منع الكراهية على الإنترنت

بقلم كابي طبراني

لقد مرّ شهران كاملان منذ وقوع الأحداث القاتلة في “كرايستشيرش” في نيوزيلندا” التي أودت بحياة 52 شخصاً وأصابت 50 آخرين في مسجدين. وما يجعل تلك الهجمات على مسجد النور ومركز لينوود الإسلامي مروعة هي حقيقة أن القاتل إختار أن يعيش في هياجه الدموي، مع تلك اللحظات من الرعب التي باتت الآن مُخبأة ومُخزّنة في الوعي العام.
إذا كانت هناك إيجابية من المأساة، فإن الوزراء المسؤولين عن المبادرات الرقمية والإنترنت من مجموعة الدول السبع “G7” قد وافقوا على بروتوكول، إلى جانب شركات التكنولوجيا وغيرها من أصحاب المصلحة في شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي على مستوى العالم، لمعالجة الكراهية على الإنترنت.
في باريس قبل أيام فقط (في 15/05/2019)، وافقت 17 دولة رائدة على “نداء كرايستتشيرش للعمل” (Christchurch Call to Action) إلى جانب ثماني شركات تكنولوجية رائدة – حيث ألقت المفوضية الأوروبية بثقلها الكامل إلى جانب المبادرة التي طرحتها رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاكيندا أرديرن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. شارك قادة آخرون، مثل الملك عبدالله بن الحسين من الأردن وجاستن ترودو من كندا، بنشاط وما زال هناك متسع من الوقت والفرصة لواشنطن وعواصم أخرى مؤثّرة أيضاً لكي تصبح مُشارِكةً نشيطة في حركة طال انتظارها. في حين أن وسائل التواصل الإجتماعي تُقدّم الكثير من الإيجابيات وتجمعنا، فإنها تمنح أيضاً أولئك الذين يسكن قلوبهم الشر والكراهية مسرحاً ينشرون فيه ومن خلاله رسائل الإنقسام والخلاف والإختلاف.
لفترة طويلة جداً، غضّ أولئك الذين يطوّرون ويستفيدون من منصات وسائل التواصل الإجتماعي الطرف عن المحتوى المنقول على قنواتهم. ولكن مثلما واجهت تدفقات الوسائط التقليدية عتبات قانونية وترخيصية لضمان وجود محتوى مسؤول، فقد تم ترك الأمر لمنصات الوسائط الإجتماعية هذه إلى حد كبير لإدارة المحتوى الخاص بها. وكما أظهرت تداعيات مذبحة “كرايستتشيرش” وتدفقها المباشر على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد فشلت تلك العملية بوضوح.
إذا أرادت مبادرة “نداء كرايستشيرش للعمل” أن تنجح، فيجب على جميع الأطراف المعنية – شركات التكنولوجيا ومقدمو وسائل التواصل الإجتماعي والحكومات – العمل يداً بيد لجعل الإنترنت مكاناً آمناً للجميع. وتتمتع المفوضية الأوروبية، من خلال عملها الرائد في مجال حماية البيانات والخصوصية، بسجل حافل في محاسبة أولئك الذين يستخدمون الإنترنت. لفترة طويلة جداً، إستخدم كثيرون من حاملي الحقد والكراهية الزوايا المظلمة وثغرات الإنترنت لنشر رسائلهم وحان الوقت لردعهم ومنعهم من ذلك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى