الرُوحُ الأولمبية: كَيفَ تَعمَلُ دولة الإمارات على بِناءِ الجسورِ بينَ الأُمَمِ من خلالِ الديبلوماسية العامة

نورا الكعبي*

مع بَدءِ الألعاب الأولمبية يوم الجمعة الفائت، انفتحت أبوابُ البيت الأولمبي الإماراتي في باريس للعالم لأوَّل مرة. تُمثّلُ هذه اللحظة مَعلمًا مُهمًّا للبلاد، حيث تحتفل بالتزامنا الدائم بالحركة الأولمبية وقِيَمِها المُتَمَثِّلة في التميُّزِ والصداقة والاحترام.

باريس تُرَحِّبُ بالعالم، والإمارات العربية المتحدة تُقدِّمُ بيتها. ستُتاحُ الفرصةُ لزوّارِ البيت الأولمبي الإماراتي للإطِّلاعِ على ثقافةِ وتُراثِ أُمَّتنا الغَنيَين، وروحها الإبداعية وضيافتها الشهيرة. يُوَضِّحُ افتتاحُ البيت تفانينا في تعزيزِ الوحدة، وبناء الجسور بين الأمم والشعوب، ورعاية الحوار الهادف.

يَعكُسُ بيت الإمارات العربية المتحدة طموحنا الرياضي الوطني وتفانينا في الروح الأولمبية. يُقدّمُ هذا البيت رحلةً تفاعُلية تضمُّ أقسامًا مثل “السكّة” و”المجلس” و”الليوان” و”الميدان” و”الحوي”، حيثُ تُوَفِّرُ كلٌّ منها تجارب غامرة فريدة باستخدام ألعاب الواقع المُعَزَّز والتفاعُلات الرقمية. يُقدّمُ “إيرث” (Erth)، مكان التواصل الاجتماعي، تجربةً أوسع من خلال توفير مقهى حيث يمكن للزوار اكتشاف نكهات الإمارات. وتُجسّد هذه المبادرة أهمّية التعاون الدولي والتبادُل الثقافي، ودعوة الدول للتواصُلِ معنا والتعرُّفِ على ثقافتنا.

إنَّ روحَ التعايش في هذا البيت تَعكُسُ رؤيةَ دولة الإمارات التي أرساها الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وبعده الشيخ خليفة. ويواصلُ الرئيس الشيخ محمّد بدوره دَعمَ هذا المسار من خلال تعزيز قِيَمِ السلام والتعايُش. ومثل القرية الأولمبية، حيث يجتمع الرياضيون، تُعَدُّ دولة الإمارات واحدة من أكثر الأماكن تنوُّعًا في العالم، حيث يعيشُ أكثر من 200 جنسية في سلامٍ وازدهار. والشمول هو الأساس الذي تقومُ عليه قصّة بلدنا، وإننا فخورون بالاحتفال بذلك ونحنُ نُشاركُ في الألعاب الأولمبية. إنَّ علاقتنا بجميع الحضارات والثقافات هي جُزءٌ من الحمض النووي لبلدنا.

كما نُشيدُ أيضًا بمُضيفينا الفرنسيين، الذين تربُطنا بهم علاقةٌ ثُنائية عميقة وقوية، والذين نثق فيهم تمامًا لتنظيمِ وإدارةِ دورة ألعاب أولمبية آمنة وناجحة تحتفي بالرياضة والوحدة. ونُشيدُ بإجراءاتهم الشاملة وإعدادهم الدقيق وبروتوكولاتهم القوية ونهجهم التعاوني. في الواقع، أرسلت وزارة الداخلية الإماراتية عددًا من ضباط الشرطة إلى باريس، الذين يشاركون إلى جانب الشرطة الفرنسية لضمان سلامة وأمن الرياضيين والألعاب.

على مدى السنوات الخمسين الماضية، بنى بَلَدانا شراكةً استراتيجيةً قَيِّمَةً بين حكومَتَينا وروابطَ عميقة بين شَعبَينا. هذه الروابط بين الشعبَين حيوية بالقدر نفسه في تعميق علاقتنا لأنَّ الديبلوماسية تأخذُ أشكالًا عديدة، من التبادلات الثقافية والتجارة إلى التعليم والأحداث العالمية. إنَّ هذه الأنشطة تلعبُ دورًا حاسمًا في تعزيزِ التفاهُم المُتَبادَل الأصيل وتشجيعِ التعاون الثقافي والاقتصادي. وبينما نُفكّرُ في الماضي ونَستَعِدُّ ونَتَحَضّرُ للسنوات الخمسين المقبلة، فإننا مُلتَزِمون بالبناء معًا ومُواءَمة جهودنا في مجالاتٍ رئيسة مثل الثقافة والاقتصاد والتكنولوجيا والصناعة والطاقة لتأمينِ مُستقبلٍ أكثر إشراقًا للجميع.

بالنسبة إلينا، لا تتعلّقُ الألعابُ الأولمبية بالتنافُس في الرياضة فحسب، بل تتعلّقُ أيضًا بمُشاركةِ قِيَمِنا وثقافتنا – القِيَمُ التي نتقاسمها مع العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم. لقد تقدّمنا ​​​​لأول مرة بطلبِ الحصولِ على عضويةِ دولةٍ أولمبية في العام 1979 –بعدَ أقلِّ من عقدٍ على اتحادنا- وشاركنا بفخرٍ في كلِّ الألعاب منذُ العام 1984.

هذا العام، نُرسِلُ فريقًا من 14 رياضيًا بارزًا إلى باريس، والذين سيُمثّلون دولة الإمارات العربية المتحدة على الساحة العالمية. فريقُنا لا يتألف فقط من رياضيين عُظماء يسعون إلى تحقيقِ أحلامهم الأولمبية؛ بل هم سفراءٌ لبلدنا.

يضمُّ فريقنا في باريس نجومًا صاعدين مثل عمر المرزوقي وصَفِية الصايغ -وكلاهما في أوائل العشرينات من العمر- اللذان يُمثِّلان أفضل ما في جيلنا المقبل. لقد استَلهَمَ هؤلاء النجوم من قصصِ أولئك الذين سبقوهم، وهم يمثّلون الطبيعة الديناميكية لأمّتنا، ويدفعوننا إلى الأمام. وفي المقابل، سوف يُلهِمون بدورهم الجيل المقبل.

إنَّ الأمة ليست سوى قصص شعبها، لذا فإنَّ وجودَ أشخاصٍ مثل الرياضيين الأولمبيين والعلماء والفنانين أو رواد الأعمال، الذين يخرجون إلى العالم ويشاركون قصّتنا، أمرٌ بالغ الأهمية ويُشَكّلُ أساس الديبلوماسية العامة.

وبينما نُشَجّعُ رياضيينا في الأسابيع المقبلة، فإننا نحتفلُ ليس فقط بإنجازاتهم ولكن أيضًا بروحِ الوحدة التي تُمثِّلها أمّتنا والألعاب الأولمبية. وفي وقتٍ يحتاجُ العالم إلى المزيدِ من التفاهُم والحوارِ والتعايُشِ السلمي، فإنَّ القِيَمَ التي تُجسّدها الألعاب الأولمبية وجهودنا الديبلوماسية العامة أكثر أهمّية من أيِّ وقتٍ مضى.

  • نورا الكعبي هي وزيرة دولة في وزارة الخارجية الإماراتية. يُمكن متابعتها عبر منصة (X) على: @NouraAlKaabi

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى