هل يُعوِّض رفع ضريبة القيمة المُضافة في الدول الخليجية التأثير المالي لكورونا؟

لمواجهة تداعيات جائحة “كورونا” الإقتصادية أصدرت دول مجلس التعاون الخليجي قرارات ضريبية طارئة تشمل قطاعات عدة لتعويض التأثير المالي للوباء.

 

مجلس الشورى البحريني: وافق على زيادة ضريبة القيمة المضافة

الرياض – راغي الشيباني

إتّخذت دول مجلس التعاون الخليجي تدابير مالية واسعة النطاق بهدف تعويض تأثير وباء “كوفيد-19” على الأفراد والشركات والإقتصاد الأوسع. تهدف هذه التدابير في المقام الأول إلى تحفيز النشاط الإقتصادي في القطاع الخاص ودعم الجهات التي تُكافح من أجل إدارة تدفقاتها النقدية والإمتثال الضريبي.

تشمل الإجراءات الضريبية الطارئة التي تم إدخالها في المنطقة تمديد مواعيد استحقاق الإقرارات الضريبية لأشهر عدة، وتخفيض أو إلغاء العقوبات المفروضة على التأخير في تقديم الإقرارات الضريبية، وإدخال نظام التقسيط لدفع الضرائب.

في حين أن هذه التغييرات ليست مُصَمَّمة خصيصاً للشركات الأصغر حجماً والأكثر ضعفاً في المنطقة، إلّا أنها ستلعب دوراً رئيساً في إبقاء العديد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في وضع جيد. “إن غالبية هذه الإجراءات لا تُفرّق بين الشركات الكبيرة والصغيرة. مع ذلك، عادة ما يكون لها تأثير إيجابي أكبر في الشركات الصغيرة والمتوسّطة منه في الشركات الكبرى”، يقول وديع أبو النصر، رئيس قسم الضرائب في السعودية لشركة “كي بي أم جي” (KPMG) .

في قطر، تم إعفاء العديد من فئات السلع – بما في ذلك المواد الغذائية والطبية – من الرسوم الجمركية لمدة ستة أشهر.

وقد لوحظ تخفيف مُماثل في الرسوم الجمركية في سلطنة عُمان، حيث من الممكن أيضاً أن يتم التعامل مع التبرعات المُقَدَّمة لمكافحة جائحة “كوفيد-19” كنفقات مُعفاة من الضرائب خلال السنة الضريبية لعام 2020.

في غضون ذلك، أعادت الإمارات العربية المتحدة استرداد 20٪ من الرسوم الجمركية على المنتجات المستورَدة المُباعة في دبي، وإلغاء الضمان المصرفي المطلوب عند القيام بالتخليص الجمركي وتخفيض يصل إلى 90٪ على الرسوم المُرتبطة بتقديم المُستَندات الجمركية.

خطوة أخرى في دولة الإمارات كانت تخفيف التزامات ضريبة القيمة المضافة (VAT) للشركات الأجنبية. تم فتح نافذة استرداد الأموال من قبل مصلحة الضرائب الإتحادية لجميع الشركات الأجنبية المُسَجَّلة في الدولة لتلقّي طلبات استرداد ضريبة القيمة المضافة للسنة الضريبية لعام 2019. وستظل النافذة مفتوحة حتى 31 آب (أغسطس).

كما وضعت المملكة العربية السعودية العديد من الإجراءات الضريبية التي تهدف إلى تخفيف العبء عن مجتمع الأعمال المحلي، من بينها تمديد الموعد النهائي لتقديم الإقرارات الضريبية، وتعديل الغرامات على جميع المدفوعات المتأخرة، والإعفاء من مختلف رسوم المغتربين.

ومع ذلك، في اختلاف إقليمي كبير، أعلنت الرياض في أوائل أيار (مايو) أنها سترفع معدل ضريبة القيمة المضافة من 5٪ إلى 15٪، إعتباراً من الأول من تموز (يوليو) المقبل.

عقدٌ إجتماعي مُنَقَّح

وافق مجلس التعاون الخليجي في الأصل على تطبيق معدل ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 ٪ في العام 2016، وكانت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أول من أدخل هذه الضريبة في العام 2018. حتى الآن حذت البحرين فقط حذوهما، حيث أدخلت الضريبة في العام 2019.

جاءت اتفاقية 2016 الأصلية وسط ضغوط من هيئات دولية مثل صندوق النقد الدولي للحدّ من سخاء الدولة وتنفيذ آليات مالية جديدة لتوسيع تدفقات الإيرادات عبر المنطقة.

كان التوقيت مُهمّاً أيضاً: فقد تضمّن العقد الاجتماعي الذي كان سائداً تقليدياً في دول الخليج العربي أن تتدفق الثروة النفطية على المواطنين في شكل رواتب سخية من الدولة بالإضافة إلى دعم الوقود والكهرباء. وجدت الحكومات صعوبة في تخفيض هذه الفوائد أو رفع ضريبة القيمة المضافة على السلع عندما كانت أسعار النفط مرتفعة. ومع ذلك، في أعقاب انهيار أسعار النفط في العام 2014، أصبح خفض الإنفاق العام أكثر إلحاحاً ومُبرَّراً، وقد لقيت هذه الخطوة ترحيباً واسع النطاق من قبل العديد من مجتمع الأعمال في المنطقة.

يتزامن هذا القرار الأخير الذي اتخذته المملكة العربية السعودية مرة أخرى مع الإضطراب الكبير في أسواق النفط العالمية نتيجة لوباء الفيروس التاجي، مع الطلب الصامت بدأ يرتفع ضد زيادة العرض.

علاوة على ذلك، في حين أنها أتت كمفاجأة للكثيرين، إلّا أنها تتناسب مع التحوّل الاقتصادي والإجتماعي السريع الذي يحدث حالياً في المملكة كجزء من “رؤية 2030”.

ويضع هذا الإرتفاع أيضاً السعودية على الرابط نفسه تقريباً مثل دول مجموعة العشرين الأخرى – على الرغم من أنها لا تزال أقل من المعدل العالمي لضريبة القيمة المضافة والذي هو 19.7٪.

في حين كان البعض قلقاً في البداية من أن معدل الضريبة الجديد سيخفف معنويات الأعمال التجارية، فإن أبو النصر على ثقة من أن المسار طويل المدى لاقتصاد المملكة إيجابي بما يكفي لضمان استمرار تدفق رأس المال الدولي.

وقال: “لن يتأثر الإستثمار الأجنبي المباشر في المملكة بشكل خاص، حيث يعتمد قرار الإستثمار على عوامل اقتصادية أخرى، مثل النمو المُحتَمَل للإقتصاد والإنفاق الحكومي وفرص السوق، والتي لا تزال إيجابية للمملكة العربية السعودية في هذه المرحلة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى