كتاب “العربية للمُصَمِّمين” لمراد بطرس: الموروث الحضاري العربي في التصميم الحديث
صدر أخيراً عن منشورات “تايمز أند هدسون” كتاب بالإنكليزية يحمل عنوان “العربية للمصممين” (Arabic for Designers) للفنان والمصمم الفني والخطاط اللبناني مراد بطرس، حيث يُبرز فيه جماليات الخط العربي في التقنيات المعاصرة.
لندن – “أسواق العرب”
يَجمع الزميل مراد بطرس ثلاث مزايا في سياق واحد: جماليات الخط العربي الكلاسيكي والحديث في آن معاً، ومخيّلة الفنان التشكيلي القادر على تطويع الأشكال والألوان، وتقنية التصميم الإلكتروني الحديث. وهذا ما يظهر بوضوح في كتابه الصادر حديثاً باللغة الإنكليزية تحت عنوان “العربية للمُصمِّمين”، وهو الأول من نوعه – على حد علمنا – بالعربية أو باللغات الأجنبية.
صحيح أن الكتاب موجه إلى المصممين المتخصصين الذين يتحدثون الإنكليزية، بحيث يشكل بالنسبة إليهم دليلاً تنفيذياً للتعامل مع الصعوبات التي تطرأ في العادة على توظيف الخط العربي في بيئة تقنية أجنبية. لكن الصحيح أيضاً أن محتويات الكتاب مناسبة كذلك للمصممين العرب لجهة أن المعلومات المتوافرة في النص هي نتاج خبرة عقود أمضاها المؤلف في ميدان الخط والتصميم الطباعي.
مع مراد بطرس، يتحول التصميم بالخط العربي إلى عمل فني يأخذ في الاعتبار التعقيدات الثقافية والتقنية الخاصة بالأبجدية العربية. والمؤلف يهدف إلى أخذ يد المصمم الأجنبي في رحلة معرفية لتبيان أن التعامل مع الخط العربي ليس بالصعوبة التي يبدو عليها للوهلة الأولى، طالما أن هناك تفهّماً للخصائص الثقافية العربية وإحتراماً واضحاً لها.
وإلى جانب الشرح النظري المُكثّف في “العربية للمصممين”، فقد ضمّن بطرس كتابه عشرات الصور والتصميمات التي تعكس قدرة المزج بين العربية والتقنيات الحديثة على مستوى رفيع. ومن الواضح أن معرفة الأبعاد الثقافية والفنية للمجتمعات العربية تساعد كثيراً في إنتاج أعمال ترقى إلى أعلى المستويات، وفي الوقت ذاته تتماهى مع الموروث الحضاري العربي.
يعتمد مراد بطرس على خبرة أربعين سنة من العمل مع الشركات العربية والأجنبية. وهذا ما يتيح له مجالاً واسعاً لإظهار تعمّقه في تاريخ الخط العربي وتطور أقلامه عبر العصور، وصولاً إلى العصر الإلكتروني الحديث. ومن أهم النقاط التي يُركّز عليها كيفية تجاوز الإشكالات التقنية التي قد تنشأ عن العمل بالخطين العربي واللاتيني جنباً إلى جنب. فهذا الدمج أصبح من مستلزمات المهنة لأي مصمم، عربياً كان أم أجنبياً.
ويُقدم لنا الكتاب عشرات النماذج لتصميمات مازجت بين العربية واللاتينية، فإذا بنا أمام أعمال فنية متكاملة تشكل إضافات إبداعية تغني ما أريد لها أن تعبّر عنه. المهم في مثل هذه الأعمال أنها توصل الرسالة إلى المتلقي في إطار بصري جمالي متناغم.
وتلفت هذه النماذج الإنتباه إلى أنها تغطي كافة الشرائح المهنية: الصحف، المجلات، التلفزيونات، أغلفة الكتب، الإعلانات، تصاميم الشركات، الخطوط الفنية، تصميم الشعارات، اللوحات الثنائية اللغة، والفن التشكيلي. وهي تؤكد في الوقت نفسه، ومن خلال خطوات عملية دقيقة، أن بإمكان المصممين النجاح في تطويع الخط العربي حتى في أعقد التصاميم طالما أن هناك دراية بالموروث الحضاري العربي وإحتراماً خاصاً لأبعاده الجمالية.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.