الأزمات تلاحق الزراعة اللبنانية
يعدّ القطاع الزراعي في لبنان من القطاعات الأساس التي يعتمد عليها الاقتصاد، والتي تأثرت خلال السنوات القليلة الماضية بعدد من العوامل التي أدت إلى تدهور كبير بات يهدد لقمة عيش نحو 400 ألف مزارع، ونحو 1.2 مليون شخص يستفيدون من هذا القطاع الحيوي، الذي يساهم بنسبة تتراوح بين 15 و20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ومن أبرز العوامل التي أثرت سلباً في القطاع، وتحديداً في العام 2015، إغلاق معبر “نصيب” السوري عند الحدود مع الأردن، ما أدى إلى تراجع الصادرات الزراعية نحو 35 في المئة خلال شهرين، وتراجع حجم النقل البري نحو 87 في المئة، إذ كانت تمر عبر هذا المعبر النسبة الأكبر من الصادرات إلى الدول العربية، وتحديداً دول الخليج، ما فاقم صعوبة تصريف الإنتاج. وتُضاف إلى ذلك التقلبات المناخية غير المسبوقة عام 2015، التي أدت إلى خسائر في الإنتاج تراوحت بين 50 و60 في المئة، ما دفع بعض المزارعين إلى تسميته عام “النحس والنكد”.
وفي هذا السياق، أكد وزير الزراعة أكرم شهيّب أن “الوزارة إتخذت عدداً من الإجراءات للمساعدة في تصريف الإنتاج، أبرزها التصدير إلى دول الخليج ومصر والأردن عبر النقل البحري بالحاويات، وعبارات الرورو التي تنقل الشاحنات المحمّلة بالسلع، إضافة إلى النقل الجوّي”. وقال: “الحكومة اللبنانية، وبطلب من وزارة الزراعة، دعمت النقل البحري عبر المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان (إيدال)، التي أطلقت برنامج الجسر البحري للصادرات اللبنانية”، لافتاً إلى أن الحلول يجب أن تشمل أيضاً “إيجاد أسواق جديدة للمنتجات اللبنانية، وتعزيز الإرشاد في التصنيع الغذائي داخل لبنان، وزيادة إنتاج السلع التي تُنقل جواً، والتشجيع على الزراعة النوعية المنافسة، وتعزيز التصنيع الزراعي”.
لكن النقل بالعبارات اصطدم بغياب التنظيم وبارتفاع الكلفة، إذ يبلغ رسم عبور قناة السويس 100 ألف دولار لكل عبارة في كل عبور لها، أي أن كلفة الذهاب والإياب تبلغ 200 ألف دولار.
وتُضاف إلى ذلك مشكلة تتعلق بمسار العبّارة الذي لا يحقق إيرادات مغرية لتحويله خطاً ثابتاً بوتيرة أسبوعية، كما أن الشاحنات المبرّدة المنقولة بالعبّارة، سواء ذهبت إلى ميناء ضباء في السعودية أو ميناء بورسعيد في مصر، عليها إفراغ حمولتها والعودة إلى لبنان برّاً أو على متن العبّارة، لكن العودة براً من دون حمولة غير مجدية اقتصادياً، فيما العودة على متن العبّارة ستكون مكلفة إذا لم تنقل أي حمولة في خطّ العودة.
وأكد رئيس تجمّع مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم ترشيشي أن “عام 2015 كان الأسوأ تاريخياً على القطاع الزراعي بسبب إقفال المعابر البرية عبر سوريا إعتباراً من 1 نيسان (أبريل) الماضي، وبالتالي توقف تصدير المنتجات اللبنانية”. وإعتبر أن “كل التسهيلات والدعم الذي قدّمته الدولة للتصدير بحراً لم يعط النتائج التي يرجوها المزارعون، لا لجهة الكميات التي تصدّر أو لجهة كلفة النقل”، عازياً ذلك أساساً إلى “غياب التنظيم في آلية التطبيق”. وأضاف أن “كلفة النقل من لبنان إلى الخارج بقيت كما كانت، أي ما بين 6 آلاف و7 آلاف دولار، في ظل غياب التنافس بين شركات النقل البحري بعد الاحتكار الحاصل من قبل شركات معيّنة تتحكم بالأسعار وترفعها كلما رفعت الدولة الدعم، وبذلك تتقلص استفادتنا كمزارعين”، مطالباً بإعادة النظر بالآلية أو تغييرها.