الصباح التالي في فلسطين؟

إذا جرت الإنتخابات في الضفة الغربية وغزة في موعدها، وتم انتخاب المجلس التشريعي الفلسطيني، هناك أسئلة مهمة عدة سوف تُطرَح على جميع الأطراف.

الرئيس محمود عباس: المراسيم التي أصدرها من دون موافقة البرلمان غير قانونية

ناثان براون*

الحقيقة بأن الفلسطينيين ربما ينتخبون قريباً مجلساً تشريعياً فلسطينياً جديداً، (الهيئة التشريعية للسلطة الفلسطينية)، آخذة في التراجع وتتضاءل. لا يزال من الممكن تأجيل الانتخابات أو إلغاؤها، والانتخابات الأخرى التي وعد بها القادة الفلسطينيون –للرئاسة والمجلس الوطني الفلسطيني (يمثل الفلسطينيين في كل مكان)- تبدو أيضاً غير مُحتملة. لكن حتى بالنسبة إلى أولئك الذين سرح بالهم منذ فترة طويلة، تُثير الانتخابات العديد من الأسئلة: إلى أي مدى ستتدخّل إسرائيل؟ ما هو حجم الدعم الذي سُيقدّمه اللاعبون الدوليون الأساسيون، وخصوصا أوروبا والولايات المتحدة؟ ما مدى نجاح أداء “حماس”؟ ما إذا كانت الانتخابات ستُجرى وما سيحدث في يوم الانتخابات يُشكّلان أمراً مهماً. لكن ماذا عن اليوم التالي؟

من المنطقي طرح مثل هذا السؤال الآن. في العام 2006، بدا معظم اللاعبين، حتى الفائزين، غير مستعدين للنتائج. في العام 2021، لا ينبغي لأحد أن يكون لديه عذرٌ لإحساسٍ مُماثل بالمفاجأة. يجب مواجهة أسئلة مهمة للفاعلين الفلسطينيين والدوليين فور إعلان النتائج النهائية. وإذا كانت هذه النتائج كما هو مُتوَقَّع – برلمان بدون حزب أغلبية ولكن بدلاً من ذلك تمثيل قوي من “حماس” وكتل “فتح” المتنافسة ومجموعة من الجهات الفاعلة الأصغر- فمن الواضح تماماً ما ستكون عليه التحديات.

قد تكمن الدراما في التفاصيل الكئيبة للقوانين والإجراءات. بالنسبة إلى الجهات الفاعلة الدولية، ستظهر ثلاثة أسئلة مهمة بسرعة كبيرة، والتي من المحتمل أن تتخذ موقفاً بشأنها.

أولاً، هل سيتمكن البرلمان من الاجتماع؟ سيكون هناك بعض النواب في السجون الإسرائيلية، والبعض الآخر مُقَسَّم بين الضفة الغربية وغزة. تم استخدام الاجتماعات المشتركة من طريق الفيديو بين رام الله وغزة في بعض الأحيان، لكن أولئك المُقيمين في الضفة الغربية، وربما القدس، سيواجهون قيوداً إسرائيلية مُحتملة. كيفية تكوين النصاب القانوني، الذي سيتم احتساب أصواته، وما إذا كان سيتم السماح بالتصويت بالوكالة من قبل السجناء، كلّها أسئلة يتعيّن على القادة والبرلمانيين الفلسطينيين التعامل معها.

ومن المرجح أن يطلب النواب الجدد الدعم الدولي لتسهيل عمل البرلمان –وقد يرغب الديبلوماسيون في الحصول على إجابات جاهزة. سيتعيّن على هؤلاء معالجة حتى الأمور العادية. على سبيل المثال، إذا تمت دعوتهم إلى حفل استقبال في البرلمان، هل سيتجاهلون نواب “حماس” أو يحيّونهم؟ هل سيعاملونهم كبرلمانيين ويتجاهلون انتماءهم الحزبي أم يفعلون العكس؟

ثانياً، مَن سيكون رئيس البرلمان؟ الجواب الفوري واضح: سيشغل العضو الأكبر سناً منصب الرئيس المؤقت حتى يتم انتخاب عضو دائم من قبل الأعضاء الجدد في البرلمان. لكن مَن يشغل هذا الكرسي لن يحمل المطرقة فحسب، بل سيكون أيضاً في المرتبة الأولى لمنصب رئاسة السلطة، إذا خلا. سيملأ رئيس مجلس النواب مهامه لمدة 60 يوماً في حالة استقالة الرئيس الحالي أو وفاته، حتى إجراء انتخابات جديدة. إذا انقسم البرلمان، فسيكون النواب مُدركين تماماً أنهم سيحتاجون إلى الاتفاق على مرشح تسوية يشغل دوراً بارزاً، وإن كان مؤقتاً، في أي خلافة. في قائمتها الانتخابية الحالية، قررت “فتح” تخصيص عدد قليل فقط من المناصب العليا لكبار الشخصيات لمنع الاقتتال الداخلي. وسارعت القوائم البرلمانية الأخرى لتقديم شخصيات محلية ذات مصداقية لتعظيم فرصها الانتخابية. لذلك، قد لا يكون هناك العديد من المرشحين الواضحين للاختيار من بينهم لمنصب رئيس البرلمان أو الخلف المُحتَمل لرئيس السلطة.

ثالثاً، مَن سيكون في الحكومة؟ إذا اجتمع البرلمان، سيتم إحياء الأحكام الدستورية التي تتطلب من جميع الوزراء – بمَن فيهم رئيس الوزراء – الحصول على دعم الأغلبية من البرلمان. مرة أخرى، من المرجح أن يكون البرلمان مُنقسماً بين مزيج من التكنوقراط وائتلاف من الوزراء السياسيين يتم تقديمهم إلى الهيئة التشريعية. في مثل هذه الحالة، ستعود كيفية تفاعل الممثلين الأجانب مع الوزراء الذين لديهم دعم واضح ل”حماس”، أو حتى الانتماء إلى الحركة، إلى الواجهة.

أخيراً، يصبح النواب البرلمانيون بحكم مناصبهم أعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني، الهيئة التشريعية لمنظمة التحرير الفلسطينية. إذا خرج هذا الجسد من التحنيط مع بعض دماء “حماس” في عروقه، فهل سيتعامل الفاعلون الدوليون مع ذلك باعتباره خطوة مرحب بها نحو إحياء المؤسسات الفلسطينية، أو كمناسبة لنفض الغبار عن المواقف السياسية بشأن تجنّب التعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية التي وُضعت جانباً قبل جيل مضى؟

تلك هي أسئلة ما بعد الانتخابات التي من المرجح أن تكون على جدول الأعمال الدولي. ولكن على الصعيد المحلي، ستكون هناك أسئلة أخرى أكثر إلحاحاً، وقد تحدث بشكل يومي.

أولاً، ما هي العلاقة بين المؤسسات الفلسطينية المُعاد تجميعها وإدارة “حماس” في غزة؟ هل سيتم إعادة دمج الوزارات والهيئات الإدارية في المنطقة التي استجابت بشكل فعال لقيادة “حماس” لمدة أربعة عشر عاماً؟ يبدو من غير المرجح أن تنزع “حماس” سلاحها أو تتنازل عن دورها في الأمن الداخلي، فما هي الترتيبات التي سيتم وضعها لضبط ومراقبة الحدود؟

ثانياً، ماذا سيحدث للهيكل القانوني الذي نما منذ الانقسام في العام 2007 بين “حماس” و”فتح”؟ هناك فئتان للنظر فيهما. أولاً، أصدر البرلمان والحكومة اللذان تهيمن عليهما “حماس” في غزة قوانين وأنظمة. هل سيتم إلغاؤها على الفور أم سيكون هناك نوع من عملية الفرز؟ هل ستبدأ محاكم الضفة الغربية في التعامل مع الأحكام الصادرة عن زميلاتها في غزة على أنها أحكام صحيحة؟

ثالثاً، ماذا سيحدث لسلسلة القوانين التي أصدرها الرئيس محمود عباس بمرسوم؟ الدستور واضح وينص على أنه يجب تقديمها جميعاً إلى البرلمان عند اجتماعه. تلك المراسيم التي لا يوافق عليها البرلمان ستفقد صلاحيتها. لكن الأمر سيستغرق ساعات لقراءة المراسيم وربما سنوات لمراجعتها جميعاً. لذلك سيُطلب من البرلمان حتى الموافقة على المراسيم التي جعلت انتخابه مُمكناً.

هذه الأسئلة قانونية وجافة، لكن طريقة الإجابة عنها ستكون لها آثار كبيرة. هي التي ستُشكّل مَن هم القادة بالطبع، لكن علينا تجنّب الميل إلى اختزال كل السياسة الفلسطينية في شخصيات. بدلاً من ذلك، يجب على المهتمين بالشأن الفلسطيني الانتباه إلى ما سيحدث، لأن هذا سيشكل كيف وما إذا كان الفلسطينيون سيعملون كمجتمع وطني.

  • ناثان براون هو زميل أول غير مقيم في برنامج الشرق الأوسط في كارنيغي، وهو أستاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن، وباحث بارز ومؤلف لستة كتب عن السياسة العربية لقيت استحساناً كبيراً.
  • كُتِبَ هذا المقال بالإنكليزية وعرّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى