العلاج الصامت

التحالف الدولي الذي أخذ على عاتقه مهمة مواجهة المكاسب التي حققها تنظيم “الدولة الإسلامية” أو “داعش”، كما هو معروف، في سوريا والعراق لديه الكثير للتوضيح.
لقد شعر أنصار المعارضة السورية بخيبة أمل ونمت شكوكهم خصوصاً أن الضربات الجوية للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لم تفعل الكثير من التأثير في التقدم المطرد لمسلحي التنظيم التكفيري فيما قواته تقوم بمحاصرة وإختراق بلدة “عين العرب” الواقعة على الحدود السورية التركية.
في وقت سابق من هذا الصيف إستطاع المتمرّدون في بلاد الرافدين بقيادة “داعش” السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي هناك فيما هجومهم المباغت نجح في إيصالهم إلى إحتلال ثاني أكبر مدن العراق، الموصل. منذ ذلك الحين، كانت الجماعة المتطرفة، المنشقّة عن تنظيم “القاعدة”، على رادار مجموعة واسعة من الأطراف، إن لم يكن العالم بأسره. لكن الهجوم الصريح المفتوح الذي أعلنه تنظيم “الدولة الإسلامية” ضد “عين العرب”، أو “كوباني” بالكردية، والمستعر منذ أكثر من أربعة أسابيع، والذي عجز التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة عن وقفه تاركاً الأكراد وحدهم في المعركة، وضع علامات إستفهام كثيرة.
مسؤولون من تركيا، الشريك المفترض في التحالف الدولي، كانوا بارعين في الإدلاء بتصريحات عن أعمال العنف في سوريا، معربين عن غضبهم وإعتراضاتهم على أساس يومي. ولكنهم كانوا صامتين بالنسبة إلى توضيح المعلومات التي سرّبوها إلى وسائل الإعلام التي تفيد بأن “كوباني” تبدو من المؤكد أنها ستسقط في أيدي الجهاديين، الأمر الذي حدا ببعض المعلّقين إلى التساؤل عما إذا كان سلوك أنقرة نفسه له علاقة في هذا الهجوم وهدفه.
وفي الوقت عينه، فإن الولايات المتحدة من جهتها لم تتخذ الوضع في سوريا بعد كأولوية واضحة، مع أنها وضعته ضمن الأهداف البعيدة المدى التي تبدو جيدة على الورق فقط. وهذا ما ترك أنصار المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد مرتبكين وحائرين.
لذا الأسئلة صارت كثيرة: هل أميركا جادة في القضاء على التهديد الذي يشكّله تنظيم “الدولة الإسلامية” للناس في “عين العرب” أو في أي مكان آخر في شمال سوريا؟ أم أن لديها فقط عدداً من “الأهداف الإرهابية” التي تبغي إزالتها من قائمة الإرهاب في واشنطن، مع القليل من الاكتراث للعواقب والتداعيات في العالم الحقيقي حيث تجري وتحدث الغارات الجوية؟
يبدو من خلال تسارع الأحداث بأن الأسابيع القليلة المقبلة ستحمل الأجوبة عن هذه الأسئلة وغيرها والتي ربما تكون مفاجئة لكثيرين.
كابي طبراني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى