البطالة عند العرب 3 أضعاف مستواها العالمي
أخذت البطالة في الدول العربية حيّزاً واسعاً في تقرير تقويمي للاقتصاد العربي، وصفها بـ”الآفة المستشرية”، مشيراً إلى أن عدد العاطلين من العمل في العالم العربي “وصل إلى نحو 22 مليوناً”. ولفت إلى أن معدل البطالة البالغ 17.4 في المئة في العام 2013 وفقاً لصندوق النقد العربي، و14.8 في المئة بحسب منظمة “إسكوا”، هو ثلاثة أضعاف معدل البطالة العالمي”.
وعلى الصعيد الإقليمي، كشف التقرير الذي أعده مركز البحوث في الأمانة العامة لاتحاد المصارف العربية، ونوقش في الإجتماع الأول للأمناء العامين لجمعيات المصارف العربية والإقليمية الذي عُقد في بيروت أخيراً وشارك فيه مسؤولون من 26 دولة عربية وأجنبية، فضلاً عن تركيا وقبرص وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة وأرمينيا ومؤسسات دولية، عن أن معدل البطالة في الدول العربية “الأقل نمواً (جزر القمر وجيبوتي والسودان والصومال وموريتانيا واليمن) سجل نحو 19 في المئة، وفي دول المشرق العربي (الأردن، سوريا، فلسطين، العراق، لبنان ومصر) نحو 17 في المئة، وفي دول المغرب (تونس، الجزائر،المغرب، وليبيا) 11 في المئة، وفي دول مجلس التعاون الخليجي 5.7 في المئة. ووصل معدلها في سوريا إلى 57.7 في المئة، وفي اليمن إلى 40 في المئة، وفي موريتانيا إلى 31 في المئة، وفي فلسطين إلى 26.5 في المئة”. وتعكس هذه المعدلات المرتفعة الانعكاسات “السلبية للنزاعات المسلحة وعدم الاستقرار السياسي على الأوضاع الاقتصادية”.
في المقابل، سجلت البطالة في دول مجلس التعاون الخليجي “معدلات أدنى بلغت 0.5 في المئة في قطر، و2.1 في المئة في الكويت و3.8 في المئة في الإمارات، و4.3 في المئة في البحرين”.
وأفاد التقرير بأن ارتفاع معدل البطالة في سوريا من 8.6 في العام 2010 إلى 57.7 في المئة حتى نهاية العام 2014 أي نحو 3.72 ملايين عاطل من العمل، أدى إلى فقدان مصدر الدخل الرئيس لـ 12.22 مليون سوري”.
ولاحظ “ازدياد معدلات بطالة الشباب في الدول العربية إلى 29 في المئة ما يفوق ضعف معدل بطالة الشباب العالمي، وتتراوح بين 40 و50 في المئة في الدول العربية التي تشهد نزاعات مسلّحة”. وتصل بطالة الشباب في أوساط الإناث، إستناداً إلى صندوق النقد العربي، إلى 43.4 في المئة أي ما يزيد ثلاثة أضعاف المعدل العالمي، في حين يشكل عدد المتعلمين العاطلين من العمل نسبة 40 في المئة من العدد الإجمالي في بعض الدول”.
وأكد التقرير الذي سيُرفع إلى إجتماع “مجموعة العشرين”، أن المنطقة العربية “تقف اليوم أمام منعطف تاريخي حرج في ظل استمرار النزاعات المسلحة والاضطرابات السياسية في بعض الدول، وتداعيات الانخفاض الحاد في أسعار النفط”. ولفت إلى “إنخفاض معدل نمو الناتج المحلي فيها من 7.7 في المئة في العام 2012 ، إلى 1.5 في المئة في العام 2014 و2.4 في المئة هذه السنة”. وعزا هذا التراجع إلى “تدني أسعار النفط والإنكماش أو الركود الاقتصادي في العراق وليبيا وسوريا واليمن، في حين لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي تمثل قاطرة الإقتصاد العربي، على رغم إنخفاض أسعار النفط في النصف الثاني من العام 2014”.
وكشف أن المجموع التراكمي للحاجات التمويلية للدول العربية “يبلغ 3.6 تريليونات دولار بين عامي 2015 و2030″.
وأوصى التقرير الحكومات العربية لمكافحة البطالة بـ”وضع إستراتيجية متكاملة، والإستفادة من اليد العاملة العربية بدلاً من نظيرتها الأجنبية وتحويل طاقة الشباب العربي من قوة مستهلكة إلى قوة منتجة”. وشدد على “إنهاء الإعتماد غير الفعّال على وظائف القطاع العام المتضخم وتحسين قوانين العمل، وإصلاح الأجور العامة”.
وألقى التقرير الضوء على “التفاوت في توزيع الدخل”، كاشفاً عن أن حصة الفرد من الناتج المحلي خلال العام 2014 “تراوحت بين 94 ألف دولار في قطر، و1500 دولار في موريتانيا”. وهذا يعني “عدم المساواة والفقر المتعدد البعد في المنطقة العربية”. لذا طالب الحكومات العربية بـ”زيادة الإنفاق العام على تعليم الفقراء للتخفيف من حدة الفقر على المدى القصير من خلال تغطية تكاليف التعليم، وزيادة فرص الشباب للحصول على وظائف منتجة”. وأكد ضرورة “إلغاء الدعم المعمم في شكل تدريجي، خصوصاً على منتجات الطاقة، وتقديم الدعم الموجه والمباشر للفقراء، مع توفير مساعدات وشبكات أمان اجتماعية وإنشاء صندوق إقليمي للحماية الاجتماعية”.
وفي مجال البنية التحتية، رصد التقرير “تفاوتاً كبيراً في مدى تغطية خدماتها وجودتها وكفاءتها في كل دولة”. وتفيد التقديرات بأن “حجم الاستثمارات المطلوبة لتطوير البنى التحتية في الوطن العربي ربما يفوق 900 مليار دولار حتى العام 2017”.
وعن مناخ الإستثمار في الدول العربية، إعتبر أن أبرز ما يعوّق ممارسة الأعمال ويضعف ثقة المستثمرين، هي “التجاذبات السياسية والنزاعات المسلحة في بعض الدول، وتداعيات الانخفاض غير المتوقع في أسعار النفط وتردي كفاءة البنية التحتية”، على أن “تركّز السياسات والإصلاحات على تعزيز فرص الحصول على التمويل من المصارف والأسواق المحلية والمؤسسات الخاصة، وحماية حقوق المقترضين والمقرضين، وتعزيز الحوكمة لضمان إجراءات فعالة وشفافة للمستثمرين، وإصلاح النظام القضائي”.
وفي مجال المشاريع المتوسطة والصغيرة، لاحظ أن “حصتها من القروض تبلغ نحو 8 في المئة فقط من المجموع المقدم من القطاع المصرفي العربي، وتتفاوت هذه النسبة بين المصارف الخليجية 2 في المئة، والمصارف غير الخليجية 13 في المئة”. وأبرز ما أوصى به “إبتكار منتجات وأدوات مالية من جانب المصارف العامة والخاصة، وتعزيز دور المصارف الإسلامية”.