سقوط الأسد يُحفّزُ إحياءَ خطِّ أنابيب النفط بين العراق وسوريا
هاني مكارم*
أثارت الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد دعواتٍ لإحياءِ خط الأنابيب المُعَطَّل الذي كان ينقل النفط الخام من العراق إلى ميناء بانياس السوري على البحر الأبيض المتوسط. وقد حثَّ العديدُ من الخبراء العراقيين حكومتهم على النظر في إعادة بناء المنشأة كمنفذٍ لصادرات النفط من الدولة العضو في منظمة أوبك إلى أوروبا.
وقال أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني إنَّ هناكَ حاجةً للمفاوضات بين الجارتين العربيتين لوضع الأساس لإحياء خط الأنابيب.
لكنَّ مُحللين آخرين اختلفوا مع هذه الدعوات، على أساس أنَّ الوضع في سوريا غير مؤكَّد وأنَّ صادرات النفط العراقية إلى أوروبا تتراجع لصالح الأسواق الآسيوية.
وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2023، قال مسؤولون عراقيون إن إعادة بناء خط الأنابيب الذي يبلغ طوله 850 كيلومترًا تمت مناقشته في محادثاتٍ استمرّت يومين بين شركة نفط الشمال المملوكة للدولة في كركوك والعديد من شركات النفط المحلية. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية في وقت لاحق عن المُتحدّث باسم الحكومة باسم العوادي قوله إن بغداد تفكر في إحياء خط الأنابيب لتوسيع منافذ التصدير. وقال مضر صالح المتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي: “إن خط الأنابيب العراقي-السوري هو أحد المشاريع الحيوية التي شكلت صناعة النفط في العراق والمنطقة بأسرها”.
وصرّح صالح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية الأسبوع الماضي: “لا يزال العراق بحاجةٍ إلى إحياء خطط توسيع منافذ تصدير النفط عبر البحر الأبيض المتوسط لعملائه الأوروبيين … لكن هذه القضية تتطلّب مفاوضات بين البلدين، لأنَّ الجُزءَ من خط الأنابيب في سوريا تم تأميمه بشكل عدواني من قبل دمشق”.
يعود تاريخ خط الأنابيب إلى أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، ويربط محافظة كركوك الشمالية الغنية بالنفط في العراق بميناء بانياس السوري الغربي على البحر الأبيض المتوسط. أغلق العراق خط الأنابيب هذا بين العامين 1982 و2000 بسبب الخلافات السياسية مع سوريا، وتعرّض لأضرارٍ جسيمة أثناء الغزو الأميركي للعراق في العام 2003.
ويقول عضو جمعية الاقتصاديين العراقيين عبد الحسين الحنين: “أعتقد أن الوقت قد حان لكي يبحث العراق مع سوريا إعادة بناء خط الأنابيب بعد التغيّرات الأخيرة في ذلك البلد واستعداد الولايات المتحدة لتخفيف حصارها الاقتصادي على سوريا”. ويقول الحنين إنَّ الولايات المتحدة رفضت الخطط العراقية لإحياء خط الأنابيب في العام 2003، الأمر الذي دفع بغداد إلى التفكير في بناء خط أنابيب إلى العقبة في جنوب الأردن.
ويقول عضو آخر في الجمعية إنه يعتقد أن إعادة إحياء خط الأنابيب إلى سوريا قد يكون بديلًا من خط أنابيب كركوك-جيهان الذي يربط العراق بتركيا: “أعتقد أنَّ هناك ميلًا الآن من جانب العراق للبحث عن منافذ جديدة لتصدير النفط لتقليل الاعتماد على خط أنابيب جيهان، الذي يواجه مخاطر سياسية وأمنية متكررة. وأرى أن خط الأنابيب السوري هو البديل الأفضل في هذا الصدد”.
ويرفض وليد خضوري، وهو محلل طاقة عراقي آخر، هذا الرأي، قائلًا إنَّ خط الأنابيب إلى تركيا أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية.
ويقول خضوري، رئيس قسم المعلومات السابق في منظمة الطاقة العربية ومقرها الكويت: “إنَّ خط الأنابيب إلى سوريا لم يتم صيانته لعقود من الزمن. كما يرى العراق أنَّ هذا الخط أقل جدوى من الناحية الاقتصادية من خط أنابيب كركوك-جيهان عندما يتعلق الأمر بنقل النفط الخام إلى أوروبا”.
ويضيف: “علاوةً على ذلك، تشهد الأسواق الأوروبية تراجعًا بسبب الانخفاض التدريجي في الطلب. والآن أصبح العراق وغيره من الدول الخليجية المنتجة للنفط أكثر اهتمامًا بالأسواق الآسيوية، التي تُصدّر إليها نحو 65 إلى 70 في المئة من نفطها الخام”.
ويتفق نبيل المرسومي، أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، مع هذا الرأي. ويقول: “لا أعتقد أن التفكير الآن في إحياء خط أنابيب كركوك-بانياس فكرة جيدة، لأن الوضع في سوريا الآن غير مؤكد وغير مُستقرّ”.
- هاني مكارم هو مدير تحرير “أسواق العرب”.