اليمن: أهمية تحويلات المغتربين

أعلن المدير العام لميزان المدفوعات في البنك المركزي اليمني منيف دغيش، أن تحويلات المغتربين اليمنيين الرسمية بلغت 3.3 مليارات دولار في العام 2014، أي 9.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي و40.6 في المئة من الصادرات و30.3 في المئة من الواردات.
وأوضح خلال ورشة عمل في صنعاء عن “تحويلات المغتربين اليمنيين وتوجيهها نحو التنمية”، التي نظمتها أخيراً وزارة شؤون المغتربين و”اللجنة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا” (أسكوا) بالتنسيق مع “المرصد الإقتصادي للدراسات والإستشارات”، أن “متوسط تحويلات المغتربين اليمنيين بلغ بين عامي 2000 و2014 نحو 1.685 مليار دولار”.
وفيما أكدت تقديرات غير رسمية على أن تحويلات المغتربين تبلغ ضعف هذا الرقم المعلن، أكد دغيش أن هناك “قصوراً في إحتساب تحويلات المغتربين والعاملين في الخارج كافة، لأسباب أبرزها ضعف التنسيق وعدم الإستجابة أحياناً، وعدم توافر قاعدة بيانات لدى جهات المصدر، إضافة إلى صعوبة الحصول على بيانات عن التحويلات العينية لدى مصلحة الجمارك، كما تبرز مشكلة تعدّد مصادر البيانات وتناقضها، ما يضطرّ المركزي إلى اللجوء إلى التقدير”.
ولفت إلى أن “المركزي يعكف على إيجاد آليات لتجاوز تلك المشكلات”، مشيراً إلى أن “اليمن يُعتبر من الدول النامية حيث تمثّل تحويلات المغتربين عاملاً أساساً للنمو، إذ تشكّل مورداً رئيسياً للعملات الصعبة الضرورية لتغذية الإحتياطات الخارجية وتمويل الواردات”. وأشار إلى أن “قيمة التحويلات السنوية تفوق تدفّقات الإستثمار الأجنبي المباشر والمنح والمساعدات الإنمائية الرسمية”، مضيفاً أن “إجمالي تحويلات المغتربين بلغت 3.298 مليارات دولار في العام 2013، أي 9.5 في المئة من الناتج المحلي”.
وأوضح دغيش أن “تحويلات المغتربين والعاملين في الخارج ساهمت خلال السنوات الماضية في دعم ميزان الحساب الجاري لميزان المدفوعات من خلال فوائض حساب التحويلات الجارية، ما أدّى إلى تعزيز موقف الميزان الكلي للمدفوعات”. وبلغت نسبة المغتربين والعاملين اليمنيين في الخارج نحو 4.9 في المئة من إجمالي عدد السكان. وقدّر “التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت” لعام 2004 عدد المغتربين والعاملين اليمنيين بحوالى 1.8 مليون شخص، يتركّز معظمهم في السعودية والإمارات والولايات المتحدة والأردن وبريطانيا.
وإحتل اليمن في العام 2010 المرتبة الخامسة بين الدول الأقل نمواً لجهة التحويلات المالية الخارجية، والمرتبة السابعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يعكس أهمية الدور الذي تلعبه التحويلات المالية الخارجية في توفير مصادر دخل لعائلات المغتربين، وكذلك أثرها في الإقتصاد اليمني من خلال توفير النقد الأجنبي وزيادة إيرادات الدولة ومساهمتها في التنمية الإقتصادية والإجتماعية.
وأظهرت دراسة عُرضت في الورشة وعنوانها “توجيه تحويلات المغتربين والعاملين اليمنيين في الخارج نحو التنمية”، أن إجمالي المساعدات التنموية الخارجية بلغ بين عامي 2002 و2012 نحو 5.072 مليارات دولار، في مقابل 18.680 مليار دولار، تحويلات المغتربين، وبنسبة 401 في المئة إلى المساعدات، ما يؤكد أهمية التحويلات كمصدر رئيسي للتدفقات المالية إلى اليمن. وأشارت إلى أن متوسط نسبة التحويلات إلى الدعم الحكومي بلغ خلال الفترة المذكورة نحو 110.9 في المئة، ما يعني تفوّق التحويلات على الدعم.
وأكدت الدراسة أن التحويلات ساهمت في دعم ميزان المدفوعات، وأدت في بعض السنوات إلى تحويل عجز الميزان إلى فائض، ما ساعد حساب التحويلات الجارية، الذي تجاوز 1.548 مليار دولار سنوياً في المتوسّط بين عامي 2000 و2010 من خلال تحويلات المغتربين، في دعم الحساب الجاري وبالتالي الميزان الكلي للمدفوعات.
ولفتت إلى أن الإستهلاك الخاص شكّل في المتوسّط 83.2 في المئة من إجمالي الاستهلاك الكلي بين عامي 2000 و2012، وسجل متوسّط نمو سنوي نسبته 14.7 في المئة، والذي يقترب من متوسّط نمو التحويلات المقدّر بنحو 15.4 في المئة. وساهمت التحويلات في تمويل جانب رئيسي من حاجات الإستهلاك الخاص، كما بلغت نسبة التحويلات إلى الإستهلاك الخاص في المتوسّط 11.2 في المئة. وعلى رغم أن معظم التحويلات المالية يذهب إلى الإستهلاك بسبب ظروف البلد وإنخفاض مستوى المعيشة وتدنّي دخول الشريحة الأكبر من المغتربين، إلا أن ذلك لا يعني عدم توجيه جزء منها نحو الإستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسّطة، إضافة إلى الإستثمار في القطاع العقاري.
وقدّرت الدراسة نسبة التحويلات إلى الإستثمار الإجمالي بنحو 32.2 في المئة، ومتوسّط النمو بـ15.1 في المئة و15.4 في المئة لكل من الإستثمار الإجمالي والتحويلات على التوالي بين عامي 2000 و2012. ولم تغفل مساهمة التحويلات في خفض الفقر، إذ أفادت بأن تحويلات المغتربين مع التحويلات الخاصة من داخل اليمن حالت دون إرتفاع الفقر بنحو 4.6 في المئة.
وأضافت الدراسة أن “تلك التحويلات تمثّل مصدراً مهماً لدخل الفقراء وغير الفقراء في الريف والحضر على حد سواء، ويحصل أكثر من ربع الفقراء على تحويلات من خارج البلد، ويتوزّعون على 22 في المئة من فقراء المناطق الحضرية و29 في المئة من فقراء الريف”.
ولفتت إلى أن “التحويلات المالية توجّه لتغطية نفقات الزواج أو تسديد ديون سابقة تراكمت على المغترب أو العامل أو أسرته، بما في ذلك تسديد تكاليف السفر للعمل في الخارج”. ويسعى بعضهم إلى إدخار جزء من التحويلات نقداً أو على شكل مصوغات ذهبية، أو إستثمارها في شراء قطعة أرض أو الإتجاه لبناء مسكن جديد أو بدء أنشطة ذاتية تولّد دخلاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى