كيف يُمكِنُنا إنهاء الصراع في سوريا وغيرها

بقلم جانين دي جيوفاني*

صادَفَت الأسبوع الفائت الذكرى ال75 على توقيع ميثاق الأمم المتحدة، أي المعاهدة التأسيسية للمنظمة الدولية. مرّت هذه المناسبة مرور الكرام وبشكل هادئ، جزئياً بسبب انشغال العالم بوباء فيروس “كورونا”، ولكن أيضاً لأن الأمم المتحدة لم تعد المنظمة القوية وبالعضلات المطلوبة التي كان من المفترض أن تملكها بعد إنشائها في العام 1945.

لن تنعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول (سبتمبر) المقبل، كما تفعل كل عام. في هذه الحالة، سيكون للوباء تأثيرٌ كبير في كيفية تنفيذ عملية صنع القرار العالمي في المستقبل.

إن أحد تفويضات الجمعية العامة هو حلّ النزاعات، التي للأسف لا تزال تُشكّل تحدّياً في أجزاءٍ كثيرة من العالم.

النزاع في سوريا، على سبيل المثال، استمر إلى ما لا نهاية. حتى مع فقدان ما يُقدَّر بنحو 700 ألف شخص حياتهم، فشل ديبلوماسيون مُحتَرَمون من كوفي عنان ولخضر الإبراهيمي إلى المبعوث الحالي غير بيدرسن في أدوارهم كمُفاوِضين عيّنتهم الأمم المتحدة لإحلال سلامٍ دائمٍ في البلاد.

الخطأ ليس خطأهم بالطبع. يقع اللوم في مأزق سوريا، في الغالب، على مجلس الأمن الدولي المُنقسم للغاية. لسوء حظ الأمم المتحدة، فإن سمعتها كصانع سلام كانت في حالة سيئة منذ تسعينات القرن الفائت، عندما فشلت بمفردها في حلّ النزاع وإنهاء إراقة الدماء في دولٍ مثل البوسنة ورواندا.

لذا فإن الإجابة عن السؤال حول كيفية تحقيق السلام في عالم اليوم الذي يزداد تعقيداً ربما يكمن في تغيير كيفية تفاوض البشرية مع بعضها البعض.

من الأمثلة الأخرى مركز كارتر في أتلانتا (ولاية جورجيا الأميركية)، الذي يقوده الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، و”مبادرة إدارة الأزمات” (Crisis Management Initiative)، وهي مجموعة أسسها الرئيس الفنلندي السابق، الحائز على جائزة نوبل، “مارتي أهتيساري” (Martti Ahtisaari) في هلسنكي.

إن أحد الجوانب الحاسمة لديبلوماسية المسار الثاني هو أنه يوفّر فرصةً للأشخاص الذين يهمهم حقاً اتخاذ قرارات من شأنها أن تؤثر في بلدانهم أو مناطقهم. لسوء الحظ، إنها طريقة أقل تفضيلاً ومتابعة نظراً إلى أنها تستغرق وقتاً طويلاً وتتطلب المزيد من الحوار والوساطة أكثر مما يتطلبه صنع السلام التقليدي.

“إنه ليس حلاً سريعاً أبداً. يمكن أن تستغرق هذه العمليات سنوات وسنوات”، يقول أندرو غيلمور، المدير التنفيذي لمؤسسة “بيرغوف” والأمين العام المساعد لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة: “يتطلب الأمر صبراً هائلاً، ولكن أيضاً يجب أن يكون تقليل وتخفيف الأنا عاملاً رئيساً”.

تحتاج مراكز حل النزاعات أيضاً إلى لعب دور الحَكَم في أي عملية وساطة مُعيَّنة. ويقول غيلمور: “لا يمكنك أن تتباهى بأنني كنت الوسيط. أنت بحاجة إلى مُلكيّة محلية، لأن أطراف النزاع بحاجة حقاً إلى معرفة أن العنف انتهى نتيجة إرادتهم وأفعالهم وتضحياتهم ومهاراتهم”.

على هذه المستويات، فإن الذي تتحدث معه يكتسب أهمية أيضاً.

قبل عقد من الزمن، على سبيل المثال، لم يكن من الممكن التفكير في ضم طالبان إلى المفاوضات لإنهاء الحرب في أفغانستان. أو، في هذا الصدد، جلب “القوات المسلحة الثورية في كولومبيا – الجيش الشعبي” (فارك) من “البرد” من أجل السلام في كولومبيا.

وبالمثل في سوريا، هناك حاجة إلى دعوة الجماعات المسلحة إلى طاولة المفاوضات، كما أوصى روبرت فورد، السفير الأميركي السابق في سوريا. ولا يُمكن رؤية مسؤولي الأمم المتحدة يتحدثون إلى هذه الجماعات، ولكن يُمكن لآخرين القيام بذلك.

يقول غيلمور: “سنحتاج دائماً إلى الأمم المتحدة بسبب العالمية والشرعية اللتين تجلبهما. ولكن سيكون هناك تعاون متزايد مع مؤسسات مثل “بيرغوف””.

مثل “فيروس “كوفيد-19” الذي يُجبرنا على أن نكون مُبدعين في جميع جوانب الحياة والعمل، يجب علينا أيضاً الإبتكار والتفكير “خارج الصندوق” عندما يتعلق الأمر بالديبلوماسية في القرن الحادي والعشرين. إن ميزة المسار 2 هي أنه يسمح بمزيد من خفة الحركة، التي تفتقر إليها المنظمات الدولية المُتعثّرة. وربما، عندها، يُمكن للمسار الثاني تحقيق حلّ للنزاع والسلام الدائم حيث فشلت منظمات دولية مثل الأمم المتحدة.

  • جانين دي جيوفاني صحافية وكاتبة حائزة على العديد من الجوائز، وهي زميلة كبيرة وأستاذة في معهد جاكسون للشؤون العالمية في جامعة “ييل”. يُمكن متابعتها على تويتر: janinedigi@
  • كُتِبَ هذا المقال بالإنكليزية وعرّبه قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى