كلفة الحرب الإسرائيلية على غزة
عملية “الجرف الصامد” بحسب التسمية الإسرائيلية أو “العصف المأكول” حسب الفلسطينيين للحرب التي شنتها تل أبيب على قطاع غزة حصدت أكثر من 1850 شهيداً فلسطينياً وحوالي 10 آلاف جريح بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. لكن أيضاً هذه العملية حمّلت الجيش الاسرائيلي خسائر فادحة بعد مقتل أكثر من 85 جندياً من قوات النخبة وما يفوق عن 600 إصابة، بحسب الفصائل الفلسطينية، وهذه الخسائر هي أعلى خسائر بشرية عند الطرفين، إلى جانب الخسائر المادية الكبيرة التي فاقت 10 مليارات دولار في غزة وتل أبيب.
الخسارتان المادية والبشرية ليستا وحدهما الثمن الذي دفعته إسرائيل نتيجة عدوانها على غزة، فاقتصادها أيضا دفع الثمن بعد خسارته الملايين خلال أكثر من شهر من العمليات.
فقد اتخذت العشرات من شركات الطيران العالمية قرارا بإلغاء رحلاتها لأيام عدة من تل أبيب واليها بسبب الظروف الامنية بعد التوصية التي أصدرتها الوكالة الأوروبية لسلامة الرحلات الجوية وهيئة الطيران المدني الأميركية بمنع السفر إلى مطار بن غوريون الإسرائيلي الذي إستهدف محيطه بصاروخ أطلق من قطاع غزة وأصاب شخصين بجروح.
وأبرز الشركات التي علقت رحلاتها الى تل أبيب هي: 3 شركات طيران أميركية: دلتا، ويو إس إي إيرلاين، ويونايتد إيرلاين، وشركتا الطيران الألمانية إير برلين ولوفتهانزا، وشركة الطيران البريطانية إيزي جت، وشركة الطيران الهولندية كي أل أم، وسويس إير لاين التابعة لسويسرا، وتركش إيرلاين التركية، وشركة إير فرانس الفرنسية، وإير كندا الكندية، وشركات طيران هنغارية وبلجيكية وكورية وأردنية.
أما شركة العال الإسرائيلية للطيران، أكبر شركات الطيران لدى إسرائيل، فقد قدرت خسائرها الأولية نتيجة تراجع الحجوزات خلال الشهر الفائت، والمتوقعة خلال الشهرين المقبلين، بما بين 40 و50 مليون دولار وذلك خلال الربع الثالث من السنة الجارية، وهو موسم العطلات الصيفية والسياحة في إسرائيل. (يُشار إلى أنّ آخر مرة تم فيها تعليق الرحلات الجوية من تل أبيب واليها كانت في عام 1991، قبل حرب الخليج الأولى وخلالها، عندما أطلق الرئيس العراقي صدام حسين صواريخ “سكود” باتجاه إسرائيل).
وبحسب الارقام، أدى تراجع عدد حجوزات السفر إلى إسرائيل وتراجع السياحية الداخلية أيضا بحدود 80% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي إلى تكبد الصناعة السياحية الاسرائيلية خسائر باهظة تخطت الـ 500 مليون دولار بحسب جمعية الفنادق الإسرائيلية. وهذه الخسائر تتوزع بين خسائر الفنادق التي وصلت الى 100 مليون دولار وتراجع في حركة الاسواق الاسرائيلية مع خسائر في حدود 300 مليون دولار بالإضافة الى الخسائر التي تكبدتها المرافق السياحية في إسرائيل والتي بلغت حوالى 120 مليون دولار، وإيرادات غير محققة في حدود 75 مليون دولار ستتحملها مصلحة الضرائب الإسرائيلية نتيجة تدهور الموسم السياحي في إسرائيل والذي من المتوقع ان يكون الأسوأ منذ 12 عاماً أي من تاريخ انتفاضة الأقصى.
وأيضاً الى خسائر القطاع السياحي، تضاف الخسائر التي تكبدها قطاع الصناعة الاسرائيلي وبلغت أكثر من 250 مليون دولار بالاضافة الى الأضرار بالملايين التي لحقت بمحطات القطار في القدس، بعد الاحتجاجات الفلسطينية على مقتل فتى من حي شعفاط وحرقه على أيدي مستوطنين. تضاف الى هذه التكاليف، قيمة التعويضات التي ستجبر الحكومة الاسرائيلية على دفعها الى الاسرائيليين المتضررين من العملية العسكرية والصواريخ الفلسطينية (قُدمت إلى الحكومة الاسرائيلية حتى اليوم أكثر من 660 دعوى للحصول على تعويضات في شأن خسائر أصحاب المصالح في المستوطنات القريبة من غزة).
وقدرت وزارة المالية الإسرائيلية كلفة العدوان على قطاع غزة ما بين ثلاثة مليارات دولار و3.5 مليار دولار. ويقول كبير الإقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية، يوئيل نفيه: إن الضرر الذي لحق بالإنتاج جراء الحرب على غزة ناهز 1.3 مليار دولار، وقدرت سلطة الضرائب قيمة الضرر على مداخيل الخزينة الإسرائيلية في فترة القتال بنحو 291 مليون دولار، وبلغت كلفة الأضرار المباشرة الناتجة عن سقوط صواريخ وقذائف “حماس” 14.5 مليون دولار.
للكلفة العسكرية حصة كبيرة في التكاليف التي تكبدتها إسرائيل نتيجة عدوانها على قطاع غزة. فبحسب ما إعترف به مسؤولون في وزارة الدفاع الاسرائيلية، الكلفة المباشرة للعملية العسكرية في الأيام الـ12 الأولى فقط من الحرب بلغت 585 مليون دولار، ما يعني أن إسرائيل تدفع 50 مليون دولار يومياً كتكلفة مباشرة لهذه الحرب. واستناداً الى الارقام، تتجاوز كلفة الصاروخ الواحد في منظومة “القبة الحديد” 50 ألف دولار في الوقت الذي تنفذ فيه القوات الإسرائيلية يومياً منذ بدأت الحرب على غزة أكثر من 200 عملية اعتراض، ما يعني أن “القبة الحديد” وحدها تكلف الإسرائيليين 10 ملايين دولار يومياً، بالاضافة الى أن بعض الصواريخ الفلسطينية يتم اعتراضها بصواريخ “باتريوت” التي تفوق كلفة الواحد منها المليون دولار. وفي هذا السياق، أوضح تقرير أوردته الإذاعة الاسرائيلية، تفاصيل كلفة القبة الحديد، والبالغة 50 مليون دولار لكل منظومة، حيث تتكون كل منظومة من 20 قاعدة لصواريخ دفاعية، تنطلق لصد الصواريخ الآتية من غزة أثناء تحليقها في الجو. وتبلغ كلفة كل صاروخ بين 60 – 80 ألف دولار، فيما تبلغ كلفة الصاروخ، شاملة تكاليف إطلاقه، قرابة 100 ألف دولار، أي أن كل صاروخ يتم اعتراضه يكلف الخزينة الإسرائيلية 100 ألف دولار. (علماً أن كلفة الصاروخ الواحد الذي تطلقه الفصائل الفلسطينية على الاراضي الاسرائيلية لا تتجاوز الـ 1000 دولار). بالاضافة الى كلفة القبة الحديد، تضاف كلفة الطائرات من دون طيارين حيث تقدر كلفة الساعة الواحدة لهذه الطائرات بـ1500 دولار، فيما تبلغ كلفة ساعة الطائرة المروحية في الجو حوالى 5000 دولار، وكلفة ساعة الطائرة القتالية نحو 15 ألف دولار، وتبلغ كلفة تجنيد كل رجل احتياطي في الجيش الاسرائيلي 130 دولارا يومياً. للتذكير، وقبيل عملياته العسكرية على قطاع غزة، طلب جهاز الأمن الذي يضم الجيش ووزارة الدفاع علاوة إضافية على موازنة سنة 2015 بحوالى 1,5 مليار دولار. ومن المرجح أن يطلب مبلغا أكبر في حال طال أمد العملية
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.