الجزائر: التنويع الإقتصادي هو الحلّ لزيادة مصادر الدخل الحكومي
تبنّت الجزائر إستراتيجية جديدة تحت ضغط الأزمة النفطية، وفقدان البلاد لنسبة كبيرة من مداخيلها من النقد الأجنبي. وتتجه السياسات الجديدة نحو تنويع صادرات البلاد خارج قطاع المحروقات، من خلال تصدير منتجات عديدة على غرار الإسمنت والسيارات والحديد والنسيج والمنتجات الإلكترونية والكهرومنزلية.
الجزائر – سلامة عبد الرحمن
أعلنت الحكومة الجزائرية، التي يرأسها عبد المجيد تبون، أخيراً عن تفاصيل جديدة لخطة طويلة الأجل للحدّ من الإعتماد على الهيدروكربونات، الأمر الذي سيوفّر للمستثمرين دلائل جديدة على الإتجاه الإقتصادي للبلاد في عصر يتميّز بإنخفاض أسعار النفط.
وقد ظهرت في منتصف نيسان (إبريل) المزيد من التفاصيل الخاصة ب”النموذج الجديد للنمو” في الجزائر على موقع وزارة المال، الذي يُحدّد بعض الأهداف الإقتصادية للحكومة حتى العام 2030.
والمخطط الإقتصادي الذي أعلنه أساساً رئيس الحكومة السابق عبد المالك سلال في منتصف العام 2016، جاء رداً على الإنهيار الأخير في أسعار النفط، مما أدى إلى إنخفاض إيرادات الطاقة بنسبة 55٪، لتصل إلى 27.5 مليار دولار أميركي في الفترة من 2014 إلى العام الفائت.
تهدف الخطة في المدى المتوسط إلى الحد من الإنفاق العام في حدود 7 تريليونات دينار جزائري (58.8 مليار يورو) سنوياً حتى العام 2019، والحدّ من عجز الموازنة من 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2015 إلى 1.9٪ بحلول العام 2019. وسيؤدي تحقيق هذا الهدف إلى تحقيق فائض في الحساب الجاري يبلغ 2.2 ملياري دولار في ذلك العام.
غير أن هذه النتائج تتوقف على إرتفاع أسعار النفط من 50 دولاراً في المتوسط هذا العام إلى 55 دولاراً في العام 2018 و60 دولاراً في العام 2019.
في حين أن المُحلّلين يعتبرون هذا السيناريو مُمكناً – وفي نيسان (إبريل)، تحسّن سعر سلة المرجع لمنظمة أوبك بنسبة 2٪ على أساس شهري ليصل إلى 51.34 دولاراً – فما زالت البلاد عرضة لتقلبات أسعار النفط إذ أن الهيدروكربونات تُمثَّل 95٪ من صادراتها و 75٪ من مداخيل الدولة، وفقاً للبنك الدولي.
ونتیجة لذلك، یھدف “نموذج النمو الجدید” إلی تنویع مصادر دخل الدولة من خلال زیادة الإیرادات الضریبیة غیر النفطیة بنسبة 11٪ سنویاً حتی العام 2019. وتتوقع الحکومة أن تموّل العائدات المالية الإضافیة 84٪ من مصاریفھا التشغیلیة بحلول العام 2019، مقابل 47 ٪ في العام 2014، على الرغم من أنها لم تضع سوى تفاصيل قليلة حول كيفية تحقيق ذلك.
وقد تَعَزَّز هدف البلاد الأساسي، الإستقرار السياسي، بعد الإنتخابات البرلمانية التي جرت في 5 أيار (مايو) الماضي والتي شهدت حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الحاكم، “جبهة التحرير الوطني”، ينجح بالتحالف مع التجمع الوطني من أجل الديموقراطية، رغم أنه خسر 51 مقعداً في البرلمان.
وقد جلب هذا الإنتصار بعض اليقين للمستثمرين الذين كانوا يخشون التحوّل عن الإستراتيجية الإقتصادية للحكومة في حالة تغيير السلطة. وقد ساعد التعديل الوزاري الذي جرى فى 25 أيار (مايو) أيضاً على تعزيز الزخم على طريق الطموحات المتوسطة الاجل فى البلاد حيث غادر 13 وزيراً مناصبهم وإنضم ستة أعضاء جدد الى الفريق.
مناطق النمو
كجزء من جهود التنويع في إطار الخطة، سلّطت السلطات الجزائرية الضوء على عدد من القطاعات الإستراتيجية للإستثمار.
ويتوقع المخطط أن تنمو حصة الناتج المحلي الإجمالي من التصنيع، على سبيل المثال، من 5.3 في المئة في العام 2015 إلى 10 في المئة في العام 2030. كما يرى أن التجارة ستنمو بنسبة 7.4 في المئة والزراعة بنسبة 6.5 في المئة في الفترة عينها. ومن المتوقع أن يكون التقدم أكثر بطءاً في قطاع البناء، وهو حجر الزاوية في الإقتصاد الجزائري، مع نمو بنسبة 1.7٪ سنوياً.
ومن المتوقع أيضاً أن تزدهر صناعة التعدين وتُغذّي النمو في البلاد في السنوات المقبلة. في منتصف تموز (يوليو) 2016، وقّعت الحكومة صفقة بقيمة 4.5 مليارات دولار مع شركة “إندوراما” الإندونيسية لتطوير قطاع إستخراج الفوسفات.
وبموجب شروطه، سيعمل الجانبان معاً على تطوير منجمٍ للفوسفات في ولاية تبسة الشرقية، وبناء مصنع في سوق أهراس بالقرب من الحدود التونسية لإنتاج حامض الفوسفوريك وفوسفات الأمونيوم.
وستكون هناك حاجة إلى المزيد من هذه العقود حتى تتمكن الحكومة من تحقيق هدفها المتمثّل في نمو الإقتصاد غير الهيدروكربوني بنسبة 6.5٪ بين عامي 2020 و2030. وهذا بدوره يجب أن يرى الناتج المحلي الإجمالي للفرد يرتفع أكثر من الضعف ويضع الجزائر على قائمة البلاد ذات الدخل المرتفع، وفقاً ل”نموذج النمو الجديد”.
أوقات صعبة
من المرجح أن يتوقف بلوغ هذه الأهداف على النمو المرتفع في القطاع غير النفطي. في العام الفائت، نما الإقتصاد الجزائري بنسبة 3.8٪، حسب أرقام البنك الدولي، على خلفية الإرتفاع الطفيف في أسعار النفط وزيادة إنتاج المحروقات بنسبة 3.4٪.
مع ذلك، لا يرى البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي بأن هذا الزخم سيستمر في المدى المتوسط: فالأول يتوقع نمو إنتاج النفط والغاز بنسبة 2.5٪ فقط، فيما يتوقع الإثنان معاً بأن التوسع في الناتج المحلي اإلجمالي سيكون بنسبة 2.9٪ هذا العام و 2.6٪ في العام المقبل..
على الرغم مع ذلك، فقد تم إحراز تقدم إيجابي في تخفيض العجز الذي هبط من 16٪ في العام 2015 إلى 12.5٪ في العام الماضي، مدفوعاً بإنخفاض نفقات رأس المال وإرتفاع طفيف في أسعار النفط. وشملت تدابير الإيرادات الجديدة في موازنة العام 2016 رفع أسعار الوقود، وضريبة القيمة المضافة على رسوم الكهرباء ورسوم تسجيل السيارات.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.