نيويورك تُناقش جبران “الرجل من لبنان”

دعا المركزُ الأَكاديمي – فرعُ نيويورك للجامعة اللبنانية الأَميركية (LAU NY) إِلى ندوة إِلكترونية لمناقشة كتاب هنري زغيب الجديد “جبران خليل جبران… هذا الرجل من لبنان” الصادر قبل أَيام عن “منشورات مركز التراث اللبناني” في الجامعة اللبنانية الأَميركية (LAU).

أَدار الندوةَ مديرُ فرع نيويورك نديم شحادة وشارك فيها الدكتور فيليب سالم من هيوستن تكساس، الشاعرة مي الريحاني من واشنطن، الدكتور عدنان حيدر من فايِتْڤيل آركنصا، والدكتور عبدالله نعمان من باريس.

إفتتح المؤَلف الندوة بنبذة عن كتابه الذي “من 600 صفحة في ثلاثة أَقسام: في الأَول ترجمة كتاب باربرة يونغ عن جبران “هذا الرجل من لبنان” مصحوبة بعشرات الحواشي والصوَر والوثائق، وفي القسم الثاني كتابات عن جبران من يونغ وسواها صدَرَت عن جبران بعد وفاته، وفي القسم الثالث مجموعة كبيرة من الصُوَر تصدر للمرة الأُولى”.

سالم: رسالة جبران العالمية

المُداخلة الأُولى كانت للدكتور فيليب سالم نوَّه فيها بــ”أَهمية صدور الكتاب في هذه الفترة بالذات ولبنان يمرُّ في ظلام عميق وتهدِّدُهُ حضارةٌ غريبةٌ عنه وعن حضارة جبران الذي دعا إلى عالم واحد مغمور بالمحبة الكونية الشاملة بعيدًا عن التشقُّقات السياسية والدينية والطائفية”. وسرَدَ سالم كيف كانت علاقة جبران بلبنان عضويةً جوهرية أَعلنها مرارًا لباربرة يونغ التي، عند وضعها كتابها، لم تجد إِرضاءً لجبرانها أَفضل من عنوان “هذا الرجل من لبنان”. وتلك هي الرسالة التي تسطع في الكتاب لأَن “هنري زغيب كتَب عن جبران بِـحُب، ما جعل كتابه يوصل جبران إِلى قرائه بهذا الحب ذاته”.

وتحدَّث سالم عن “هموم جبران في الدفاع عن الإِنسان وخصوصًا عن المهمَّشين والمظلومين”، وأَشار إِلى تنَسُّكه للعمل المتواصل رسمًا وكتابةً، “حتى جاء بتراث رئيسي جعل رسالته ذات آفاق عالمية تغمرها المحبة”، وختم بما في الكتاب من “عمل دؤُوب جعله هنري زغيب مصاحبًا للنصوص، فإِذا الهوامش، في ذاتها، مضمون كتاب آخَر مستقلّ”.

الريحاني: دور باربرة يونغ في حياته

الشاعرة مي الريحاني وجدت في توقيت صدور الكتاب “تأْكيدًا على استمرارية العطاء الفكري في لبنان رغم ما يجري من أَحداث ما زالت تُمسك بخناق الوطن ومصيره، لكن الإِبداع فيه يعطيه هويته الدائمة التي ستبقى ولن يستطيع أَن يغيِّرها أَحد”.

وقارنت في علاقة جبران بالمرأَة في حياته بين مي زيادة وجوزفين بيبدي وماري هاسكل وماري الخوري وباربرة يونغ. ورأَت أَن “باربرة هي الأَقرب إِليه لأَنها عاشت معه في المحترف سبع سنوات، فكشفَت في كتابها مزاجه وطبعه ولحظاته الخاصة في التأْليف والرسم”.

ولاحظت الريحاني الفرق في كتابة السيرتَين بين باربرة يونغ وميخائيل نعيمة “الذي لم يعرفه كما عرفتْه هاسكل أَدبيًا وغالبًا عن بُعد، ولا كما عرفتْه يونغ كإِنسان ساعدتْه وسهَّلت حياته: كتابةُ كلامه وهو يلقيه عليها، طباعةُ نصوصه على آلتها الكاتبة، تأْمين جوٍّ مؤاتٍ في محترفه كي ينصرف إِلى التأْليف والرسم، حرصُها الدَقيق على نشْر نصوصه بعد وفاته، ونشاطُها بعد غيابه في أُمسيات قراءات ومعارض للوحاته في أَميركا وأُوروبا”.

حيدر: ترجمة الروح للروح

عدنان حيدر حلَّل “الدقة في ترجمة هنري زغيب كتابَ باربرة يونغ”، ورأَى أَنه “ترجم روح يونغ بنفحة من روحه، فخرج نصُّه في حِرَفية أَدبية عالية لا مجرَّد نقل من لغة إِلى لغة”. من هنا أَن زغيب “نَقَلَ جـوّ جبران وأُسلوب باربرة يونغ الشاعري”. وأَعطى حيدر نموذجًا عن ذلك من قصيدة يونغ في الاحتفال بذكرى ميلاد جبران في حضوره: “دَعُوني أَنثُر سحرًا على اسمه السحري، كما يُنْشَرُ الماء على عُرف التلة الأَخضر”، وهي ترجمة أَمينة للمعنى الأَصلي لكنها موشحةٌ بشاعرية زغيب في أَدائه النص الجديد”.

ورأَى حيدر أَن الهوامش الغنية والصوَر والوثائق، في أَقسام الكتاب الثلاثة، تُشكِّل مخزونًا غنيًّا آخَر يهب القارئ معلومات دقيقةً عن جبران يكاد لا يعرفها معظم الاختصاصيين بجبران.

وختم حيدر كلامه على علاقته بأَندرو غَريب (من راشيا الفخار) وهو “أَول من تَرجَم إِلى الإِنكليزية نصوص جبران العربية، وحاز من جبران شخصيًا على إِذن خاص بذلك”. وكان عدنان حيدر ترجم إِلى الإنكليزية نصوصًا لجبران صدرت في أَكثر من أَنطولوجيا أَميركية.

نعمان: عنوان للبنان في العالم

عبدالله نعمان رأَى في الكتاب “عملًا موسوعيًّا تأْليفًا وبحثًا وتدقيقًا وهوامشَ وتعليقاتٍ وتواريخَ ووثائقَ وترجمةً أَدبية موفَّقة أَضافت جديدًا حتى على المتخصصين بسيرة جبران ومسيرته الأَدبية”. وأَشار إِلى أَن الكتاب “ذو إِخراج أَنيق يوازي المضمون، ويخلو من الأَخطاء الطباعية: من هنا أَنه أَضاف أَناقة شكل على غنى المضمون”.

وأَعطى نماذج عن “أَكثر من كشْف جديد في الكتاب: مولد جبران في مرجحين الهرمل لا في بشرّي، على ما جاء في نص فؤاد افرام البستاني نقلًا عن صبري حمادة، وشهادة الخوري لاوون مقصود الذي كان حاضرًا يوم زارت باربرة يونغ معهدَ الحكمة في بيروت يرافقها حفيدها كريستوفر الذي طلبَتْ منه أَن يركع ويقبِّل أَرض الغرفة التي درس فيها جبران”.

ورأَى نعمان بين وجوه الأَهمية في هذا الكتاب” تقديمه جبران إِلى أَبناء الجيل الجديد بطريقةٍ سلِسَة ومُريحة وجذَّابة كي يتعرفوا إِلى جبران عنوانًا عالميًا للبنان في العالم”.

وفي الختام شكر زغيب الجامعة اللبنانية الأَميركية، برئيسها الحالي الدكتور ميشال معوض، ورئيسها السابق الدكتور جوزف جبرا، على إِصدارها في منشورات مركز التراث اللبناني لديها “هذا الكتاب الذي، لولا دعمها برغم هذه الظروف القاسية، ما كان ليصدر بهاتين الضخامة المضمونية (600 صفحة) والأَناقة الطباعية العالية”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى