ربيع مكي يعيد اللغات الحامية السامية إلى جذورها

صدر أخيرا كتاب للأستاذ المحاضر في الجامعة اللبنانية الدكتور ربيع مكي عنوانه:
“DECOMPOSITION OF HAMITO-SEMITIC ROOTS INTO THEIR ULTIMATE PRIMEVAL COMPONENTS” وهو الأول من نوعه في العالم في شموليته، لناحية مضمونه الذي يبحث في أصول اللغات القديمة في العالم.

بيروت – مازن مجوز

بصمت وصبر كبيرين، وعلى مدى سنوات طويلة من البحث والتدقيق، عمل ربيع مكي على كتابه الذي قررت كبرى دور النشر العالمية المتخصصة بالأبحاث العلمية “Lincom Europa” طباعته على نفقتها وتوزيعه في مختلف أنحاء العالم. ويعد هذا القرار، إنجازاً جديداً يُسجَّل لصالح لبنان.
ويتضمن الكتاب الذي يقع في 800 صفحة، والصادر باللغة الإنكليزية، مقارنة شاملة على مستوى الجذور والأصوات ومستوى القواعد بين اللغات الحامية – السامية، واللغات الهندية – الأوروبية.
وبدأ مكي الذي يحاضر في قسم اللغة الإنكليزية في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية، التحضير للكتاب منذ تحضيره للدكتوراه التي حصل عليها من جامعة “جورجتاون” في واشنطن قبل 33 عاماً.
في لقاء مطول حول كتابه يقول مؤلف الكتاب: “هذا البحث يستقصي التغيّرات التي طرأت على جذور اللغات الحامية السامية وقواعدها بقدر ما تسمح البراهين والدلائل، وهو يهدف إلى إثبات أن جذر اللغات الحامية السامية يتركب من عدد من المقاطع التي إلتصقت ببعضها البعض على مرور الزمن وأصبحت كلمة واحدة مثل حنطة ح ن ط ( ح : قمح ، ن = يعود الى ، ط = إرض ) كلمة لها معناها المحدد الواضح او وضعيتها القواعدية.
ويتابع: “هذه المقاطع المُكتشفة في العائلة الحامية السامية هي موجودة في كل لغات العالم. ولإثبات ذلك عمدت الى مقارنة هذه العائلة مع العائلة الهندية الاوروبية (السلافية، الجرمانية، السنسكريتية، اللاتينية، اليونانية، الأرمنية…إلخ )”.
ويبيِّن الكتاب كيف تمكّن مكي من إثبات وحدتها على صعيد النظام الصوتي والجذور والمشتقات من الجذور، والقواعد. عارضاً أيضاً لمقارنة مع اللغات الصينية – التيبيتية ممثلة بأقدم النصوص التي وصلتنا من اللغة الصينية ويظهر تشابههما في النظام الصوتي وفي الجذور، كما يثبت بأن الصينية هي لغة إشتقاقية وأن كلماتها المؤلفة من مقاطع تحتوي كلمات مركبة. إضافة إلى عرض لمقارنة مع قواعد اللغة الصينية.
ويقوّم مكي في ضوء كل هذه الإكتشافات جميع النظريات وطرق مقارنة اللغات ويشرح لماذا كلها فاشلة.
وأثبت مكي بطلان كل النظريات اللغوية السابقة منذ القرن التاسع عشر وحتى تاريخه، وذلك من خلال الدلائل والبراهين؛ ويشرح أن “كل كتب القواعد منذ الألفية الأولى قبل الميلاد حتى الآن كانت مبنية على وصف البنية السطحية للغة وليس على العمق اللغوي، منذ أيام بنيني الذي وضع قواعد اللغة السنسكريتية وبعده علماء اللغة العربية، وبالطبع بالبراهين وإلا من أنا كي أثبت عكس كلامهم”.
وعلى ضوء هذه الحقائق المكتشفة يتناول البحث مراجعة لأصل اللغة والإنسان والفرق بين تطور لغة الإنسان وعدم تطور لغة الحيوانات. والسبب الوحيد هو العقل الخلّاق الذي سمح للإنسان بالتطور وبتطور لغته مع الزمن فيما بقي عقل الحيوان كما هو.
وبإختصار نجد في الفصل الاول: “تعريفاً باللغات الحامية السامية وعرض للنظام الصوتي وكيفية تغيره في ما بعد بشكل منتظم ومتوقّع”.
أما الفصل الثاني فيناقش أهم ما قاله علماء اللغة عن الجذر في اللغات الحامية السامية، وبعدها ينتقل النقاش الى ما قاله علماء اللغة العربية عن الجذر في اللغة العربية مع التركيز الشديد على أحمد بن فارس الذي إستطاع أن يحدد بعض الإحرف الزائدة في الجذر الرباعي لبعض الكلمات من دون التعريف عن معناها او وظيفتها.
وبعد ذلك يعطي مكي لمحة موجزة عن جذور اللغات السامية وكيفية تصنيفها متحدثاً عن ظاهرة الثنائية فيها ليخلص إلى أن هذه الظاهرة هي شائعة في اللغات الحامية أيضاً، ولعل أهم ما في هذا الفصل هو أن معنى الكلمة في اللغة العربية بشكل خاص هو خاص أو حسي وهذا ينطبق على كل اللغات الحامية السامية.
وإنتقالاً إلى الفصل الثالث تستوقفنا مناقشة مكي لإصول وتطور الجذور في اللغات الحامية السامية بشكل مستفيض جداً (454 صفحة) ويفرز فصلاً لكل حرف يؤدي وظيفة قواعدية أو معنى. ويبين أن الحرف يحتفظ بمعناه أو وظيفته في الكلمات التي يظهر فيها.
وفي الختام يجري مكي في الفصل الرابع مقارنة مع اللغات الهندية الأوروبية حيث يضع نظاماً صوتياً يضبط كل التغيّرات. فتغير الصوت في جذور هاتين العائلتين اللغويتين، إن وجد، فهو منتظم. وفي نهاية الفصل الرابع يعرض مكي لمقارنة القواعد (الإشتقاق، الجمع إلى أخ) بين العائلتين ويبين عدم وجود خلافات أصيلة بينهما.
وفي الختام يبدو أنه بات أمام الراغبين في العودة إلى أصول لغات العالم خيارين إما العودة إلى الكتاب أو إعتماد الأسلوب الذي إنتهجه مكي في الوصول إلى أصول لم يتطرق إليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى