار النفط العالمية من 66 دولاراً للبرميل في بداية العام إلى أدنى مستوى لها عند 25 دولاراً في أوائل نيسان (إبريل)، قبل أن ترتفع إلى حوالي 33 دولاراً وقت كتابة هذا التقرير بعد الإتفاق بين دول منظمة “أوبك” وروسيا والمكسيك والولايات المتحدة على تخفيض الإنتاج بحدود 10 ملايين برميل يومياً.

على الرغم من جهود التنويع الكبيرة في السنوات الأخيرة، كانت الهيدروكربونات لا تزال تُمثل 35٪ من الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عُمان، و74٪ من الإيرادات و66٪ من الصادرات في 2018، تاركة البلاد مُعرَّضة بشكل خاص لانخفاضات أسعار النفط.

وقد أدّت المستويات المرتفعة نسبياً للدين الحكومي إلى تقييد قدرة عُمان على نشر موارد مالية كبيرة لحماية الإقتصاد من جميع العواقب المباشرة للوباء. ومع ذلك، كشف البنك المركزي العُماني النقاب عن حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة 20 مليار دولار في 18 آذار (مارس)، مما يوفر السيولة التي تشتد الحاجة إليها في وقت بدأ فيه أصحاب الأعمال الصغيرة، على وجه الخصوص، يشعرون بالتأثير.

في حين أن حزمة التحفيز ستوفّر إغاثة مهمة، إلّا أنه يجب استخدام موارد أخرى في المدى الطويل. في 6 نيسان (إبريل)، توقّعت وكالة التصنيف الدولية “فيتش” أن يتسع العجز المالي للسلطنة إلى 10 مليارات دولار في العام 2020. ومن المتوقع تلبية الاحتياجات المالية من خلال سحب 5 مليارات دولار من صندوق الاحتياطي العام للدولة، و 4 مليارات دولار من الديون الخارجية الجديدة و 1.2 مليار دولار من آجال الإستحقاقات الأجنبية من الصندوق الإحتياطي للبترول. في آذار (مارس) 2020، قامت الوكالة بتخفيض تصنيف عُمان إلى BB من +BB، مشيرة إلى تآكل مواقفها المالية والخارجية.

إجمالاً، تحرص عُمان على إبراز صورة المرونة الإقتصادية. “مع استقبال 200 سفينة كل أسبوع، تستمر الشحنات في الدخول والخروج من بواباتنا الرئيسة الثلاث في صحار والدقم وصلالة، مما يربط مباشرة الشركات العُمانية بـ86 ميناء في 40 دولة. إنه العمل كالمعتاد”، يقول البوسعيدي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى