سيّد كوشنر… اللاجئون الفلسطينيون ليسوا سلعة يُمكِن التخلّص منها برسالة إلكترونية!

بقلم كابي طبراني

حتى بالنسبة إلى الفلسطينيين، الذين إعتادوا منذ فترة طويلة على المعايير المزدوجة للإدارات الأميركية المتعاقبة وإنحيازها المؤيد لإسرائيل، فإن محتوى رسائل البريد الإلكتروني الداخلية لجاريد كوشنر التي نُشرت أخيراً كان بمثابة صدمة. كوشنير، صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره لشؤون الشرق الأوسط، يريد من الأردن ولبنان تجريد أكثر من مليوني فلسطيني مُسجَّلين من وضعهم كلاجئين حتى لا تعود الأونروا – وكالة الأمم المتحدة التي تقدم خدمات الإغاثة والتعليم والصحة إلى ملايين عدة من اللاجئين الفلسطينيين وذريتهم – بحاجة إلى العمل هناك وبالتالي إلغاؤها. وذكر موقع مجلة “فورين بوليسي” الأميركي أن كوشنر دعا في رسالة إلكترونية في وقت سابق من هذا العام إلى “جهد مُخلص لتعطيل” وإلغاء الوكالة. إن كوشنر، الذي لا يتمتع بخبرة في مجال الديبلوماسية، ومع ذلك ما زال يقوم بمهمة هائلة متمثلة في “إحلال السلام في الشرق الأوسط”، قال في إحدى رسائله الإلكترونية إلى المبعوث الأميركي للسلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات: “من المهم أن يكون هناك جهد نزيه ومخلص لتعطيل الأونروا. هذه [الوكالة] التي تُديم الوضع الراهن، هي فاسدة، غير فعّالة ولا تساعد على السلام”.
من الواضح أن صهر الرئيس الأميركي يعتقد أن التقدم في “عملية السلام” يكمن في تحقيق جميع مطالب الحكومة الإسرائيلية وفرض حقائق جديدة لصالحها على الأرض. منذ بدء مفاوضات السلام بقيادة الولايات المتحدة في أعقاب إتفاقات أوسلو، كان من المفهوم أن مصير اللاجئين الفلسطينيين والقدس المحتلة سيتم تسويته في إتفاق سلام نهائي. لذا، لا يمكن لوم المسؤولين الفلسطينيين على الإعتقاد بأن واشنطن تتحرك حالياً من جانب واحد لتسوية هاتين القضيتين لصالح النظام الإسرائيلي، خصوصاً بعد إعتراف الولايات المتحدة من جانب واحد بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل في كانون الأول (ديسمبر) الفائت، ونقل سفارتها من تل أبيب إلى المدينة المقدسة المحتلة في أيار (مايو).
من جانبه أصدر مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بياناً قال فيه أنه “سيُحبط المؤامرات لإنهاء القضية الفلسطينية”. ومع ذلك، عندما قررت القوة العظمى الأولى في العالم أن تتضامن بشكل صارخ مع آخر قوة إستعمارية في العالم، فإنها وضعت الفلسطينيين في وضع صعب للغاية، الأمر الذي سيزيد من سوء ظروفهم المعيشية الرهيبة.
لكن الشعب الفلسطيني ليس شيئاً إن لم يكن عنيداً. إنه يعرف أن قضيته عادلة، وقد رفض الإحتلال الإسرائيلي بكل صوره وفي أبشع الظروف. كما حافظ في الأراضي المحتلة وفي الشتات وفي مخيمات اللاجئين على شعلة الدولة على قيد الحياة. إن أي حلّ عادل للقضية الفلسطينية يجب أن يشمل أيضاً وضع اللاجئين. فهم ليسوا سلعة يُمكن التخلص منها بسهولة وبرسالة إلكترونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى