الكويت: تشجيع الإستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة
مع إستمرار إنخفاض أسعار النفط الذي يُلقي بظلاله على الإقتصاد الكويتي، تأمل الحكومة أن يبدأ الإستثمار في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم أن يُعطي ثماره.
الواقع أن هناك مجالاً كبيراً للنمو في قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الكويت. فهو يُساهم فقط ب3٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً بمتوسط قدره 50٪ في الإقتصادات ذات الدخل المرتفع، وفقاً لأحدث بيانات البنك الدولي. علاوة على ذلك، تشكّل الشركات الصغيرة والمتوسطة نحو 23٪ من قوة العمل في الكويت، ما يقرب من نصف المتوسط في الإقتصادات ذات الدخل المرتفع والناشئة.
وفي محاولة لتعزيز النمو في هذا القطاع، تأسس في العام 2013 الصندوق الوطني لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة كأول كيان واحد للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في منطقة الخليج. وقد تولّى الصندوق مسؤولية كل شيء من التراخيص التجارية إلى تمويل يصل إلى 80٪ من رأس المال للمشاريع المُجدية.
منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، كان الصندوق ينفّذ مشروعاً بمساعدة فنية من البنك الدولي بموجب عقد لمدة عامين، والذي يتضمّن إنشاء “محطة واحدة” لتسهيل عملية الحصول على رخصة تشغيل، فضلاً عن تعزيز تنمية الأعمال التجارية.
في حزيران (يونيو) أطلق الصندوق “مركز الإتصال 136” لمعالجة حالة عدم اليقين التنظيمي والوقت المُفرِط الذي يستغرقه التعامل مع الأنظمة الحكومية، اللذين تم تحديدهما على أنهما من بين أكبر العوائق أمام نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، وفقاً لمسح البنك الدولي في العام 2014. إن الهدف من هذا المركز هو توفير المعلومات اللازمة للمتّصلين الذين يودّون تأسيس أعمال تجارية جديدة في الكويت.
في الآونة الأخيرة، في أوائل آب (أغسطس) الفائت، وقّع الصندوق مذكرة تفاهم مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي لمعالجة تراكم 250 طلباً تقدمت بها المؤسسة لبراءات إختراع، التي سيقوم الصندوق بتمويلها إما جزئياً أو كلياً.
تعزيز روح المبادرة
إن أحد أكبر التحديات في زيادة عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة ومساهمتها في قوة العمل كان تعزيز ثقافة ريادة الأعمال في الكويت، وفقاً لمحمد الزهير، رئيس مجلس الإدارة التنفيذي للصندوق الوطني لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
“تتشارك الحكومة مع القطاع الخاص والشباب في عدم الرغبة في تحمل المخاطر”، قال الزهير في العام الماضي. مضيفاً: “لتطوير النظام البيئي السليم في الكويت، ينبغي إنعاش مشهد الشركات المبتدئة. وهذا يعني المخاطرة والإحتفال بمبادرات فاشلة بإعتبارها فرصاً للتعلم”.
في محاولة لمعالجة هذه المسألة، أقام الصندوق علاقة مع “ومضة”، وهي شركة مقرها دبي تعمل على تطوير النظم والمشاريع الإيكولوجية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد أدّت الشراكة مع “ومضة” إلى خلق “نويت”، وهي منصة على الإنترنت تهدف إلى تشجيع التفكير الإبداعي في الكويت من خلال تسليط الضوء على قصص محددة من نجاح المشاريع الصغيرة والمتوسطة ودعم هذا المحتوى بالنصائح والمشورة من خبراء ريادة الأعمال.
بالإضافة إلى ذلك، فقد إستضاف الصندوق أول منتدى وطني للبلاد عن المشاريع الصغيرة والمتوسطة وبرنامج “إستكشاف ريادة الأعمال” الذي يساعد رواد الأعمال الشباب على تطوير أفكارهم إلى مشاريع تجارية.
التغييرات التنظيمية
في الوقت عينه، من المتوقع أن يحقق قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة طابعاً رسمياً أكثر من خلال حماية الملكية الفكرية التي سنتها التغييرات التشريعية الأخيرة.
في كانون الأول (ديسمبر) الفائت، أصبحت الكويت أول دولة في مجلس التعاون الخليجي تقوم بتنفيذ قانون العلامات التجارية، وهو نموذج من تشريعات الملكية الفكرية الذي كان قيد النقاش منذ فترة طويلة في المنطقة.
مع الموافقة على القرار الوزاري رقم 500 لعام 2015، زادت الرسوم الرسمية على طلبات العلامات التجارية في الكويت من التقديم حتى التسجيل من نحو 80 دولاراً إلى حوالي 1035 دولاراً. وهذه الرسوم هي تقريباً ثلاثة أضعاف ما تغرّمه الولايات المتحدة، حيث تبلغ تكلفة تقديم تسجيل العلامات التجارية بين 293 دولاراً و325 دولاراً، كما ذكرت مصادر إعلامية إقليمية في منتصف تموز (يوليو) الفائت.
في حين أن القوانين الجديدة، التي سوف تُنفَّذ قريباً في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، ستُنشىء نظاماً للعلامة التجارية أكثر كفاءة ومعترفاً به دولياً وأفضل تنظيماً، فقد أثار بعض أصحاب المصلحة مخاوف من أن الزيادة في التكاليف قد لا تشجع الشركات الصغيرة على تملّك أفكارها قانونياً، وفقاً لتقارير صحفية.
ومع ذلك، من المرجح أن يقابل إرتفاع الأسعار فترات إنتظار أقصر. ويفيد التنظيم الجديد بأنه ينبغي على مكتب العلامات التجارية الكويتي إصدار تقرير فحصي أولي في غضون 90 يوماً من تاريخ تقديم الطلب، مُحسِّناً بذلك العملية التي كانت تستغرق ما بين ستة وثمانية أشهر.