إطارٌ للسلام

في تشرين الأول (أكتوبر) 2008، أصدرتُ كتاباً بالإنكليزية بعنوان “كيف تخطّط إيران لمحاربة أميركا والهيمنة على الشرق الأوسط” (How Iran Plans To Fight America and Dominate The Middle East)، وأهدته دار النشر الأميركية “أوتور هاوس” إلى بعض المسؤولين الأميركيين المهتمين بشؤون الشرق الأوسط ومرشحَي الرئاسة الأميركية في حينه السيناتور باراك أوباما والسيناتور جون ماكين.
بعد أسابيع على فوز الأول بالبيت الأبيض في تشرين الثاني (نوفمبر)، إتصل بي الناشر، وكنت لا أزال في واشنطن، ليبلغني بأن الرئيس المُنتَخَب أرسل رسالة شكر يقول فيها بأنه قرأ كتابي وإهتم بكل ما جاء فيه، وأكثر ما لفته كان الفصل الأخير وما أدعو إليه فيه.
ماذا في الفصل الأخير من كتابي؟
بالمختصر المفيد: حان الوقت لتقارب أميركي – إيراني لإعادة السلام في الشرق الأوسط ويجب أن تكون الديبلوماسية هي الوسيلة، وإلّا فالمنطقة مُقبلة على ما لا يُحمَد عقباه.
بعد 7 أعوام على هذا الكلام تحققت إحدى الخطوات التي دعيتُ إليها حيث وقّعت مجموعة 5+1 للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن، الى ألمانيا، إطار إتقاق نووي مع إيران سيتبعه إتفاق نهائي متوقع في حزيران (يونيو) المقبل.
ويبدو أن الرئيس أوباما يريد الإستفادة من الطريق الديبلوماسي الذي إتبعه إلى أقصى الحدود، لعلّه يستطيع أن يحقق عبر إيران ما عجز عن تحقيقه عبر إسرائيل، السلام في الشرق الأوسط؛ لذا فقد أعلن أنه سيتم قريباً دعوة قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى “كامب ديفيد” للبحث في سبل تعزيز التعاون الأمني في وقت تسود النزاعات الإقليمية في المنطقة، حيث من المتوقع أن يتناول هذا الإجتماع “القضايا الجوهرية التي تُقلق القادة في الخليج، ولن يكون ممارسة سطحية شكلية”، على حد قول مسؤول أميركي لي.
من الواضح أن أطرافاً عدة كانت في البداية تُعارض أي إتفاق نووي محتمل، قد بدأت تتقبّل الفكرة ولو بشروطً، ربما لأنها أدركت أنه قد يكون لها فوائدها.
حتى بنيامين نتنياهو الذي حاول المستحيل لعرقلة أي تفاهم نووي مع إيران توقّع بأن أي إتفاق نهائي يجب أن يتضمن الإعتراف بإسرائيل، وبهذا يبدو على الأقل قد وصل إلى قناعة بأن الإتفاق سيحدث.
من جهته يتحدث الرئيس الإيراني حسن روحاني عن إمكانات فوائد الصفقة، ليس فقط لبلاده، ولكن للمنطقة؛ وقال بأنها سوف تكون إستهلالاً لحقبة جديدة من الإحترام المتبادل بين الدول. لذا من المهم أن يقف قادة المنطقة حقاً وراء هذه الفكرة، وإتخاذ القرارات اللازمة والمناسبة لتحقيق الإستقرار في المنطقة، في الوقت الذي تبدو أنها في أمس الحاجة إليه أكثر من أي وقت مضى.
قبل زيارتهم إلى كامب ديفيد، يجب على قادة دول الخليج الإتفاق على موقف موحّد للعمل على ضمان ما هو أفضل، ليس فقط بالنسبة إليهم، ولكن لبقية دول الشرق الأوسط، وفي نهاية المطاف، للعالم الأوسع. وإذا لم تحصل هذه التغييرات الجديدة، فإن الجهود التي بُذلت للوصول إلى الإتفاق النووي الإيراني كانت من أجل لا شيء.

كابي طبراني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى