2025، عامُ تَحوُّل ميزانِ القوى في الشرق الأوسط
إنَّ السجلَّ الحافل لأولئك الذين يتنبَّؤون بشأن الشرق الأوسط يُحذّرُ من أن توقعاتهم بعيدة من اليقين. ربما يتحوّلُ ميزان القوى، ولكن الاتجاه غير واضح. ومن المرجح أن تأتي أيُّ إعادةِ تشكيلٍ تتكشَّف من المنطقة نفسها بطُرُقٍ قد تكون مفاجئة وقد لا تتوافق دائمًا مع تطلّعات القوى الخارجية.

داليا داسا كاي*
قد يكونُ إطلاقُ التوقّعات بشأن الشرق الأوسط تمرينًا في العبث. قبل أسابيع قليلة من الإطاحة به، على سبيل المثال، لم يكن على رادارِ أيٍّ محلل سياسي احتمال “هروب الأسد من سوريا”. ويمكن قول الشيء نفسه عن الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة “حماس” على إسرائيل في العام 2023، والذي صدم المنطقة وقلب ديناميكياتها السياسية. هل يُمكن أن يظهرَ حدثُ “بجعةٍ سوداء” آخر في العام 2025؟ على أقل تقدير، يبدو أنه ممكن، ذلك أنَّ الشرق الأوسط مليءٌ بالأنظمة الهشّة والصراعات المُتَقَيِّحة والجهات الفاعلة الخارجية الطموحة.
يُؤكّدُ هذا الغموض على الحاجة إلى تحدّي الافتراضات باستمرار. بعد هجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، الذي كشفَ عن نقاطِ ضعف إسرائيل، توقّعَ الكثيرون صعودًا لا يُمكن كبته أو إيقافه ل”محور المقاومة” الذي تقوده إيران. بعد مرور عام، انقلبت الأمور، مع صعود إسرائيل من خلال استخدامها المتواصل للقوة العسكرية في غزة ولبنان وخارجهما. وكان سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد المثال الأكثر إذهالًا على كيفية تحوّل الأمور، ما أدّى إلى تآكل قوة إيران وروسيا ونفوذهما.
كان الرئيس الأميركي جو بايدن سريعًا بادّعاء الفضل في توازن القوى الإقليمي الجديد الذي يبدو أنه يصبُّ في صالح الولايات المتحدة. ونادرًا ما تكون مثل هذه التصريحات الواثقة بشأن الشرق الأوسط حكيمة. فمن ناحية، لا ترقى خسائر إيران دائمًا إلى مكاسب واشنطن. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يتحوّل البندول (رقّاص الساعة) مرة أخرى – وبسرعة. ومن المُرَجّح أن يَشعُرَ أولئك الذين يأملون في رؤية الوضوح في النظام الإقليمي الناشئ بخيبة الأمل.
مع ذلك، تظلُّ هناك “يقينيات” عدة. أحدها هو التوسّع المُستَمِرّ في المشاركة الاقتصادية الصينية في المنطقة بدافعِ الطلبِ الهائل على احتياجاتها من الطاقة، والتي من غير المرجح أن تتغيّرَ بشكلٍ كبير في العام 2025. اليقين الآخر هو أنَّ العلاقات العسكرية التوسُّعية لواشنطن مع الشركاء الإقليميين ستستمر. وهذا الأمر كان سيحصل على أيِّ حال بغضِّ النظر عمّن فاز في الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت، لأن هذه العلاقات تخدم مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية التي يريدُ أعضاؤها رؤية استمرار المشاركة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط. ولكن هذه الحجج تخدم أيضًا أولئك في واشنطن ــ مثل الرئيس المنتخب دونالد ترامب ــ الذين يقولون إنهم يريدون أن يروا مشاركة أميركية أقل، لأنَّ الولايات المتحدة إذا كانت أقل مشاركة، فسوف تحتاج في نهاية المطاف إلى شركاءٍ إقليميين مُجَهَّزين للقيام بالعمل الشاق.
ويعملُ هذان اليقينان معًا على تعزيزِ اتجاهٍ ثالث: المقاومة الإقليمية لاختيارِ جانبٍ بين الولايات المتحدة والصين. سوف يستمرُّ شركاءُ واشنطن الإقليميون في التحوُّط وتبنّي استراتيجيات متعددة التحالفات مع تركيزهم على الأولويات في الداخل. ومن المرجّح أن تستثمرَ المملكة العربية السعودية، على وجه الخصوص، المزيدَ في أجندتها المحلية أكثر من خطط الصفقات الكبرى المُصَمَّمة في واشنطن والتي تدورُ حول إسرائيل. ومن غير المرجح أن يُغيّرَ التوازُنُ المُتغيِّرُ للقوى الناجم عن ضرب “حماس” وإضعاف “حزب الله” والإطاحة بالأسد هذا الأمر.
لكن من غير المؤكد كيف قد يبدو توازُن القوى المُتغَيِّر وكيف ستستجيب القوى الإقليمية والخارجية الرئيسة. مع تطوّر هذه الأوضاع، فإنَّ العديدَ من التطورات الرئيسة سوف تُحدّدُ كيف ستتطوّر الديناميكيات الإقليمية في العام المقبل وما بعده.
أولًا كيف ستتشكّل سوريا ما بعد الأسد. إن الإطاحة ببشار الأسد سببٌ للاحتفال حتى لو ظلَّ ما ينتظرُنا غير مؤكّد، كما يُدركُ السوريون أنفسهم جيدًا. ونظرًا للمجموعة المُذهلة من المصالح الإقليمية والعالمية على المحك، فإنَّ النتائج في سوريا سوف تُخلّفُ عواقب واسعة النطاق. من جهتها، تحاولُ “هيئة تحرير الشام”، الجماعة المتمردة الرائدة ذات النفوذ الأكبر في دمشق الآن، نقلَ رسائل الاعتدال والشمول إلى المحاورين داخل وخارج سوريا. ورُغمَ أنها لا تزال على قوائم الإرهاب الغربية بسبب أصولها في تنظيم “القاعدة”، يبدو أن الجماعة تحولت إلى حركةٍ إسلاميةٍ قومية تخلّت عن طموحاتها العابرة للحدود الوطنية.
مع ذلك، لا يزالُ القلقُ قائمًا بشأنِ نوعِ القيادة التي قد تنشأ والتي من المؤكد أنها ستكون عملية انتقالية مثيرة للجدال. إنَّ الاقتتالَ الداخلي بين جماعات المعارضة في المستقبل أو التدخّل الخارجي من شأنه أن يُغذّي عدم الاستقرار والعودة إلى الصراع. كما إنَّ عدم الاستقرار والفراغ الأمني من شأنهما أن يفتحان فرصًا لعودة المتطرّفين المتشدّدين مثل تنظيم “الدولة الإسلامية”، وهو ما لا شك فيه يُشكّلُ مصدرَ قلقٍ بالغ بالنسبة إلى جيران مثل لبنان والأردن. بالنسبة إلى ذلك لا تخاطر الولايات المتحدة، فهي تواصل ضرب معسكرات وعملاء تنظيم “الدولة الإسلامية” في المناطق السورية التي كانت خاضعة في السابق لسيطرة نظام الأسد وروسيا.
في الوقتِ الحالي، يستمتعُ السوريون بحرّياتهم بعد حربٍ أهلية مروّعة، حيث أدّى قمع الأسد إلى التعذيب، ومقتل مئات الآلاف وتشريد نصف سكان سوريا قبل الحرب. وحتى النتائج غير المثالية في العام المقبل من المرجح أن تكون أفضل من الدمار الذي جلبه الأسد لسوريا والمنطقة.
بعدَ التحرُّكِ نحو التكيُّف مع الأسد في السنوات الأخيرة، يتكيّفُ جيران سوريا العرب مع الواقع الجديد ولديهم مصالح قوية في دعم دولة سورية مستقرة وقابلة للاستمرار اقتصاديًا، حتى لو لم تكن الديموقراطية أولوية قصوى للمنطقة التي يقودها الاستبداد. وتشعر دول الخليج العربية مثل الإمارات العربية المتحدة بقلقٍ خاص إزاء الطبيعة الإسلامية للحكام الجدد في سوريا. وتبدو العقبات التي تَحولُ دونَ بناءِ سوريا جديدة ونظامٍ سلمي بعد الأسد هائلة، حتى مع أنَّ الكثيرين من السوريين يبدون عازمين على تجنّب أخطاء الماضي.
مع ذلك، فإنَّ الدول غير العربية في المنطقة ــإيران وتركيا وإسرائيل ــ هي التي ستُمارسُ أكبر قدرٍ من النفوذ على الديناميكيات الجيوسياسية المتغيّرة في العام 2025.
إنَّ الطريقةَ التي تتعاملُ بها إيران مع قوّتها المتضائلة تُشكّلُ أهمّيةً بالغة. فحتى قبل سقوط الأسد، كانت إيران تُواجهُ ضغوطًا مُتزايدة نتيجةً للهجوم الإسرائيلي على “حزب الله”، الذي كان حتى الآن أهم شريك غير حكومي لطهران ومحورًا رئيسًا في استراتيجية الردع التي تنتهجها. ومع إضعاف “حزب الله” وتخلّي إيران عن موقعها في سوريا، يبدو أنَّ طهران خسرت الاستثمارات الضخمة التي ضخّتها في “محور المقاومة” على مرِّ السنين. ولا يزال الحوثيون في اليمن يُشكّلون تهديدات كبيرة للشحن التجاري في البحر الأحمر، لكن نفوذ إيران على المجموعة أكثر محدودية. وتتمتّع إيران بنفوذٍ أكبر كثيرًا بين الجماعات المسلحة العراقية التي تدعمها، ولكن حتى هناك كان نفوذها مُبالغًا فيه في كثير من الأحيان، نظرًا لأجندات هذه الجماعات القومية. الواقع أنه منذ تداعيات الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، كان الحديث عن “الهلال الشيعي” الصاعد مُبالغًا فيه في كثيرٍ من الأحيان، حيث كانت قوة إيران ونطاقها أكثر محدودية مما كان مُفتَرَضًا.
بهذا المعنى، قد لا يتغيّرُ ميزان القوى الإقليمي بشكلٍ جذري كما يتصوّرُ كثيرون، لأنَّ ضعفَ إيران وهَيمنة إسرائيل العسكرية كانا يُحدِّدان المشهد الإقليمي منذ فترة طويلة. وقد أظهرت الجولات غير المسبوقة من الضربات الجوية المباشرة بين إسرائيل وإيران في نيسان (أبريل) ومرةً أخرى في تشرين الأول (أكتوبر) قدرات إيران الصاروخية والطائرات المُسيَّرة الكبيرة، لكنها أظهرت أيضًا في نهاية المطاف ضعفها العسكري وعجزها عن ردع المزيد من الهجمات الإسرائيلية. الواقع أنه في حين لا ينبغي لنا أبدًا أن نُقلّلَ من شأنِ الضرر الذي يمكن أن تستمر إيران في إلحاقه بإسرائيل، فإنَّ الضربات التي تلقتها الجمهورية الإسلامية في الأشهر القليلة الماضية تبدو بالفعل وكأنها تؤدّي إلى بعض المناقشات المهمة داخل طهران حول كيفية التعويض عن مثل هذا العجز.
إنَّ الاحتمالَ الأكثر تداوُلًا، والذي له عواقب عالمية خطيرة للغاية، هو أن تتحرّكَ إيران لتسليح برنامجها النووي للتعويض عن ضعفها التقليدي. بعد أن انتقدَ مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) لفشلها في التعاون بشأن برنامجها النووي، حذّرَ وزير الخارجية الإيراني سيد عباس عراقجي من أنَّ القادة الإيرانيين يناقشون ما إذا كان ينبغي للبلاد تغيير موقفها النووي. إنَّ إعادة فرض جميع العقوبات الدولية -ما يسمى آلية الارتداد في الاتفاق النووي الإيراني الذي ينتهي في تشرين الأول (أكتوبر) 2025- قد يكون الدافع لإيران للخروج من معاهدة منع الانتشار النووي. في البيئة الحالية، حيث أصبحت إسرائيل أقل تحفّظًا على المخاطرة وتعتقد أن الهجمات العسكرية تُنتِجُ نتائج، فإنَّ الضربة الإسرائيلية على البرنامج النووي الإيراني تُشَكّلُ تهديدًا معقولًا ومُحتَمَلًا.
من ناحية أخرى، لا شك أنَّ القادة الإيرانيين يُدركون أنَّ التحرُّكَ نحو الأسلحة النووية لن يؤدّي إلّا إلى زيادة الحوافز الإسرائيلية للهجوم. علاوةً على ذلك، فإنَّ الافتراضَ القائل بأنَّ الردعَ النووي قادرٌ على تعويض الضعف التقليدي أمرٌ مشكوك فيه ــ فقد كانت هناك حالات عديدة حيث لم يمنع امتلاك الأسلحة النووية وقوع هجوم تقليدي، بما في ذلك في الشرق الأوسط. وربما تُفضّل إيران بدلًا من ذلك الحفاظ على موقف التحوُّط النووي أو حتى تقديم المزيد من التنازلات للوكالة الدولية للطاقة الذرية لتخفيف الضغوط. وقد يسمح لها هذا بكسب الوقت للتركيز على إعادة بناء شبكة تحالفاتها فضلًا عن قدراتها الدفاعية الخاصة.
ويُمكنُ لطهران أيضًا أن تلجأ إلى الأساليب الديبلوماسية لصرف الضغوط، مثل استمرارها في التقارب مع جيرانها من دول الخليج العربية، وخصوصًا المملكة العربية السعودية. كما إنَّ التوصُّلَ إلى اتفاقٍ نوويٍّ جديد هو أيضًا احتمالٌ قائمٌ دائمًا، وإن كان من الصعب تحقيقه، نظرًا لأنه من المؤكد سيكون بمثابة زيادة التركيز الأميركي والأوروبي على الأنشطة غير النووية الإيرانية ــبما في ذلك قدراتها إيران الصاروخيةــ والتي ستتردد طهران في التنازل عنها نظرًا لضعفها المتزايد في مواجهة الهجمات الإسرائيلية.
في حين تُكافحُ إيران للتعويض عن خسائرها، خرجت تركيا من التطوّرات الأخيرة باعتبارها الفائز الإقليمي المُفتَرَض في سوريا. فقد دعمت أنقرة المعارضة السورية لفترة طويلة ودعمت بشكل غير مباشر “هيئة تحرير الشام”. ويُعزّزُ سقوط الأسد المصالح الأساسية لتركيا هناك: عودة ملايين اللاجئين السوريين الموجودين حاليًا في تركيا؛ وإضعاف جماعات المعارضة الكردية على الحدود التركية، وبعضها متحالف مع واشنطن. والواقع أنَّ القصف التركي للمواقع الكردية قد تَسَارَعَ في الأيام التي أعقبت الإطاحة بالأسد، ويرى مراقبو وخبراء الشؤون التركية أنَّ مكاسب أنقرة ضد الأكراد ستكون بمثابة لعبةٍ لكسب النفوذ قد تساعد على تشجيع إدارة ترامب المقبلة على سحب قواتها من سوريا.
لكن أنقرة لا تزال تواجه مخاطر، بما في ذلك التعزيز المحتمل للجماعات المتطرفة إذا تزايد عدم الاستقرار وأدى إلى هجمات إرهابية داخل تركيا نفسها. ومن غير الواضح أيضًا ما إذا كان القادة الناشئون في سوريا سيظلون مُدينين لتركيا بمجرّدِ ترسيخِ سلطتهم والبدء في ملاحقة الأهداف الوطنية، أو ما إذا كانت المكاسب التركية في سوريا ستُتَرجَمُ إلى نفوذٍ إقليمي أوسع.
ثمَّ هناك إسرائيل. إن الخسائر التي تكبدّتها إيران في سوريا والنجاحات العسكرية الإسرائيلية في إضعاف “حزب الله” تبدو انتصارًا لا لبس فيه. ففي إشارة إلى حالة “حزب الله” الضعيفة، وافقت الجماعة الشيعية على وقف إطلاق النار مع إسرائيل في لبنان من دون تنفيذ وقف إطلاق النار في غزة، كما طالبت منذ فترة طويلة. أما بالنسبة إلى غزة، فقد دمرت إسرائيل “حماس” ولكن بتكلفةٍ إنسانية مُدَمِّرة للسكان المدنيين في القطاع. وكانت الحرب الوحشية التي شنتها إسرائيل ــحتى أن وزير دفاع إسرائيلي سابق وصف عملياتها في شمال غزة بأنها “تطهير عرقي”ــ باهظة التكاليف في ما يتصل بسمعتها الدولية والإقليمية.
سوف تواجه إسرائيل تحدّيات أخرى. فالزعماء الجدد في سوريا يُركّزون على الداخل في الوقت الحالي ويقولون إنهم لا يريدون استخدام بلادهم كمنصّةٍ لإطلاق هجمات ضد إسرائيل، لكن مع مرور الوقت قد تتغيّرُ مواقفهم إذا استمرّت إسرائيل في التوغّلات والضربات العسكرية. والواقع أن الاسم الحربي لزعيم “هيئة تحرير الشام” هو الجولاني، في إشارة إلى مرتفعات الجولان التي طُردت عائلته منها بعد أن استولت عليها إسرائيل واحتلتها في العام 1967. كما إنَّ “حزب الله” قد ضعف ولكن لم يتم القضاء عليه. ولا تزال إيران تتمتّع بالقدرة على مهاجمة إسرائيل بشكلٍ مباشر. وتستمر حرب غزة، مما يترك وحدات الاحتياط الإسرائيلية تحت الضغط بينما يعاني الرهائن المتبقّون الذين لا يزالون محتجزين لدى “حماس”. وعلى الرُغم من توسع حدود إسرائيل ــفقد أنشأت للتو منطقة عازلة جديدة على طول مرتفعات الجولان داخل سورياــ فإنَّ المناطق التي يشعر سكانها بالأمان للعيش فيها تستمر في الانكماش.
لكن أعظم نقاط ضعف إسرائيل تظل صراعها الوجودي مع الفلسطينيين. حتى لو وافقت الحكومة الإسرائيلية الحالية على وقف إطلاق النار في غزة في العام المقبل ــأو ربما حتى قبل نهاية هذا العامــ فمن غير المرجح أن يؤدي هذا إلى انسحابٍ كامل للقوات الإسرائيلية من غزة أو عكس مسار التوسّع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية. الواقع أن بنيامين نتنياهو وائتلافه يواصلان العمل على افتراض ما قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر) بأنَّ القضية الفلسطينية يمكن فصلها عن تطبيع علاقات الدولة العبرية مع دول المنطقة الأوسع نطاقًا. ولن تعمل إدارة ترامب المقبلة إلّا على تمكين مثل هذه الآراء. وقد أوضح مستشار ترامب السابق لشؤون إسرائيل، جايسون غرينبلات، هذا الموقف صراحة في منتدى الدوحة في أوائل كانون الأول (ديسمبر)، بحجة أنَّ القضية الفلسطينية يمكن فصلها عن السياسة الإقليمية وأن ترامب لا ينبغي له ــولن يفعل ـ أن يضغط على إسرائيل لحلّها.
إنَّ السجلَّ الحافل لأولئك الذين يتنبَّؤون بشأن الشرق الأوسط يُحذّرُ من أن توقعاتهم بعيدة من اليقين. ربما يتحوّلُ ميزان القوى، ولكن الاتجاه غير واضح. ومن المرجح أن تأتي أيُّ إعادةِ تشكيلٍ تتكشَّف من المنطقة نفسها بطُرُقٍ قد تكون مفاجئة وقد لا تتوافق دائمًا مع تطلّعات القوى الخارجية.
- داليا داسا كاي هي زميلة بارزة في مركز بيركل للعلاقات الدولية التابع لجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس.
- كُتِبَ هذا المقال بالإنكليزية وترجمه إلى العربية “قسم الدراسات والأبحاث في “أسواق العرب”.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.