عُمَان: إصلاح تشريعات وحوافز الإستثمار
بدأت عُمان إتخاذ عدد من الخطوات لجذب المستثمرين إلى السلطنة في محاولة لتنويع إقتصادها بعيداً من الإعتماد على النفط والغاز. وتشمل هذه المبادرات إستكمال الإطار القانوني للإستثمار مع الإستمرار في التأكيد على قيمة وأهمية المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية المختلفة في جميع أنحاء البلاد.
تحديث القوانين
هناك تشريعان رئيسيان – واحد يهتم بالإستثمار الأجنبي المباشر والآخر قانون جديد للتعدين – هما حالياً قيد الدراسة من قبل وزارة الشؤون القانونية، وفقاً لأحمد بن حسن الذيب وكيل وزارة التجارة والصناعة.
ومن المتوقع، من بين أمور أخرى، أن يسمح قانون الإستثمار الأجنبي المباشر الجديد بملكية أجنبية في الشركات بنسبة 100٪ في جميع أنحاء السلطنة – حالياً هناك حاجة إلى شركاء محليين يملكون ما لا يقل عن نسبة 35٪ – ومن المرجح أن يقدم هذا القانون عدداً كبيراً من الحوافز الأخرى للمستثمرين. ويأتي ذلك بعد صدور مرسوم في وقت سابق من هذا العام الذي ألغى الحد الأدنى لرأس المال اللازم لإقامة الأعمال التجارية في البلاد. كان الحد الأدنى لرأس المال سابقاً 150 ألف ريال عُماني (390 ألف دولار).
الواقع أن مسقط حريصة على تعزيز جاذبيتها للإستثمار نظراً لأنها تتنافس مع بلدان أخرى في المنطقة وحول العالم لجذب رأس المال. لقد زادت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى عُمان في العام 2015، مرتفعةً إلى 822 مليون دولار من 739 مليون دولار في العام 2014، وفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
ومع ذلك، فإن المستويات التي شهدناها خلال السنوات القليلة الماضية تضاءلت بالمقارنة مع متوسط التدفقات في العقد الأول من الألفية، عندما بلغ متوسط الإستثمار الأجنبي المباشر خلاله 2 ملياري دولار سنوياً، وعُمان حريصة على عكس هذا الإتجاه.
“إن السلطنة تُدرك تماماً حجم المنافسة الكبير في السوق لجذب الإستثمارات”، قال سعيد بن صالح الكيومي رئيس غرفة التجارة والصناعة العُمانية في منتدى الإستثمار في عُمان الذي إنعقد في مسقط في أيلول (سبتمبر) الفائت. “وهي تدرك أيضاً بأن التقدم المحرز في هذا المجال يرتبط إرتباطاً وثيقاً بالحوافز والتسهيلات المُقدَّمة للمستثمرين”، على حد تعبيره. كما أشار الكيومي إلى موقع السلطنة الجغرافي الإستراتيجي والبنية التحتية الحديثة ورأس المال البشري الكفؤ وقوانين الإستثمار المفتوح وإعتبرها قوى وحوافز رئيسية.
التركيز القطاعي
من ناحية أخرى تشمل الجهود الرامية إلى زيادة الإستثمار الأجنبي المباشر إستهداف قطاعات مُحدَّدة التي تحمل إمكانات نمو كبيرة.
في الواقع، تهدف خطة التنمية الخمسية التاسعة في سلطنة عُمان، التي تغطي سنوات 2016- 2020، إلى الحد من المساهمة المباشرة للنفط في الناتج المحلي الإجمالي من 44٪ إلى 26٪ من طريق تسليط الضوء على خمسة قطاعات ذات أولوية للتنمية: التعدين ومصائد الأسماك والتصنيع والسياحة والنقل و الخدمات اللوجستية.
تحقيقاً لهذه الغاية، فإن المرحلة الثانية من “تنفيذ”، البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي – جمعت ممثلي القطاع العام وكبار رجال الأعمال، وذلك بهدف تحديد النهج الإستراتيجي لتطوير هذه القطاعات وخطط السلطنة الأوسع للتنويع الاقتصادي على مدى السنوات الخمس المقبلة – إختتمت في أواخر تشرين الاول (أكتوبر) الفائت.
لقد شهد بعضٌ من هذه القطاعات بالفعل إصلاحات تشريعية فيما تعمل السلطنة على تسهيل الإستثمار. على سبيل المثال، صدر قانون جديد للسياحة في أيلول (سبتمبر) الفائت الذي ركز على تشجيع الدور المتنامي للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في القطاع، وكذلك جعل الأمر أسهل بالنسبة إلى المستثمرين الأجانب لتطوير مشاريع سياحية.
وبدوره يتلقى قطاع التعدين الإهتمام أيضاً، مع مشروع قانون تجري دراسته والذي من شأنه تحديث القوانين القائمة منذ العام 2003.
ويقول هلال البوسعيدي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتعدين بأن القانون الجديد سيعتمد على محتوى محلي، مع بعض الإستفادة من التشريعات الدولية من البلدان التي تتمتع بأطر تعدين راسخة. وفقاً للبوسعيدي فإن القانون والذي يؤمل أن يصدر في بداية العام الجديد، سوف يعالج قضايا مهمة في القطاع بما في ذلك رخص التعدين القصيرة الفترة وعدم الوضوح، مع ضمان أن تعود المشاريع بالنفع على المجتمعات المحلية التي تقوم فيها.
تقسيم المناطق
تلعب المناطق الحرة والمناطق الاقتصادية في عُمان أيضاً دوراً محورياً في السعي إلى زيادة الإستثمار. ثلاث من أربع مناطق تقع على مقربة من الموانئ الرئيسية في البلاد في صحار والدقم وصلالة، والتي تدعم هدف السلطنة لكي تصبح مركزاً للخدمات اللوجستية. والرابعة هي المزيونة التي تقع على الحدود مع اليمن.
وقد إستقبلت المناطق الأربع العديد من الإستثمارات الجديدة على مدار السنة. على وجه الخصوص، شهدت المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم، التي تم توسيعها أخيراً من 1750 كيلومتراً مربعاً إلى 2000 كيلومتر مربع، موجة من الطلبات من الشركات العالمية لإستثمارات كبيرة.
إن الإتفاق الذي بلغت قيمته 10.7 مليارات دولار مع مستثمرين صينيين سوف يؤدي إلى تطوير مدينة صناعية متنوعة على مساحة 11.7 كيلومتراً مربعاً، في حين أن شركة إيران خودرو، أكبر شركة تصنيع للسيارات في إيران، قد أعلنت عن عزمها على إستثمار كبير في المنطقة لتصنيع وتجميع السيارات، مع خطط لإعادة التصدير إلى شرق أفريقيا وأبعد من ذلك.