أين هي جامعة الدول العربية؟
بقلم كابي طبراني
فيما يُجهز الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع إسرائيل على القضية الفلسطينية لتصفيتها من طريق عدم تمويل “الأونروا” والسلطة الفلسطينية وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن من دون سماع صوت عربي يعترض على ذلك، يبدو أننا نشهد، من دون وجود عربي أيضاً، الخطوط الإفتتاحية في الفصل الأخير للصراع الدموي الطويل في سوريا، الذي صار عمره سبع سنوات شهدت البلاد خلالها مئات الآلاف من القتلى والكثير … الكثير من الجرحى أو التشوّهات الفظيعة، وملايين من السكان يفرّون أو في المنفى الإختياري في جميع أنحاء المنطقة وخارجها.
والآن في إدلب، فيما قواتٌ مشتركة من نظام الرئيس بشار الأسد والميليشيات العسكرية التابعة لإيران الداعمة له في البر وحلفائه الروس في الجو وضعوا نصب أعينهم أخذ المدينة ووضع حدّ لهذه الملحمة القاسية والدموية، فمن سخرية القدر أن هذا الصراع السوري المميّز ستتقرر نتائجه في عواصم أجنبية.
سواء كان ذلك في القصر الرئاسي الجديد في أنقرة، أو مكاتب الكرملين أو أروقة طهران، فإن مصير ومستقبل سوريا يقرره آخرون أكثر من السوريين أنفسهم. لكن هل هؤلاء المُتَطفّلون الأجانب يعرفون حقاً هذه المحافظة والمدينة السورية والعربية إلى هذا الحد؟ وما هي خبراتهم الآن أو إهتمامهم المفاجئ بمستقبل بناء سوريا من جديد من الدمار الذي أحدثه نظامها والتكفيريون على حد سواء؟ وما يجعل هذه الوساطة الحالية والتورّط المستقبلي من قبل هؤلاء الإنتهازيين الأجانب مُزعجاً جداً ومثيراً للحنق هو أنهم لا يعرفون سوى القليل عن الثقافة العربية والشعوب العربية والتركيب العربي الأساسي لسوريا.
بالنسبة إليهم، إنها مجرد فرصة لممارسة نفوذهم على دولة عربية كانت فخورة ذات يوم، ولديها تاريخ غني وتراث عانى الكثير. لكن هناك هيئة ومؤسسة تتحدث عن كل العرب، وهي واحدة تهدف إلى تعزيز وحماية المصالح العربية والشعوب العربية والدول العربية. لكن للأسف، في هذا المنعطف الحرج في التاريخ العربي، فإن جامعة الدول العربية صامتة بشكل عميق.
تأسست جامعة الدول العربية في العام 1945، وكانت سوريا من بين أعضائها المؤسسين. كذلك كان اليمن والعراق، مع مصر ولبنان وما كان في ذلك الوقت شرق الأردن، وحالياً الأردن. ومنذ ذلك الحين، نمت في مكانتها وتعاظم دورها، وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها، فقد كانت مُدافعة عن حقوق جميع العرب. لكن هذا يبدو أنه قد تغيّر.
تهدف جامعة الدول العربية إلى التحدث نيابة عن جميع العرب من المحيط الأطلسي إلى بحر العرب، مع ذلك فهي أكثر صمتاً الآن من أي وقت مضى. ويبدو أنها مصابة بالعمى أيضاً وغير متأثرة بالأحداث التي هزّت سوريا أو ما أصاب القضية الفلسطينية. إذا كان هناك وقتٌ لأن تظهر الجامعة العربية كقائدة، فهو الآن. وإذا كان هناك وقتٌ للعمل، فهو الآن. وإذا كان هناك أي وقت يجب أن يتوحّد فيه العرب، فهو بالفعل وبلا شك الآن.
وإلّا على دنيا العرب السلام…