برنامج تطوير القطاع المالي يُؤجّج نار الإندماج والإستحواذ بين المؤسسات المالية في السعودية
يهدف برنامج تطوير القطاع المالي 2020 الذي تم إعتماده في السعودية في أوائل أيار (مايو) الفائت إلى توسيع قدرة شركات الخدمات المالية على تلبية الإحتياجات التمويلية لرؤية 2030، وهي خطة التنمية الوطنية طويلة الأجل في المملكة.
الرياض – راغب الشيباني
تضع أحدث خطة لتنمية وتطوير الخدمات المالية في المملكة العربية السعودية ثلاث ركائز إستراتيجية رئيسية لتعزيز القطاع: تمكين المؤسسات المالية لدعم النمو في القطاع الخاص؛ وضمان تكوين سوق رأس مال متطورة؛ وتعزيز وتسهيل خدمات التخطيط المالي، مثل التقاعد والإدّخار ومحو الأمية المالية.
لتحقيق هذه الأغراض بشكل أوسع، يُحدّد البرنامج أربعة أهداف رئيسية يُمكن الوصول إليها بحلول العام 2020.
أولاً ، يلتزم برنامج تطوير القطاع المالي 2020 برفع نسبة أصول القطاع إلى الناتج المحلي الإجمالي – والتي بلغت 192٪ في العام 2016 – إلى 201٪. وثانياً، فهو يستهدف زيادة حصة أصول أسواق رأس المال كنسبة مئوية من إجمالي الأصول من 41٪ إلى 45٪، في إطار الهدف الأوسع المتمثل في تنويع هيكل القطاع. ثالثاً، من أجل تعزيز الشمولية والتمويل المنتج، ستُرفع نسبة إجمالي التمويل المصرفي إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة من 2٪ إلى 5٪. وأخيراً، ونظراً إلى هدف بعيد المدى لإنشاء مجتمع خالٍ من النقود، يسعى برنامج دعم السياسات المالية إلى رفع حصة المعاملات غير النقدية من 18٪ إلى 28٪.
محادثات إندماج على نطاق واسع بين البنوك
الأهداف التي تم تضمينها في برنامج التطوير المالي الذي تم تحديثه، والذي يعتمد على الجهود السابقة لتعزيز القطاع، تعمل على تعزيز التوحيد والدمج بين بعض المُقرضين، حيث بدأ بعض المؤسسات بالفعل بناء إحتياطات تحسّباً لزيادة النشاط المالي.
في منتصف أيار (مايو)، أصدر البنك السعودي البريطاني (ساب) والبنك الأوّل بياناً في السوق المالية السعودية بشأن التقدم في مفاوضات الاندماج التي أُعلن عنها لأول مرة في أواخر نيسان (إبريل) الفائت. لقد أعلن المقرضان أنه تم التوصل إلى إتفاق أوّلي غير مُلزم على نسبة تبادل الأسهم.
في حين وصلت المناقشات إلى مرحلة متقدمة، فإن البنكين قالا إن أي اتفاق لا يزال خاضعاً لإتمام الدراسة وإجراءات العناية الواجبة التأكيدية (due diligence)، والانتهاء من إتفاق الإندماج، والإتفاقات بشأن القضايا التجارية المختلفة وغيرها من الخطوات.
وسيؤدي الإندماج المُقترح إلى ولادة ثالث أكبر بنك في المملكة العربية السعودية، مع أصول مشتركة تبلغ نحو 77 مليار دولار.
وقال البنك السعودي البريطاني (ساب) في بيانه: “إذا إستمر الاندماج، فإنه سيمثل صفقة مهمة في سياق تطوير القطاع المصرفي في المملكة العربية السعودية، وهذا هو هدف رئيسي لبرنامج تطوير القطاع المالي في إطار رؤية 2030”.
عمليات إندماج وإستحواذ قيد المناقشة بين شركات التأمين
من ناحية أخرى يبدو أن الدمج هو أيضاً في مقدمة ما يحصل في قطاع التأمين، مع ثلاثة محادثات إندماج مُنفصلة جارية منذ العام 2017. إن برنامج تطوير القطاع المالي يدعو صراحة إلى الدمج في قطاع التأمين المُزدحم من أجل إنشاء شركات تأمين ذات رأس مال أفضل وأكثر قدرة على خدمة إحتياجات السوق. في الوقت الحاضر هناك 35 شركة تأمين وشركات إعادة تأمين مرخصة.
إن إعادة تنظيم القوانين بطريقة توضّح عمليات الدمج والإستحواذ وتُسهّلها هي أحد السُبُل الذي يأمل برنامج تطوير القطاع المالي من خلاله تشجيع الدمج وتأسيس شركات التأمين التي لديها القدرة على تلبية إحتياجات السوق.
وهناك هدف آخر لبرنامج تطوير القطاع المالي يكمن في تعزيز إنفاذ تغطية التأمين الإجباري للسيارات والصحة. بالإضافة إلى فتح الفرص في هذه القطاعات، حيث يجب أن تُعزَّز الموازنات العمومية لشركات التأمين الموجودة، التي تعرضت لضغوط في العام الماضي عندما إنخفضت أرباح القطاع بنسبة 55%، وهو تصحيح مهم بعد نمو بنسبة 140٪ في العام 2016.
ووفقًا لتقرير وكالة “ستاندرد آند بورز” الذي صدر في أواخر نيسان (إبريل) الفائت، فإن إنخفاض الأرباح يرجع جزئياً إلى إنخفاض بنسبة 1٪ في إجمالي الأقساط المُكتَتَبة، على الرغم من أن متطلبات الإحتياط المتزايدة وبنود الديون السيئة من قبل بعض الشركات الرائدة ساهمت أيضاً في التباطؤ.
إحدى القضايا الرئيسية: توظيف موظفين ذوي نوعية جيدة
في حين أن برنامج تطوير القطاع المالي يُنفِّذ مجموعة من الإصلاحات لتحسين قدرات القطاع، فإن العثور على موظفين جديرين وعلى مستوى جيد من الخبرة سيكون على الأرجح تحدياً رئيسياً لشركات الخدمات المالية.
ووفقاً لمسح أجرته وكالة التوظيف “روبرت والترز”، فإن طلب القطاع على الموظفين المحترفين يرتفع بشكل حاد. وأظهر أحدث تقرير لها عن الوظائف في الشرق الأوسط، والذي صدر في نهاية نيسان (إبريل) الفائت، إرتفاع الإعلانات لتوظيف محاسبين وموظفين ماليين بنسبة 26٪.
وذكرت الوكالة أن الطلب مدفوعٌ باهتمام مُتجدِّد من البنوك الإقليمية والدولية في السوق السعودية، وأن النمو المحلي المُتوَقَّع ومتطلبات السَعوَدة تُحدّد مستويات توظيف أعلى للمواطنين.
وقال التقرير أن “التحدّي الرئيسي الذي يواجهه أرباب العمل، سواء كانوا شركات محلية أو دولية، هو توظيف مواهب سعودية جيدة النوعية”.
وجاء في تقرير لاحق أصدرته الوكالة، صدر في أوائل أيار (مايو)، أن تنفيذ رؤية 2030 يؤجّج حملة تجنيد أوسع عبر القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك بين النساء، بما يتماشى مع هدف رؤية 2030 المتمثل في زيادة مشاركتهن في القوى العاملة من 22٪ إلى 30٪.
وقد بدأ هذا التغيير بالفعل في المستويات العليا من الأعمال المصرفية والمالية، حيث تم تعيين مديرات تنفيذيات في بنك الإمارات دبي الوطني كابيتال السعودي، ومجموعة سامبا المالية، والسوق المالية السعودية وغيرها في الأشهر الأخيرة.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.