جان لوي مِنْغي: ليس الوداع الأَخير

هنري زغيب*

نودِّعه، كما لا للمرة الأُولى.

كلّ مرةٍ نكون معًا، كنا نودِّعه على أَمل اللقاء التالي.

هذا مبدعٌ لا يليق بوَدَاعته الوَدَاع. ففي وَدَاعه ختْم غيابه. وهو لن يغيب، لأَن بَصْمَتَه الساطعةَ في أَكثرَ من شُرُوق، كفيلةٌ أَلَّا يعرف الغروب.

عرفْتُهُ في ثلاث: مرةً أُولى حين كان يُبدع متحفَ الياس أَبو شبكة في زوق مكايل وأَمُدُّهُ بالوثائق والمعلومات، فإِذا به يُعيدُ البيت إِلى حيويته كما كان على حياة الشاعر. ومرةً ثانيةً يوم طلب مني نصوصًا عن بيروت وكان يُنَظِّمُ لمتحف سرسق معرض “نستجمع بيروت” بعد انفجار 4 آب. ومرةً ثالثة حين كنَّا نهيئ مشروعًا كبيرًا لمهرجان بعلبك، فكان بوَدَاعَته الثقيفة قنديلًا أَخضر في تَبَيُّن الطريق إِلى السيناريو الأَفضل، وهو السينوغرافي المبدع.

نودِّعه اليوم؟ لا للغياب، بل لفَجْرٍ يَتَجَدَّد. فمَن كان مثله يحتاجه كلُّ فجرٍ كي يكتملَ الشُرُوق.

جان لْوِي مِنْغي: نَنْحني اليومَ أَمام نعشِك، لا لأَنه يحملكَ إِلى الضريح، بل لأَنه الفاصلُ الـمُوَقَّت بين الحياة العابرة هنا، والخلود الذي يَنْتَظرُكَ في الهناك، في كل هناك.

  • هنري زغيب هو شاعر، أديب وكاتب صحافي لبناني، مدير مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأميركية، مدير “صالون فيلوُكَاليَّا الأدبي”، ورئيس “اللجنة الوطنية اللبنانية لنشر الإبداع اللبناني”. يُمكن التواصل معه عبر بريده الإلكتروني: email@henrizoghaib.com أو متابعته على موقعه الإلكتروني: www.henrizoghaib.com أو عبر منصة (X): @HenriZoghaib

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى