طرابلس/اللؤْلؤة… طربلس الـمُشرقةُ من الفَجرِ الآتي

هنري زغيب*

بعد مقالاتي الأَخيرة في “أَسواق العرب” عن لؤْلؤَتنا بيروت، أَذهبُ اليوم إِلى لؤْلؤَتنا الأُخرى: طرابلس.

حين حدَّثَني الصديق الناشر الطرابلسي ناصر جَرُّوس عن كتابٍ سيُصدِرُه عن طرابلس، تَـخيَّلتُه، كعادة الكُتُب، صفحاتٍ بين دفَّتين عن مدينتنا الحبيبة.

ولكنْ.. حين قدَّمه لي قبل أَيام، رأَيتُني أَمام تحفة أَدبيةٍ وطباعيةٍ نادرًا ما نجدُها في نتاج دور النشر بهاتَين الدقة والأَناقة.

320 صفحة من الحجم الموسوعي الكبير، تاجُها غلاف بَاسِمٌ بصورة جامعة لـطرابلس يعلوها بزَهوٍ عنوانُ الكتاب: “طرابلس في عيون أَبنائها والجوار”عن منشورات “جَرُّوس برس”. أَفتحُه، يفوحُ منه أَرجٌ لبناني بهيٌّ في فصلَين وملَفَّين على ورق صقيل جميل، تتمايل عليه صُوَرٌ نوستالجية بالأَبيض والأَسود من مجموعات أَيامٍ عتيقةٍ ما زالت تتردَّد ملامحُها حنينيًّا في الطرابلسيين اليوم.

الفصل الأَول: “إِضاءَاتٌ من الفيحاء المنارة” شعَّتْها أَقلامٌ خمسةَ عشر من قلب المدينة، والفصل الآخَر: “الفيحاء الحاضنة-مدينةُ التواصُل والانفتاح” رفعه عشرون قلمًا إِلى قلب المدينة. وفي النصف الآخر من هذا السِفْر الغالي: ملفَّان ضمَّا مقابلات ولقاءات أَوَّلُهما من إِعداد جودي الأَسمر والآخر من إِعداد روبير فرنجية. وأَحسن ناصر جروس بشكر د. عاطف عطية لتحريره وتنقيحه مجملَ نصوص الكتاب فأَشرقت خاليةً من أَيِّ ما يكدِّر على القارئ متعةَ السَفَر في حنايا هذا السِفْر النادر.

لو كان لي لَمررتُ على جميع النصوص، أُحيِّي أَصحابها وأُصافح أَقلامهم التي باحت بحبِّها المدينةَ. لكن الفسحة في هذا المقال تَضيق بمروري الكامل على الجميع فأَعتذر إِليهم، وأَرتبك في اختيار مَن لي بينهم مِن أَحبَّة وأَصدقاء. وأَستعير نيابة عني عبارةَ الناشر الصديق ناصر جروس في المقدمة: “صمَّمتُ على إِعداد هذا الكتاب إِذ لمسْتُ حالَ تَشَوُّهٍ بَلَغَتْه صورةُ مدينتنا فرأَيتُ ضرورة إِبراز الصورة الحقيقية لِمدينةٍ قائمةٍ على التواصُل والانفتاح، مدينةٍ طيِّبةٍ بناسها، حاضنةٍ جوارَهَا من أَقضية الشمال، متميِّزةٍ بحياتها الاجتماعية الرائعة ونشاطاتها الفنية والثقافية الراقية، ما يُعطي نصوص هذا الكتاب مشاعرَ إِنسانيةً نبيلةً وذكرياتٍ راسخةً وأَحلامٍ جميلة”.

معه حق الصديق ناصر بومضات تلك المشاعر. فهوذا الصديق رشيد درباس يكتب: “طرابلس ماضٍ متمادٍ في الزمان، كشجرة من رونق تفلش أَغصانها على الجهات”. وتكتب د.زهيدة درويش جبور: “قلبُ مدينتي مُفعمُ الإِبمان بالله، مملوءٌ محبةً وتعاطفًا، مسكونٌ بالحرية والكرامة. لذا أَكتُبُها بحبر الذاكرة والوجدان”. ويكتب د.جان جبور: “دخلتُ المدينةَ من بوابة الحب. كان ذلك قدَري، وأُقرُّ بأَنني كنتُ محظوظًا بهذا القدَر الجميل”. وتكتب د.هند أَديب عن طرابلس “المدينةِ الضاربةِ الجذور في الماضي، تتحدَّى المستقبل بثقةٍ وجرأَةٍ لأَن الزمن فيها حركةٌ مستمرةٌ نحو الغدِ الواثق”.

بهذا الحب كتبُوا وبهذا الإِيمان، فيا نعْمَ اليَدَان الجَرُّوستَان اللتَان نَسَجَتا هذا الكتاب عن مدينتنا/اللُؤْلؤَة طرابلس، لا أَن تكونَ عاصمةً ثانية، بل دومًا عاصمةَ الفن والجمال، وها هي تحقِّقُهما قريبًا بحَدَث يفتتح خريف هذا العام في معرض رشيد كرامي الدُوَلي، سوف تتردَّد أَصداؤُه وسْع الشرق، وسيلتَفِتُ العالَـمُ إِعجابًا وتحيةً لِـما سيضيْءُ شَعًّا رائعًا في سماء طرابلس لبنان.

  • هنري زغيب هو شاعر، أديب وكاتب صحافي لبناني. وهو مدير مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأميركية. يُمكن التواصل معه عبر بريده الإلكتروني: email@henrizoghaib.com  أو متابعته على موقعه الإلكتروني: www.henrizoghaib.com أو عبر تويتر: @HenriZoghaib

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى