أميركا تَخسَرُ العالمَ العربي و… الصين تجني الفوائد

من دونِ تحوُّلٍ كبيرٍ في الدعم الأميركي لحرب إسرائيل، ومن دون تغييراتٍ ذكية في السياسة الأميركية لاحتواء الكراهية العربية المتزايدة تجاه الولايات المتحدة في المدى الطويل، سيواصل الفاعلون الآخرون –بما في ذلك الصين– محاولة إبعاد أميركا عن دور القيادة في الشرق الأوسط.

القضية الفلسطينية هي أهم القضايا التي يجب حلها بالنسبة إلى العرب حسب إستطلاعات “البارومتر العربي”.

مايكل روبينز، وأماني جمال، ومارك تيسلر*

كان السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 لحظةً فاصلةً ليس فقط بالنسبة إلى إسرائيل بل إلى العالم العربي. لقد حدثَ الهجومُ المُرَوّع الذي شنّتهُ “حماس” في الوقت الذي بدا أنَّ نظامًا جديدًا ينشأ في المنطقة. قبل ثلاث سنوات، أطلقت أربعُ دولٍ أعضاء في جامعة الدول العربية – البحرين والمغرب والسودان والإمارات العربية المتحدة – عملياتٍ لتطبيعِ علاقاتها الديبلوماسية مع إسرائيل. ومع اقتراب صيف العام 2023 من نهايته، بدت المملكة العربية السعودية، الدولة العربية الأكثر أهمية التي لم تعترف بإسرائيل بعد، على استعدادٍ للقيامِ بذلك أيضًا.

أدّى هجومُ “حماس” والعملية العسكرية الإسرائيلية المُدَمِّرة اللاحقة في غزة إلى تقليص هذه المسيرة نحو التطبيع. أعلنت السعودية بأنها لن تمضي قُدُمًا في اتفاقِ التطبيع حتى تتخذ إسرائيل خطواتٍ واضحة لتسهيلِ إقامة دولة فلسطينية. واستدعى الأردن سفيره من إسرائيل في تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، ولم تتحقّق زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المغرب والتي كان من المقرر أن تتم في أواخر العام 2023. وقد راقبَ الزعماءُ العرب بحذر مواطنيهم الذين أصبحوا مُعارِضين جهرًا للحرب في غزة. وفي العديد من الدول العربية، خرجَ الآلاف للاحتجاج على الحرب الإسرائيلية والأزمة الإنسانية التي أنتجتها. كما دعا المتظاهرون في الأردن والمغرب إلى إنهاء معاهدات السلام التي أبرمها بلديهما مع إسرائيل، مُعربين عن إحباطهم من أنَّ حكوماتهم لا تستمع إلى شعوبها.

وقد يتبيّن أن السابع من تشرين الأول (أكتوبر) يشكّلُ لحظةً فاصلةً بالنسبة إلى الولايات المتحدة أيضًا. فبسبب الحربِ في غزة، تحوّلَ الرأيُ العام العربي بشكلٍ حاد ضد أقوى حليف لإسرائيل، الولايات المتحدة – وهو تطورٌ يُمكنُ أن يُربِكَ الجهودَ الأميركية ليس فقط للمساعدة على حلِّ الأزمة في غزة ولكن أيضًا لاحتواء إيران والتصدّي للنفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط. منذُ العام 2006، قامت منظمة الباروميتر العربي، وهي المنظمة البحثية غير الحزبية التي نُديرها، بإجراءِ استطلاعاتِ رأيٍ وطنية نصف سنوية تُمثّل 16 دولة عربية، حيث قامت بالتقاطِ آراء المواطنين العاديين في منطقةٍ لا يوجد بها سوى القليل من استطلاعات الرأي. وبعد غزو الولايات المتحدة للعراق في العام 2003، وجدت استطلاعاتٌ أخرى باستمرار أنَّ قِلّة من المواطنين العرب العاديين لديها آراء إيجابية تجاه الولايات المتحدة. ومع ذلك، بحلول العام 2022، تحسّنت المواقف إلى حدٍّ ما، حيث أكد ما لا يقل عن ثلث المشاركين في جميع البلدان التي شملها استطلاع “الباروميتر العربي” أن لديهم رأيًا “إيجابيًا جدًا” أو “إيجابيًا إلى حدٍّ ما” تجاه الولايات المتحدة.

لكن الاستطلاعات التي أجريناها في خمسِ دولٍ في أواخر العام 2023 وأوائل العام 2024 تُظهرُ أنَّ مكانةَ الولايات المتحدة بين المواطنين العرب قد تراجعت بشكلٍ كبير. ويشيرُ استطلاعٌ للرأي أُجريَ جُزئيًا في تونس قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر) وجُزئيًا بعده، بقوّة إلى أنَّ هذا التحوّلَ حدث ردًّا على الأحداث في غزة. ولعلَّ الأمرَ الأكثر إثارةً للدهشة هو أن الاستطلاعات أوضحت أيضًا أنَّ خسارةَ الولايات المتحدة كانت بمثابةِ مَكسَبٍ للصين. تحسّنت آراءُ المواطنين العرب تجاه الصين في استطلاعاتنا الأخيرة، مما أدى إلى عَكسِ اتجاهِ نصفِ عقدٍ من ضعف الدعم لها في العالم العربي. وعندما طرحنا السؤال عما إذا كانت الصين بذلت جهودًا جادة لحماية الحقوق الفلسطينية، وافقَ عددٌ قليل من المشاركين على ذلك. وتشير هذه النتيجة إلى أنَّ وجهات النظر العربية تعكسُ استياءً عميقًا من الولايات المتحدة وليس تأييدًا مُحدّدًا للسياسات الصينية تجاه غزة.

في الأشهرِ والسنوات المقبلة، سوفَ يسعى قادة الولايات المتحدة إلى إنهاءِ الصراع في غزة وبدء المفاوضات نحو تسويةٍ دائمةٍ للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وتأمل الولايات المتحدة أيضًا في حماية الاقتصاد الدولي من خلال حماية البحر الأحمر من هجمات وكلاء إيران وتعزيز تحالف إقليمي يحتوي العدوان الإيراني ويَحُدُّ من مشاركة الصين في المنطقة. مع ذلك، لتحقيقِ أيٍّ من هذه الأهداف، تحتاجُ واشنطن إلى شراكة الدول العربية، وهو أمرٌ سيكون من الصعب تحقيقه إذا ظلَّ السكان العرب مُتشكّكين في أهداف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

كثيرًا ما يُشيرُ المحلّلون والسياسيون الأميركيون إلى أنَّ ما يسمونه أحيانًا باستخفاف “الشارع العربي” لا ينبغي أن يكونَ ذا أهمية كبيرة للسياسة الخارجية الأميركية. ولأن معظم الزعماء العرب مستبدّون، كما تقول الحجة، فإنهم لا يهتمون كثيرًا بالرأي العام، وبالتالي ينبغي لصنّاع السياسات في الولايات المتحدة إعطاء الأولوية لعَقدِ صفقات مع أصحاب النفوذ وسماسرة السلطة بدلًا من  كسب قلوب وعقول المواطنين العرب. ولكن بشكلٍ عام، فإنَّ فكرةَ أنَّ القادة العرب غير مُقَيَّدين بالرأي العام هي مجرّد خرافة. أطاحت انتفاضات “الربيع العربي” حكوماتَ أربعِ دول، وأدت الاحتجاجات واسعة النطاق في العام 2019 إلى تغييرات في القيادة في أربع دول عربية أخرى. ويتعيَّن على السلطويين أيضًا أن يأخذوا في الاعتبار آراءَ الأشخاص الذين يحكمونهم. والآن لا يرغب سوى عددٍ قليلٍ من الزعماء العرب في أن يُنظَرَ إليهم وهم يتعاونون علنًا مع واشنطن، نظرًا للارتفاع الحاد في المشاعر المُعادية لأميركا بين الشعوب التي يحكمونها. وقد تكون لغضب المواطنين العرب من السياسة الخارجية الأميركية عواقب مباشرة وخطيرة على الولايات المتحدة. لقد أظهر بحثنا السابق المُستَند إلى بيانات من استطلاعات الرأي في الجزائر والأردن أنَّ الغضبَ من السياسة الخارجية الأميركية يمكن أن يجعل المواطنين يتعاطفون بشكلٍ أكبر مع الأعمال الإرهابية المُوَجَّهة ضدّ الولايات المتحدة.

مع ذلك، فإنَّ بعض نتائج استطلاع “البارومتر العربي” يكشفُ أيضًا عن أنَّ التشكّكَ المتزايد بين العرب في دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ليس أمرًا لا رجعةَ فيه، حيث تُشيرُ الاختلافات في الرأي بين الجماهير في البلدان التي تعاملت معها الولايات المتحدة بشكل مختلف إلى أن أميركا قادرة على تغيير الطريقة التي ينظر بها إليها العالم العربي من خلال تغيير سياساتها. وتشير نتائج الاستطلاع أيضًا إلى تحوّلاتٍ مُحدَّدة في النهج من شأنها أن تعمل على تحسين تصوّرات العرب للولايات المتحدة، بما في ذلك الدفع بقوة أكبر من أجل التوصّلِ إلى وقف إطلاق النار في غزة، وزيادة المساعدات الإنسانية الأميركية للقطاع وبقية المنطقة، وفي الأمد البعيد، العمل من أجل التوصل إلى حلّ الدولتين. في نهاية المطاف، لكسبِ ثقةِ المواطنين العرب في الشرق الأوسط، يتعيّن على الولايات المتحدة أن تُظهِرَ الاهتمامَ نفسه بمعاناة الفلسطينيين كما تفعل مع معاناةِ الإسرائيليين.

صندوق الاستطلاعات

يشملُ كلُّ استطلاعٍ للرأي أجراه مركز “البارومتر العربي” أكثر من 1200 مستجيب، ويتم إجراؤه شخصيًّا في مكان إقامة المستجيب. وتَطرَحُ هذه الاستطلاعات أسئلةً على المشاركين حول آرائهم بشأنِ مجموعةٍ واسعةٍ من المواضيع، بما فيها القضايا الاقتصادية والدينية، وآراء حكوماتهم، والمشاركة السياسية، وحقوق المرأة، والبيئة، والشؤون الدولية. ومنذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، أكمل “البارومتر العربي” استطلاعاتٍ في خمسِ دولٍ عربية متنوّعة، وهي الأردن والكويت ولبنان وموريتانيا والمغرب.

ولأنَّ الجولة السابقة من استطلاعات “البارومتر العربي” في هذه البلدان أجريت بين سنتي 2021 و2022، فقد تكونُ عواملُ أخرى غير الحرب في غزة قد ساهمت في تغييرات الرأي العام بين ذلك الوقت والآن. ومع ذلك، فقد قدّمَ استطلاعٌ إضافي معيارًا مهمًّا للغاية، مما سمح لنا باستنتاجٍ أنَّ بعضَ التحوّلات الرئيسة في الرأي العام ربما حدثت أخيرًا. ففي الفترة بين 13 أيلول (سبتمبر) و4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2023، أجرينا استطلاعًا مُجَدوَلًا في تونس شمل 2,406 مقابلة. وأُجري حوالي نصف هذه المقابلات قبل 7 تشرين الأول (أكتوبر) وحوالي النصف بعد ذلك. ولكي نفهم كيف تغيّرت آراء التونسيين بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، قُمنا بحسابِ متوسّطِ ​​الاستجابات خلال الأسابيع الثلاثة التي سبقت هجوم “حماس”، ثم تتبعنا التغييرات اليومية في الأسابيع التي تلت ذلك، فوجدنا انخفاضًا سريعًا وحادًا في نسبة المُستجيبين الذين يحملون آراءً إيجابية عن الولايات المتحدة وكانت النتائج في معظم البلدان الأخرى التي استطلعنا آراءها في الفترة 2021-2022 وبعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) تتبع نمطًا مُماثلًا: ففي كل البلدان باستثناء بلد واحد، انخفضت أيضًا آراء التأييد للولايات المتحدة بشكلٍ ملحوظ.

وعلى الرُغم من فظاعة هجوم “حماس”، فإنَّ قِلةً من المُستجيبين في استطلاع “البارومتر العربي” وافقت على أنه ينبغي أن نُطلِقَ عليه “عملًا إرهابيًّا”. وعلى النقيض، اتفقت الغالبية العظمى على أنَّ حملة إسرائيل في غزة ينبغي تصنيفها على أنها إرهاب. وفي الغالب، قَيَّمَ المواطنون العرب الذين استُطْلِعَتْ آراؤهم بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الوَضعَ في غزّة بأنه مُرَوِّع، وعندما سُئلوا عن أيٍّ من الكلمات السبع، بما فيها “الحرب” و”الأعمال العدائية” و”المذبحة” و”الإبادة الجماعية”، تَصِفُ الأحداثَ الجارية في غزة على أفضلِ نحو، كان المصطلح الأكثر شيوعًا الذي اختاره المُستَجيبون في كلِّ البلدان باستثناءِ بلدٍ واحد هو “الإبادة الجماعية”. ولكن في المغرب فقط، وصفَ عددٌ كبيرٌ من المُستجيبين ــ24 في المئةــ تلك الأحداث بأنها “حرب”، وهي النسبة نفسها تقريبًا من المغاربة الذين وصفوها بأنها “مذبحة”. وفي كلِّ بلدٍ آخر، اختار أقل من 15 في المئة من المُستجيبين “الحرب” لوَصفِ ما يحدُث في غزّة.

علاوةً على ذلك، وجدت استطلاعات الرأي التي أجراها مركز “البارومتر العربي” أنَّ المواطنين العرب لا يعتقدون أنَّ الجهاتَ الغربية الفاعلة تُدافِعُ عن أهل غزّة. وطرحَ استطلاعنا السؤال التالي: “مَن بين الأطراف التالية، أيٌّ منها تعتقد أنه مُلتزمٌ بالدفاع عن الحقوق الفلسطينية؟”، وسُمِحَ للمستجيبين اختيار طرفًا من قائمة تضمُّ عشر دول، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة. لم يوافق أكثر من 17 في المئة من المستجيبين في أيِّ بلدٍ على أنَّ الأمم المتحدة تُدافِعُ عن الحقوق الفلسطينية. وكان أداءُ الاتحاد الأوروبي أسوأ، ولكن الولايات المتحدة حصلت على أدنى الدرجات، حيث وافق 8 في المئة من المُستجيبين في الكويت، و6 في المئة في المغرب ولبنان، و5 في المئة في موريتانيا، و2 في المئة في الأردن؛ على أنها تُدافعُ عن الفلسطينيين. وكانت النتائج بالنسبة إلى أميركا أكثر تباعُدًا عن نتائج الجهات الفاعلة الغربية والعالمية الأخرى في ما يتصل بمسألة حماية إسرائيل. فعندما سُئل المُستجيبون في الدول الخمس عمّا إذا كانت الولايات المتحدة تحمي حقوق إسرائيل، وافقَ أكثر من 60 في المئة منهم على أنها تفعل ذلك، وتتجاوز هذه النسب بكثير النسب المئوية للمُستجيبين الذين وافقوا على أنَّ الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة تحمي إسرائيل.

ويبدو أن هذه التصوّرات في العالم العربي بشأنِ الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وحول نهج الولايات المتحدة تجاهها، كانت لها عواقب وخيمة على سمعة واشنطن بشكلٍ عام. ففي تسعٍ من الدول العشر التي سأل فيها “البارومتر العربي” عن مدى استحسان وأفضلية الولايات المتحدة في سنة 2021، قال ما لا يقل عن ثلث جميع المُستجيبين إنهم يحملون وجهة نظر إيجابية عن الولايات المتحدة. ولكن في أربعٍ من الدولِ الخمس التي شملها الاستطلاع بين كانون الأول (ديسمبر) 2023 وآذار (مارس) 2024، كانَ أقلُّ من ثُلثِ المُشاركين ينظرون إلى الولايات المتحدة بشكلٍ إيجابي. ففي الأردن، انخفضت نسبةُ المُستجيبين الذين ينظرون إلى الولايات المتحدة بشكلٍ إيجابي بشكلٍ كبير، من 51 في المئة في سنة 2022 إلى 28 في المئة في استطلاعٍ أُجريَ في شتاء 2023-2024. وفي موريتانيا، انخفضت نسبةُ المُستجيبين الذين ينظرون إلى الولايات المتحدة بشكلٍ إيجابي من 50 في المئة في استطلاعٍ أُجري في شتاء 2021-2022 إلى 31 في المئة في الاستطلاع الذي أُجري في شتاء 2023-2024. وفي لبنان، انخفضت من 42 في المئة في شتاء 2021-2022 إلى 27 في المئة في أوائل سنة 2024. وبالمثل، انخفضت نسبة المُستجيبين الذين وافقوا على أنَّ السياسات الخارجية للرئيس الأميركي جو بايدن كانت “جيدة” أو “جيدة جدًا” بمقدار 12 نقطة في لبنان وتسع نقاط في الأردن خلال الفترة نفسها.

ويُشيرُ توقيتُ استطلاعنا في تونس بقوة إلى أنَّ الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة كانت سببًا في هذا التراجع العام. ففي الأسابيع الثلاثة التي سبقت السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، قال 40  في المئة من التونسيين إن لديهم وجهةَ نظرٍ إيجابية عن الولايات المتحدة. وبحلول 27 تشرين الأول (أكتوبر)، أي بعد أقل من ثلاثة أسابيع على بدءِ العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، قال عشرة في المئة فقط من التونسيين الشيء نفسه.

وعلى الرُغمِ من تراجُعِ تأييد العرب في الولايات المتحدة لإدارة جو بايدن بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، إلّا أنَّ الآراءَ حول جوانب مختلفة من مشاركة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لم تكن كلها متساوية. فكان من المرجح أن يتفق المستجيبون لدينا على أن المساعدات الخارجية الأميركية لبلادهم تُعزّز المبادرات التعليمية أو أنها تعزز المجتمع المدني كما كانت قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر). في الواقع، كان المُستجيبون في الأردن وموريتانيا والمغرب في استطلاعنا الشتوي لسنتَي 2023 و2024 أكثر ميلًا إلى الموافقة على أنَّ المساعدات الخارجية الأميركية تُعزّزُ المجتمع المدني مُقارنةً بما كانوا عليه في سنتَي 2021 و2022. وتشير هذه النتائج إلى أنَّ الخلافَ ينحصرُ في سياسة الحكومة الأميركية تجاه إسرائيل والحرب في غزة، وليس تجاه عناصر أخرى من السياسة الخارجية الأميركية، الذي يدفع إلى تدهور سمعة أميركا الإقليمية.

هامشٌ جانبي

رُغمَ تقديمها دعمًا محدودًا لغزة ماديًا ومعنويًا، كانت الصين المُستفيدَ الرئيس من تراجع سمعة الولايات المتحدة لدى الجماهير العربية. في استطلاعاتٍ لسنة 2021-2022، أظهرت مؤسسة “البارومتر العربي” أنَّ دَعمَ العرب للصين في تراجُعٍ، إلّا أنَّ هذه الاتجاهات انعكست في الأشهر الأخيرة. وفي كلِّ الدول التي شملتها استطلاعات “البارومتر العربي” بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، عبّر نصفُ المُستجيبين على الأقل عن آراءٍ إيجابية تجاه الصين. وفي كلٍّ من الأردن والمغرب، وهما حليفان رئيسان للولايات المتحدة، لوحظت زيادة بأكثر من 15 نقطة في معدلات تأييد الصين.

وعندما سُئِلوا عمّا إذا كانت سياسات الولايات المتحدة أو الصين أفضل لأمن منطقتهم، أعربَ المستجيبون في ثلاثٍ من الدول الخمس التي شملتها استطلاعاتنا بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) عن تفضيلهم نهج الصين. فعليًا، كان الوجود الصيني في المنطقة ضئيلًا مع تركيز بكين بشكلٍ أساسي على الصفقات الاقتصادية في إطارِ مبادرة الحزام والطريق. ويبدو أنَّ الجماهير العربيّة في الشرق الأوسط تُدركُ أنَّ دورَ الصين في أحداث غزة كان محدودًا: فقط 14 في المئة من المستجيبين اللبنانيين، و13 في المئة من المغاربة، و9 في المئة من الكويتيين، و7 في المئة من الأردنيين، ونسبةٌ ضئيلة جدًا تبلغ ثلاثة في المئة من الموريتانيين وافقت على أنَّ الصين مُلتزمة بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين.

بناءً على ذلك، من المرجّح أن تعكسَ الآراءُ الإيجابية المُتزايدة تجاه الصين حالةَ عدم الرضا عن سياسات الولايات المتحدة والغرب بشكلٍ عام. وفي ما يتعلّق بسياساتٍ أكثر تحديدًا، كانت إجاباتُ المُستجيبين أكثر تناقُضًا. وعندما سُئِلوا عمّا إذا كانوا يعتقدون أنَّ السياسات الصينية أفضل في “حماية الحريات والحقوق” أم السياسات الأميركية، أو أنَّ الدولتين جيدتان أو سيئتان بالقدر عينه، أجابت غالبية المشاركين الكويتيين والموريتانيين والمغاربة بأنَّ السياسات الأميركية أفضل من السياسات الصينية. لكن لوحظَ العَكس لدى المُستجيبين من الدولتين المجاورتين لإسرائيل: ففي استطلاعات “البارومتر العربي” في كلٍّ من الأردن ولبنان بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، أظهر عددٌ أكبر بكثير من المستجيبين تفضيلًا للسياسات الصينية على حساب السياسات الأميركية في حماية الحقوق والحريات.

إنَّ سجِلَّ الصين في حماية الحقوق والحريات في الداخل والخارج مُحتَشِم ومُخجل في بعض الأحيان، لكن اللبنانيين والأردنيين يرون الآن أنَّ سجلَّ الولايات المتحدة أسوأ. وتعكسُ هذه النتيجة اتجاهًا أوسع في بيانات “البارومتر العربي” يظهر مدى أهمية الموقع الجغرافي. فالأشخاص الذين يعيشون في دولٍ قريبة من الصراع في غزة والذين استقبلت دولهم تاريخيًا أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين عبّروا عن أقصى درجات عدم الثقة في السياسات الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط.

تقرير الأقلية

تُشيرُ استطلاعاتُنا إلى أنَّ تَراجُعَ التأييدِ العربي للولايات المتحدة ليس حتميًا وأنَّ الجماهير العربية تستجيبُ بحساسيةٍ للاختلافات في السياسة الأميركية تجاه القضايا الأساسية في المنطقة. وهذا الاستنتاجُ ملحوظٌ خصوصًا في نتائج المغرب –البلد الوحيد في المنطقة الذي خالف الاتجاه المتزايد لارتفاع الشكوك حول السياسة الأميركية. في سنة 2022، عبّر 69 في المئة من المغاربة عن وجهة نظر إيجابية تجاه الولايات المتحدة، وهي أعلى نسبة تأييد في العالم العربي. وقد نما هذا الدعم القوي فعليًا، إذ أظهرَ مَسحُ “البارومتر العربي” في شتاء 2023-2024 أنَّ 74 في المئة من المغاربة الآن ينظرون إلى الولايات المتحدة بشكلٍ إيجابي. ويُعتَبَرُ المغرب أيضًا البلد الوحيد الذي يُفضّلُ سكانه بوضوح السياسات الأمنية الأميركية على السياسات الصينية في الشرق الأوسط بفارق 13 نقطة مئوية.

ومن شبه المؤكّد أنَّ الدورَ الذي لعبته الولايات المتحدة في دعم المغرب في نزاعٍ إقليمي هو السبب الذي يفسّرُ خروج الرأي العام المغربي عن المألوف. أدارت الحكومة المغربية لعقود من الزمن جُزءًا كبيرًا من الصحراء الغربية، حيث تسعى حركةٌ مدعومةٌ من الجزائر إلى إقامة دولة مستقلة. وحتى العام 2020، لم تعترف أي دولة عضو في الأمم المتحدة بسيادة المغرب على هذا الإقليم. مع ذلك، اعترفت الولايات المتحدة في تلك السنة بمطالبة المغرب بالصحراء الغربية وذلك مقابل تطبيع علاقاتها الديبلوماسية مع إسرائيل. وقد أكّدَت إدارة بايدن هذه السياسة بقوة خصوصًا في النصف الثاني من سنة 2023. وقد تزامن استطلاعنا لآراء المغاربة مع زيارةٍ مُعلنٍ عنها –نالت اهتمامًا كبيرًا– من قبل الديبلوماسي الأميركي رفيع المستوى جوشوا هاريس إلى الجزائر والرباط لتأكيد هذا الموقف بشكلٍ جليّ.

يبدو أنَّ الموقف الأميركي بشأنِ قضية الصحراء الغربية هو الذي حمى الولايات المتحدة بشكلٍ كبير من تراجع التأييد الذي شهدته في دول عربية أخرى. أما البلدان الغربية الأخرى التي لم تتبع نهج الولايات المتحدة في الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية لم تحتفظ بتأييد الشعب المغربي بين سنة 2022 وشتاء 2023-2024، وهو ما يظهره انخفاض نسبة المغاربة الذين قالوا إن لديهم وجهة نظر إيجابية عن المملكة المتحدة من 68 في المئة إلى 30 في المئة، وهو تراجعٌ أكبر مما شهدته الدول الأخرى التي شملها المسح. وعلى نحوٍ مماثل، تراجعت الآراء الإيجابية بشأن فرنسا بمقدار عشر نقاط.

وفي كلِّ بلدٍ أجرينا فيه استطلاعات، أشارَ المُستجيبون إلى أنهم يعتقدون أنَّ دولَ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الأكثر التزامًا بحماية حقوق الفلسطينيين وليس الفاعلين العالميين. لكن هذا الرأي لا يُترجَم إلى رغبةٍ في رؤية الولايات المتحدة تتبنّى الحياد أو تُغادر الشرق الأوسط. ورُغمَ غضبهم من السياسات الأميركية تجاه غزة، كان الجمهور العربي واضحًا بشأن التعبير عن رغبته في مشاركة الولايات المتحدة في حلّ الأزمة الإسرائيلية-الفلسطينية.

طلبَ أحد أسئلة استطلاع “البارومتر العربي” من المُستجيبين تحديد القضية التي يجب أن تتصدّرَ أجندة إدارة بايدن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن قائمة من سبعة خيارات: التنمية الاقتصادية، التعليم، حقوق الإنسان، البنية التحتية، الاستقرار، مكافحة الإرهاب، والقضية الفلسطينية. وفي ثلاثٍ من الدول الأربع التي طُرح فيها هذا السؤال في استطلاعات ما بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، اتفقت غالبية المستجيبين على أنَّ بايدن يجب أن يعطي الأولوية للقضية الفلسطينية، حتى على حساب القضايا الأساسية الأخرى التي تهم بلدانها.

في الواقع، ارتفعت نسبة المواطنين العرب الذين يعتقدون أنَّ الأولوية القصوى لإدارة بايدن في المنطقة يجب أن تكون القضية الفلسطينية بشكلٍ كبير خلال السنتين الماضيتين – بنحو 21 نقطة في الأردن، و18 نقطة في موريتانيا والمغرب، و17 نقطة في لبنان. وتشيرُ بياناتنا في تونس إلى أنَّ هذا الارتفاع حدث تقريبًا فور انطلاق الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزّة.

أدّت حربُ غزّة إلى تراجُعِ تأييد العرب لمسألة تطبيع العلاقات مع إسرائيل إلى مستوى منخفض بالفعل. لكن هذا لا يعني أن العالم العربي ينقلبُ ضدّ التسوية السلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لقد أظهرت أبحاثنا في تونس في البداية أنَّ اندلاعَ الحرب في غزة قد يؤدّي إلى تراجُعِ دعمِ حلِّ الدولتين. وفي الاستطلاعات التي جرت بين كانون الأول (ديسمبر) 2023 وآذار (مارس) 2024 في الأردن وموريتانيا والمغرب، تبيّن أن نسبًا أكبر من المُستجيبين يدعمون حلّ الدولتين على الحلول الأخرى مثل حل الدولة الواحدة أو اتحاد أو نهج “آخر” غير محدد مُقارنةً بما كانت عليه الأرقام في سنة 2022.

إصلاحُ السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط

قبل أحداث السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، كان يبدو أنّ هناك نظامًا إقليميًا جديدًا يتبلور في الشرق الأوسط. مع سعي بعض الحكومات العربية إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل –وهي الاتفاقات الأولى من نوعها منذ ما يقارب 30 عامًا– بدا أنَّ الانقسامَ الأساسي في المنطقة قد لا يكون بين إسرائيل والدول العربية وإنّما بين طهران والدول التي تسعى إلى احتواء عدوانيتها في الخارج. وكان من المُمكن لائتلافٍ جديد لاحتواءِ إيران، يضمُّ إسرائيل والدول العربية الرئيسة، أن يكونَ مفيدًا بشكلٍ كبير في الحدّ من نفوذ إيران في المنطقة.

ربما لا يزال من الممكن للولايات المتحدة المساعدة على تشكيل مثل هذا الائتلاف: فالمساعدة التي قدّمها الأردن لإسرائيل في صدِّ هجوم الطائرات المسيّرة والصواريخ الإيرانية في 13 نيسان (أبريل)، والقرارات التي اتخذتها السعودية والإمارات لتقديم معلومات استخبارية للولايات المتحدة قبل ذاك الهجوم، دليل على أنَّ القادة العرب الرئيسيين لا يزالون يؤمنون بأنَّ إعادة الاصطفاف الإقليمية تصبُّ في مصلحتهم. وقد أظهرت الاستطلاعات التي أجريناها بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) أنَّ تأييدَ إيران لا يزال منخفضًا بين الشعوب العربية. هناك فقط 36 في المئة من اللبنانيين، و25 في المئة من الأردنيين و15 في المئة من الكويتيين أبدوا رأيًا إيجابيًا تجاه إيران.

لكنَّ الجهودَ نحو إعادة الاصطفاف الإقليمي الكامل ستواجهُ صعوبةً طالما يتواصل تدهور التأييد الإقليمي للولايات المتحدة. دائمًا ما تكون اتفاقات السلام، مثل تلك التي أقامتها ومصر والأردن مع إسرائيل، عُرضةً للانهيار. ولكن لا يمكن استبدال وساطة الولايات المتحدة لتحقيق اتفاقات التطبيع. وقد بقيت اتفاقات السلام المصرية-الإسرائيلية والإسرائيلية-الأردنية مستقرّة إلى حدٍّ كبير بفضل كمية المساعدات الهائلة التي قدمتها الولايات المتحدة إلى كلتا الدولتين العربيتين.

وقد ارتبطت اتفاقات التطبيع للعقد الماضي بوعودٍ من الولايات المتحدة لمعالجة مخاوف الدول العربية، بما في ذلك الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وإزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وبيع طائرات “إف-35” للإمارات العربية المتحدة.

وفي سياقِ ما بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، لا تعني خسارة تأييد المواطنين العرب خطر فقدان تأييد القادة العرب فحسب، بل كذلك تعريض الاستقرار الداخلي لحلفاء الولايات المتحدة العرب الرئيسيين للخطر. لقد انتقل الغضب حول معاناة الفلسطينيين بالفعل إلى الشوارع. ففي الأردن، تسببت الاحتجاجات في إحباط مشروع الازدهار وهي اتفاقية في مجال المياه والطاقة بين الأردن وإسرائيل تدعمها دولة الإمارات والولايات المتحدة. وبعدَ التعاون مع إسرائيل والولايات المتحدة لمواجهة الهجوم الإيراني، التزمت الأنظمة العربية الصمت حول دورها خوفًا من تأجيج غضب المواطنين. وينبغي للولايات المتحدة محاولة تخفيف الضغط العام الذي تواجهه الحكومات العربية لعدم العمل مع إسرائيل لمواجهة النفوذ الإيراني.

إنَّ المنطقة تمرُّ بنقطةِ تحوّلٍ محورية، والولايات المتحدة في وضعٍ جيد نظريًا لاستخدام النفوذ اللازم للمساعدة على ضمان وقف إطلاق النار في غزة والمساعدة على دفع الإسرائيليين والفلسطينيين نحو السلام. ومع ذلك، لاستعادة مصداقيتها الإقليمية، يجب على واشنطن أن تضعَ خطواتٍ ملموسة وعملية نحو حلِّ الدولتين، وتحديد الشكل الذي سيبدو عليه الحكم الفعّال في مرحلة ما بعد الحرب في غزة وما يجب على الإسرائيليين والفلسطينيين القيام به لضمان إحراز تقدّمٍ نحو السلام. إنَّ محاسبة القادة الإسرائيليين والفلسطينيين أمرٌ طالَ انتظاره. ولا يتعيّن على الولايات المتحدة أن ترعى محادثات السلام فحسب، بل يتعيّن عليها أيضًا أن تصرَّ على وضعِ حدٍّ لتوسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

شعرَ العرب لفترةٍ طويلة أنَّ الولايات المتحدة تعمل لتأمين مصالحها الخاصة ومصالح حلفائها من القادة العرب على حسابِ مصالح المواطنين العاديين – حتى عند سعي المواطنين العرب بشكلٍ أكبر إلى دعم جهود الديموقراطية ومكافحة الفساد. بالإضافة إلى ذلك، قد لا تكون المواجهة الإيرانية-الإسرائيلية المقبلة استعراضية مثل تلك التي وقعت في نيسان (أبريل) 2024 وإنما مُدمّرة. ويجب على الولايات المتحدة العمل لكسب ثقة الرأي العام العربي لاحتواء إيران، ليس فقط بشكلٍ سريّ بل أيضًا من خلال سياساتٍ مُعلَنة شجاعة وفعّالة.

إن الوضعَ الحالي يُعرّضُ الولايات المتحدة للمخاطر ويفتح في الوقت عينه أمامها الفُرَص. لا يوجد في معظم الدول العربية قضية تُعادلُ قضية المغرب مع الصحراء الغربية. لكن حالة المغرب توضّح أنه عندما يشعر المواطنون العرب أنَّ الولايات المتحدة تقف من أجل مصالحهم، تُصبح أحكامهم أكثر إيجابية بشأنها. تتجاوز مخاطر الإخفاق في معالجة تراجع التأييد العربي للولايات المتحدة ما يحدث في غزة.

من دونِ تحوُّلٍ كبير في الدعم الأميركي لحرب إسرائيل، ومن دون تغييراتٍ ذكية في السياسة الأميركية لاحتواء الكراهية العربية المتزايدة تجاه الولايات المتحدة في المدى الطويل، سيواصل الفاعلون الآخرون –بما في ذلك الصين– محاولة إبعاد أميركا عن دور القيادة في الشرق الأوسط.

  • مايكل روبنز هو المدير والمحقق الرئيس المُشارك في “الباروميتر العربي”.
  • أماني جمال هي المؤسِّسة المشاركة والمُحققة الرئيسة المُشاركة في “الباروميتر العربي”، وعميدة كلية برينستون للشؤون العامة والدولية، وأستاذة إدواردز س. سانفورد للسياسة والشؤون الدولية في جامعة برينستون.
  • مارك تيسلر هو المؤسّس المشارك والمحقق الرئيس المشارك في “الباروميتر العربي”، وأستاذ صامويل إلدرسفيلد للسياسة في جامعة ميشيغان.
  • يَصدُرُ هذا التقرير بالعربية في “أسواق العرب” توازيًا مع صدوره بالإنكليزية في “فورين أفّيرز” الأميركية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى