القمّة مُجمَّدة والقاعدة تنتظر الفرج؟

بقلم عرفان نظام الدين*

هناك مبدأ يقول أن “المصيبة تجمع”، فعندما تقع الأحداث الجِسام يُفتَرَض أن يتسامى الجميع ويضعوا الخلافات جانباً ويعملوا على رصّ الصفوف والتضامن والعمل المُشترَك لمواجهته ووقف التداعيات والأخطار.
هذا ما يُفترَض أن يلجأ إليه العرب من المحيط إلى الخليج في ظلّ الأوضاع المؤسفة التي تُثير القلق وتُهدّد الشعوب وتُنذِر بنتائج وخيمة في حال عدم التكاتف والمضي في الأساليب والممارسات السابقة.
وأكثر ما كَشَفَ المستور نتيجة لتفشي فيروس كورونا في العالم معضلة عدم الإستعداد لمواجهته حتى في الدول الكبرى والمُتقدّمة علمياً، ما أدّى الى وقوع خسائر فادحة طالت البشر والثروات التي لا يمكن تقديرها إلّا بعد جلاء الأمور والقضاء على الجائحة ومعالجة ذيولها.
فقد تبيّن أن العالم كلّه قد تحوّل الى ريشةٍ في مهب ريح الفيروس القاتل، كما أن العالم العربي يُعاني من هذه الأزمة التي أثارت الرعب وكلّفت مليارات الدولارات إضافة الى الخسائر البشرية، لكن علينا ان نعترف بأن الجهود المُضنية والقرارات الجريئة التي اتُّخذت بسرعة ودقّة أدّت الى التخفيف من التداعيات ومُحاصرة الجائحة وإنقاذ الكثير من الأرواح.
ومن هنا جاءت الحاجة إلى سدّ الثغرات والتنسيق والعودة الى التضامن العربي المطلوب جداً في مثل هذه الحالات وليس في الحروب والأزمات فحسب، على أمل أن يتم فتح صفحة جديدة مُشرقة في العمل العربي ودفن الخلافات مهما كان سببها والتصرّف بحكمة وتعقّل ووضع مصلحة الأمة فوق كل اعتبار.
والجدير ذكره ان كورونا أخذ في طريقه مؤتمر القمة العربي الذي كان مُقرَّراً أن يُعقَد في الجزائر في. نهاية الشهر الجاري وتمّ تأجيله الى أجَل غير مُسمّى. فضاعت فرصة كان يمكن ان تكون بداية لطي صفحة الخلافات.
ورغم حالات التشاؤم وخيبات الأمل بالقمم السابقة، فإن الأمل كبيرٌ بأن يتم تدارك الأمر بأن تكون فرصةً للإتعاظ من دروس الماضي رغم ما شهدناه من تعليقات وانتقادات تُعبّر عن خيبة الأمل من القمم العربية ونتائجها منذ أن انعقدت القمة العربية الأولى في أنشاص (مصر) في العام ١٩٤٦وتحويل قراراتها عبر السنين الى يومنا هذا الى سلة المهملات.
هذا الفشل لم يقتصر على الصعيد القومي والسياسي فحسب، بل شمل شتى المجالات الإقتصادية والإجتماعية وأصاب الشلل معظم مؤسسات العمل العربي المُشترك من الجامعة العربية الأم الى مجلس الوحدة الإقتصادية والسوق العربية المشتركة وغيرها.
وعلينا الإعتراف بأن كلَّ ما يقال صحيحٌ ومؤسفٌ، لكن العرب ما زالوا ينتظرون الفرج مهما كانت الخيبة كبيرة ومُتعدّدة لعلّهم يُبشّرون بمبادرات حكيمة وجريئة تخرق حالة الصمت والجفاء والخلاف، وتعمل على وضع حلول للخلافات، وتعمل على تفعيل القرارات المُجمَّدة وإعادة إحياء المؤسسات العربية المشلولة.
فمهما كانت الخيبات فإن الأملَ كبيرٌ بوجود حكماءٍ عرب يُوحّدون جهودهم ويُبادرون الى التحرّك بسرعة لرأب الصدع والإعداد لتضامن عربي لأن التجارب علّمتنا ان الأخطار كثيرة من الإعتداءات والتهديدات وصولاً الى غزوة الكورونا وغيرها، ولا سبيل لمواجهتها إلّا بالتخلّي عن الأساليب البالية وحالة الإنكار واللامبالاة.

  • عرفان نظام الدين، كاتب وصحافي عربي، كان رئيساً لتحرير صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى