وللنحت أَيضًا مبدعاتٌ رائدات (2 من 2)

نيكي دوسان فال بين مجموعة من أَعمالها (1968)

هنري زغيب*

يَدرُجُ في كل قطاع من الفنون والآداب أَنْ تبقى في ذاكرة سجلَّاته وتاريخه أَسماءُ مبدعين خالدين، ونادرًا ما تكون بينها أَسماء مبدعات خالدات.

غير أَنّ هذا لا ينفي وجود نحاتات تَركْن في أَعمالهن بصمةً لافتة تساوي غالبًا – إِن لم تكن تتخطى أَحيانًا – أَعمال كبار النحاتين في تاريخ الفن التشكيلي.

في الجزء الأَول من هذا المقال عرضتُ لخمس نحاتات. وهنا في هذا الجزء أَعرض لخمسٍ أُخرَيات.

كريسا: “دراسة نحتية بأَنابيب النيون” (1968)
  1. يايُوِي كوساما

لا يبقى الكثير مما يقال عنها، هي التي صدَرَت عنها مقالات ودراسات وكُتُب عدَّة. ولدت في مقاطعة ماتيسموتو اليابانية سنة 1929، واجتهدت في عملها الريادي حتى باتت إِحدى أَبرز النحاتات المعاصرات في العالم. تميزت بأَعمالها النحتية الكبيرة الحجم  للأَماكن والساحات العامة. في أَعمالها رؤْية جديدة من أَبرز عناصرها: المرأَة، المنمنمات المكثَّفة، الفن الشعبي، والتجريد التعبيري.

دوريس سالسيدو: “جدارية” (2002)
  1. نيكي دو سان فال

هي أَيضًا لم تعُد تحتاج إِلى تعريف كثير. ولدت سنة 1930 في الضاحية الباريسية نويي سور سين، وتوفيت سنة 2002 في سان دييغو (كاليفورنيا). بدأَت تتعاطى مع النحت هربًا من حياة تقليدية محافظة اتِّباعية كانت تحيط بها. سنة 1948 تزوَّجت من الكاتب الأَميريكي هاري ماتيوز (1930-2017) لكنها لم تُطق العيش في حصار زوجي خانق، فطلَّقته بعد إِنجابها ولدين. لكن طلاقها سبَّب لها انهيارًا عصبيًا حادًّا، فتحولت إِلى النحت علاجًا لها من انهيارها. وبقيَت تزاول التجارب النحتية بأَشكال ومواضيع مختلفة، بينها مجموعة منحوتات بعنوان واحد “نانا” منحازةً إِلى دور المرأَة الرئيس في المجتمع. وكانت أعمالها من ورق مقوّى وخيطان مغزولة وصوف وأَسلاك معدنية رفيعة، ولاقت رواجًا وشهرة واسعة. سنة 1979 أَطلقَت مشروعها الكبير “حديقة ورق التاروت” في توسكانا  (إِيطاليا) وهي مجموعة منحوتات نسائية تمثل شخصيات من لعبة ورق التاروت.

جانين أَنطوني: “المرأَة الصهوة” (2000)
  1. كريسا مافروميكالي

هي نحاتة يونانية شهيرة. ولدت في أَثينا سنة 1933 ودرست الفنون في “أَكاديميا لا غراند شوميير” في باريس، ثم لدى معهد كاليفورنيا للفنون الجميلة في سان فرنسيسكو. وسنة 1955 انتقلت إِلى نيويورك، وتأَثَّرت هناك بشعارات ورموز خاصة بوسائل الاتصالات الحديثة للحياة المعاصرة، فأَنتجت أَعمالًا بالإِضاءَة والأَدوات الكهربائية والإِلكترونية. سنة 1966 أَنشأَت مجموعتها الخاصة ذات الأُسلوب الخاص بأَنابيب النيون المختلفة الأَلوان والأَشكال، فكانت تلك الأَعمال مدخلًا تجاريًا إِلى الإِعلانات الكهربائية والإِلكترونية في الشوارع.

  1. دوريس سالسيدو

هي نحاتة معاصرة تواصل شهرتها العالمية. ولدَت في بوغوتا (كولومبيا) سنة 1958. ركزَت شهرتها على أَعمال توحي بالحياة الصامتة لدى الـمُهمَلين والمهمَّشين، وضحايا العنف خصوصًا في العالم الثالث. ومع أَن معظم منحوتاتها كئيبة، لكنها ليست لأَماكن جنائزية بل بقيَت قوية في إِيحائها بالغياب والقهر والفجوة الكبيرة بين الضعف والقوة. تميزَت تجربتها بالتجريد المطلق واحتمالات تفسير كثيرة لأَن معظمها شهادات على الضحايا والحكَّام المتسلطين. ونظرًا لحجم أَعمالها الكبرى لم تكن تعمل وحدها بل تستعين بفريق كامل من المهندسين المعماريين والداخليين ومساعدين خبراء وحتى ممن وقعوا ضحايا القهر والتسلُّط، فكأَن أَعمالها جزء من معاناتها في حياتها الشخصية. وبين أَفراد أُسرتها من وقعوا ضحايا الاضطرابات السياسية والعسكرية والأَمنية الطاحنة في كولومبيا.

  1. جانين أَنطوني

ولدَت في جزيرة الباهاماز سنة 1964. تتميَّز أَعمالها بطابع هو بين النحت والفن الأَدائي. ذلك أَن جسدها هو الرمز الأَول في أَعمالها. من هنا استخدامها فمها وشعرها ورموشها وحتى دماغها في نسخ أَعمالها تكنولوجيًّا. وفي معظم أَعمالها مزج بين فترة  التحضير للعمل وإِظهار العمل الناجز. وغالبًا ما تُجسِّد في منحوتاها قضية المرأَة وأَوضاعها ومعانَيَاتها.

  • هنري زغيب هو شاعر، أديب وكاتب صحافي لبناني. وهو مدير مركز التراث في الجامعة اللبنانية الأميركية. يُمكن التواصل معه عبر بريده الإلكتروني: email@henrizoghaib.com  أو متابعته على موقعه الإلكتروني: www.henrizoghaib.com أو عبر منصة (X): @HenriZoghaib
  • يَصدُر هذا النص في “أَسواق العرب” (لندن) تَوَازيًا مع صُدُوره في “النهار العربي” (بيروت).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى