نقل المعركة ضد “داعش” إلى أفريقيا

كابي طبراني

في غُرّة آب (أغسطس) الجاري ضربت الطائرات من دون طيار والقاذفات الأميركية أهدافاً ل”داعش” في ليبيا. وهذه هي المرة الأولى منذ التدخل الذي يقوده حلف شمال الاطلسي، الذي أطاح الزعيم السابق معمر القذافي في العام 2011، التي تقوم بها طائرات حربية أميركية بغارات في الجماهيرية السابقة. ويمكن القول أنها أتت في أفضل وقت من الكفاح العالمي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، فيما عانت وتعاني المجموعة الإرهابية نكسات مختلفة في معاقلها.
في حين كثّف عملاء “الدولة الإسلامية” هجماتهم في أوروبا على أهداف مدنية، فإن التنظيم الإرهابي يواجه ضغوطاً كبيرة في العراق وسوريا. فقد إنتزعت القوات العراقية مدينة الفلوجة من قبضة “داعش” كجزء من محاولة أكبر لإستعادة السيطرة على الموصل، ثاني أكبر مدينة في البلاد، وسيطرت الميليشيات التي تدعمها أميركا على قسم كبير من الأراضي التي يسيطر عليها “داعش” في سوريا وهي باتت على قاب قوسين من الرقة (عاصمة الخلافة). وهناك المزيد من العمل الذي يتعيّن القيام به لإستئصال المتعاونين مع الإرهابيين لكن إتجاه السفر بات واضحاً. إن “داعش” يضاعف جهوده لزيادة وجوده في ليبيا.
وأكد مسؤولون كبار في البنتاغون أن الولايات المتحدة كانت تخطط لعمليات في ليبيا منذ بعض الوقت بالتشاور مع نظرائهم الفرنسيين. وتتطلع واشنطن إلى توسيع النموذج الذي تطبقه في العراق وسوريا، حيث توفّر الطائرات الأميركية الدعم الجوي للجماعات المتحالفة معها التي تقاتل “داعش” على الأرض.
منذ سقوط القذافي، كانت ليبيا دولة منقسمة وفاشلة في حالة حرب مع نفسها ومع مجموعات متمرّدة مختلفة. وتواجه الغارات الجوية الأميركية خطر تعزيز وتشجيع الجماعات التي قد تشكل ضرراً على الأمن في المدى الطويل في ليبيا والمنطقة. مع ذلك، فإن الحرب على “داعش” مسعى متعدد الأوجه. يحاول الإرهابيون تأسيس قاعدة كبيرة لعملياتهم في البلاد، والتي يمكن أن تكون نقطة إنطلاق لهجمات جديدة على أهداف أوروبية.
وفيما تركيا، حليف رئيسي ل”الناتو” وعضو حاسم في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، تتابع عملية إقتلاع مُدبّري الإنقلاب المزعومين داخل جيشها، فمن الأهمية بمكان بالنسبة إلى واشنطن بعث رسالة قوية لقيادة “داعش” أن المعركة ما زالت مستمرة.
لقد حاول الرئيس باراك أوباما تجنّب صراع عسكري جديد في ليبيا منذ العام 2011 ولكن الواقع هو أن أميركا لا يمكنها أن تدير ظهرها لهذه الجبهة المهمة في الحرب الأوسع. من جهة ينبغي أن تستمر الضربات الجوية ضد الإرهابيين من “داعش” وإخوته وأخواته، ومن جهة أخرى لقد حان الوقت للولايات المتحدة وحلفائها لصياغة خطة واقعية لمستقبل ليبيا. إن إعادة بناء البلاد تشكّل أمراً حاسماً لأمن المنطقة والعالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى