عُمان: مبادرات طموحة لدعم نمو تكنولوجيا المعلومات والإتصالات
مسقط – سمير الحسيني
هناك مجموعة من المبادرات الحكومية التي تقود إعتماد تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في عُمان، فيما تعمل السلطنة على ربط جميع المنازل والمحال التجارية بشبكة وطنية عريضة النطاق بحلول العام 2040.
ويُعزى نمو القطاع في جزء منه إلى جهود الحكومة لتعزيز الربط، وهو عنصر أساسي من إستراتيجية أوسع ل”مشروع عُمان الرقمي” (عُمان الرقمية) التي بدأت في العام 2003، والتي تركّز على تطوير مهارات تكنولوجيا المعلومات، ومحو الأمية الرقمية وخدمات الحكومة الإلكترونية.
إستراتيجية عُمان الرقمية، التي تشرف عليها مُنظِّمة القطاع “هيئة تقنية المعلومات”، تهدف إلى توسيع إستيعاب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جميع قطاعات الإقتصاد من خلال تطوير البنية التحتية الداعمة المطلوبة، وتشجيع مبادرات التدريب ودعم الشركات المبتدئة.
“هذه ليست سوى المراحل الأولى من برنامج أكثر طموحا”، قال الرئيس التنفيذي للهيئة سالم الرزيقي. “بحلول العام 2040 نريد تطوير تكنولوجيا المعلومات كجزء قائم بذاته، قطاع عمودي – هذا هو هدفنا الأساسي”، قال.
لمواكبة الطلب المتزايد، وسّعت عُمان بشكل مطرد شبكتها الحالية من الألياف البصرية، فضلاً عن منح شركات الإتصالات مثل “عُمانتل” و”أوريدو عُمان” (Ooredoo Oman) منفذاً أساسياً لتوسيع نطاق توافر الألياف إلى الإتصالات المنزلية.
من جهتها تعمل “الشركة العُمانية للنطاق العريض”، التي أنشئت في نيسان (إبريل) 2014، على توسيع البنية التحتية من الألياف البصرية، وذلك بهدف تغطية 90٪ من محافظة مسقط بحلول العام 2021. وبحلول العام 2030، من المتوقع أن تتمتع جميع المناطق الحضرية ب95٪ من الإتصال واسع النطاق، مع تحديد تغطية بواسطة الأقمار الإصطناعية و/ أو تغطية متنقلة ذات نطاق عريض كحلول الميل الأخير المُحتمَل لصعوبة الوصول إلى المناطق الريفية.
وقد سعت الحكومة أيضاً بنشاط لتعزيز محو الأمية الرقمية في السنوات الأخيرة. بحلول العام 2013، كان حوالي 100،000 عماني وعمانية حضروا برامج تدريب على الإنترنت، مع 90،000 جهاز كومبيوتر مجاني و72,000 جهاز مودم مجاني تم توزيعها من خلال المبادرة الوطنية للحاسوب الشخصي في البلاد، وفقاً لهيئة تقنية المعلومات.
فيما يرتفع إختراق الإتصال عالي السرعة، فكذلك الطلب على مزيد من الأجهزة المتطورة، سواء من حيث الكومبيوترات أو تقنية الاتصالات المتنقلة. وهذا بدوره من المتوقع أن يُغذّي الطلب على البرمجيات والخدمات، مما يساعد على خلق النمو الرأسي الذي تتوخاه هيئة تقنية المعلومات.
إن الإقبال على خدمات تكنولوجيا المعلومات آخذ في الإرتفاع بشكل حاد، وذلك بفضل الطلب القوي من القطاع الخاص، كما قال ألان صوايا، الشريك الإداري في “عُمان داتا بارك”، أقدم وأكبر شركة تزويد خدمات تكنولوجيا وإستضافة مواقع في السلطنة. ووفقاً لصوايا، فقد إرتفعت إيرادات الشركة خلال العام وحتى تاريخه بنسبة 35٪ في العام على أساس سنوي في أيلول (سبتمبر) نتيجة لذلك.
“لقد أصبحت تكنولوجيا المعلومات جزءاً لا يتجزأ من العمل في جميع أنحاء العالم، وعُمان ليست إستثناء”، قال أحمد عودة، المدير العام لشركة الخليج للحاسبات الآلية عُمان. “العديد من العملاء في القطاع الخاص يطلبون الآن حلولاً ويتطلعون إلى مزيد من تكامل تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في أعمالهم لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة والفوائد التجارية”.
ووفقاً لعودة، فإن الشركات في قطاعات خدمات الرعاية الصحية والتعليم إلى النفط والغاز، وكذلك الحكومة، يمكنها الإستفادة من تكنولوجيا المعلومات لتحسين عملياتها. “أصبح القطاع مبسّطاً وواضحاً وصنّاع القرار صاروا يعطونه أولوية أكثر”، أضاف.
مع ذلك، لا تزال هناك مخاوف من أن يؤدي إنخفاض أسعار الطاقة إلى خفض الإنفاق الحكومي على تكنولوجيا المعلومات والإتصالات، الذي كان تقليدياً واحداً من القوى الدافعة للصناعة، يقول صوايا، واضعاً تأكيداً إضافياً على الحاجة لإستثمارات القطاع الخاص لتعزيز النمو.
“الحكومة تنفق عادة حوالي 7-9٪ من الموازنة على تكنولوجيا المعلومات. ونظراً لإنخفاض أسعار النفط، فهذا المعدّل قد ينخفض هذا العام، أو ينبغي على الحكومة النظر في نموذج خدمات تكنولوجيا المعلومات”، مضيفاً.
من ناحية أخرى، هناك مجال رئيسي يمكنه أن يساعد في تعزيز الطلب من القطاع الخاص في سلطنة عمان وهو الأمن السيبراني، الذي كان أولوية وطنية في السنوات الأخيرة، مستفيداً من إستثمارات كبيرة في التكنولوجيا والموارد البشرية.
في أحدث تقرير له بشأن الأمن السيبراني العالمي، صنّف الإتحاد الدولي للاتصالات سلطنة عُمان في المرتية الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والثالثة في العالم من حيث الإستعداد ضد الهجمات الإلكترونية، محتلةً مرتبة قبل النروج واليابان وألمانيا.
وفقاً لتقرير الإتحاد الدولي للإتصالات، الذي صدر في الربع الثاني من العام 2015، إن تصنيف عُمان يُعزى في جزء كبير منه إلى إستراتيجية الحكومة الشاملة للأمن السيبراني، والتي تشتمل على إطار قانوني واضح، فضلاً عن التعاون على المستوى الوطني والدولي.
لدى عُمان أكثر من 10 شراكات مع الدول والمنظمات التي تهدف إلى تبادل المعرفة وأصول الأمن السيبراني، كما ذكرت وسائل الاعلام المحلية في تموز (يوليو)، وكانت تعمل مع وزارة التربية والتعليم لتقديم تدريب الأمن السيبراني في الفصول الدراسية في جميع أنحاء البلاد.
إن إلتزام السلطنة المستمر الدفاع السيبراني يوفّر فرصاً لا تعدّ ولا تحصى لمقدمي خدمات تكنولوجيا المعلومات والإتصالات المحليين والأجانب، مع توقع نمو طلب قوي في كلّ من القطاعين العام والخاص.
“إن مستخدمي تكنولوجيا المعلومات الأوائل في عُمان هم قطاع الإتصالات والقطاع المصرفي والحكومة”، قال عودة. و”نظراً إلى الطبيعة المتغيّرة بإستمرار للتهديدات السيبرانية، فإن هذه القطاعات تتطلب درجة عالية من الأمان لأنظمتها، مما يشير إلى أن الطلب على ترقية التقنيات والحلول ستستمر”، على حد قوله.