هل تستطيع الكويت تنفيذ قرار ترشيد دعم الوقود؟

من المتوقع أن يعزز قرار الحكومة الكويتية الأخير بإجراء تخفيضات لنظام دعم الوقود خزائن الدولة وسط إنخفاض أسعار النفط العالمية، على الرغم من بعض الضغط المُعارِض من النقابات العمالية المنظمة.
في حزيران (يونيو) الفائت أعلن عدنان عبد الصمد، رئيس لجنة الموازنة في مجلس الأمة، عن خطط لخفض مخصصات الدعم على البنزين إلى 238 مليون دينار كويتي (790 مليون دولار) في السنة المالية 2016 – 2017، أقل بكثير من مبلغ ال4 مليارات دينار كويتي (13.3 مليار دولار) الذي كان يُمنح سابقاً سنوياً.
هذا التدبير الإقتصادي هو جزء من إستراتيجية إقتصادية أكبر ترمي إلى إصلاح القطاع العام وزيادة مشاركة القطاع الخاص في التنمية الإقتصادية.

إصلاح الدعم لتوفير المليارات

بعد الخطوة السابقة لرفع الدعم عن الديزل والكيروسين، التي أُطلِقت في العام الماضي، سيتم تنفيذ النظام الجديد على مراحل.
في آب (أغسطس) أعلنت السلطات أن أسعار البنزين سترتفع بشكل ملحوظ إبتداء من أيلول (سبتمبر) 2016، مع زيادة في الأسعار تتراوح بين 40٪ إلى أكثر من 80٪ إعتماداً على الصنف أو النوعية.
ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام الدولية، فإن سعر البنزين بأوكتان منخفض سيرتفع بنسبة 41٪ ليصل إلى 0.085 دينار كويتي (0.28 دولار) لليتر الواحد، والبنزين عالي الجودة بنسبة 61٪ ليصل إلى 0.105 دينار كويتي (0.35 دولار) لليتر، والبنزين الممتاز منخفض الإنبعاثات بنسبة 83٪ ليصل إلى 0.165 دينار كويتي (0.55 دولار) لليتر الواحد.
كما تمّ تنقيح وتغيير أسعار وسائل النقل العام وسيارات الأجرة بشكل تصاعدي لتعكس تكلفة البنزين المرتفعة، على الرغم من أنها لا تزال أدنى المعدلات في دول مجلس التعاون الخليجي، وفقاً لبيانات من وزارة الداخلية.

من النظرية إلى التطبيق

وهذه هي المرة الاولى منذ نحو عقدين التي ترفع فيها الدولة أسعار البنزين، مما يجعل الكويت الدولة الخليجية الأخيرة التي تقوم بذلك في أعقاب إنهيار أسعار النفط في منتصف العام 2014، الذي شهد سقوط خام البرنت من أكثر من 115 دولاراً للبرميل إلى أقل من 30 دولاراً في كانون الثاني (يناير) الفائت. وإنتعشت الأسعار منذ ذلك الحين إلى حد ما، إلى حوالي 48 دولاراً إعتباراً من مطلع أيلول (سبتمبر) الفائت.
وقد شكل دعم الطاقة لفترة طويلة إنفاقاً كبيراً للدولة، حيث كان يعادل ما بين 1.3٪ و 5.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي في الكويت سنوياً، وفقاً لتقديرات البنك الدولي، والتي تأخذ في الإعتبار البيئة والصحة وغيرها من العوامل الخارجية.
وقال خليفة حمادة وكيل وزارة المالية لوسائل الإعلام في كانون الأول (ديسمبر) الفائت: “لو بقي دعم البنزين والإعانات الأخرى من دون ترشيد، فإنها ستكلّف الكويت حوالي 16 مليار دينار كويتي (53.1 مليار دولار) بين عامي 2016 و2019.

الإستجابة الدولية

الواقع أن قراراً حاسماً لزيادة الأسعار يرسل إشارة قوية إلى أن الحكومة عازمة على تنفيذ سلسلة من الإصلاحات الإقتصادية الشاملة، كما وضّحت الإستراتيجية الإقتصادية التي تتألف من ست نقاط التي كشف عنها أنس خالد الصالح، نائب رئيس الوزراء، وزير المالية ووزير النفط في شباط (فبراير) الفائت.
وتشدد الخطة على الإصلاحات المالية، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في التنمية الإقتصادية، فضلاً عن التغيرات في سوق العمل والقطاع العام. ويُنظَر إلى هذه الإصلاحات أيضاً بأنها حاسمة لتحقيق النمو المستدام في المدى الطويل، لا سيما بالنظر إلى توقعات العجز القياسي البالغ 8.7 مليارات دولار (29 مليار دولار) للسنة المالية 2016 – 2017.
من ناحية أخرى فقد أشادت مجموعة كبيرة من الجهات الدولية، بما فيها البنك الدولي، بقرار الحكومة الذي قال في بيان بعد أيام على الإعلان عن رفع الأسعار: “يوفّر إصلاح دعم الطاقة فرصة مهمة ل… إصلاح قطاع الطاقة وإزالة أوجه القصور على طول سلسلة القيمة. كما أن البيئة الحالية لأسعار النفط المنخفضة تشكّل فرصة لإصلاح دعم الطاقة مع الحد الأدنى من التأثير على المستهلكين، في حين يضمن وفورات مالية في وقت تتزايد فيه الضغوط المالية”.
وأضاف البنك الدولي أنه يتوقع بأن تشجّع إصلاحات الدعم تطوير الصناعات كثيفة العمالة، وهي أولوية قصوى أخرى في حملة البلاد لتعزيز النمو غير النفطي.

الحواجز المحتملة

مع ذلك قد تكون خطط الحكومة أمراً عسيراً، نتيجة معارضة النقابات العمالية، التي تتمتع بنشاط قوي وسياسي أكثر من أي مكان آخر في دول مجلس التعاون الخليجي. في الواقع، في 10 آب (أغسطس) الفائت أعلن المجلس المركزي للإتحاد العام للعمال في الكويت رفضه لترشيد دعم البنزين.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تحاول فيها الدولة إصلاح نظام دعمها. إن الجهود الأخرى التي بُذلت أخيراً – بما في ذلك الإعلان عن رفع أسعار الوقود في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي – واجهت معارضة في البرلمان الأمر الذي أدى إلى تأجيلها.
بالإضافة إلى ذلك، فقد أدّت إصلاحات مزمعة في وقت سابق لمخططات الرواتب والمكافآت لعمال الطاقة إلى إضراب لمدة ثلاثة أيام في نيسان (أبريل) الفائت، حيث إنخفض خلاله إنتاج النفط من 3 ملايين برميل إلى ما يقرب 1.1 مليون برميل يومياً.
على الرغم من أن البنك الدولي قد أشار إلى أن أسعار الليتر الواحد من البنزين في الكويت لا يزال يساوي نصف تلك التي تدفع في أوروبا – بل وأدنى المعدلات في دول مجلس التعاون الخليجي – فمن المرجح أن تستمر الحكومة في مواجهة بعض المقاومة في دحر الدعم الشعبي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى